يشهد معرض العسل المنظم بحديقة التجارب في الحامة إقبالا كبيرا من قبل الزوار، علما أنه سيدوم إلى غاية يوم السبت القادم. ومن خلاله سيتعرف المواطن الجزائري على الأنواع المتعددة من العسل الطبيعي، وكيفية استهلاكها، باعتبار أن عملية العرض يشرف عليها منتجو العسل الذين يقدمون كل معلومة يحتاجها الزبون قبل عملية البيع. جاء معرض العسل في طبعته الخامسة، حيث أن جمعية مربي النحل لولاية الجزائر ضربت عصفورين بحجر واحد، من خلال اختيارها حديقة التجارب بالحامة في الجزائر العاصمة مكانا لعرض واحد من المنتوجات الطبيعية المليئة بالأسرار، إنها مادة العسل التي تختلف فيها الألوان والأذواق، لتكون بدورها شفاء للناس. أكد شعبان شاوش سعيد، نائب رئيس جمعية مربي النحل لولاية الجزائر، في تصريح خص به "الفجر"، أن معرض العسل أصبح فرصة للمنتجين والمستهلكين على السواء، فأولاهم فتح المجال لعرض المنتوج، والمستهلك أزيحت عنه غشاوة جهله بالأنواع العديدة للعسل الطبيعي وكيفية استهلاكها وفقا لحالته الصحية. ليشير ذات المتحدث أن المعرض الذي سيدوم إلى غاية يوم السبت 27 أوت، سيتخلله نشاطات مرتين في الأسبوع، برمجت يومي 23 و25 من ذات الشهر، من الساعة 9 إلى ال11 صباحا. النشاط عبارة عن تكوين حول تربية النحل، موجه لجميع الراغبين في ذلك، كما تنظم مسابقة للتلاميذ الذين يحضرونه، وتتمثل في أسئلة تكون أجوبتها كتابية، وبعد عملية التصحيح يُعلن عن أسماء الفائزين الذين تقدم لهم هدايا تقديرية، وذلك يوم السبت القادم آخر يوم من أيام المعرض. كما ستنظم محاضرة حول تربية النحل، خاصة من ناحية دور النحلة وأهميتها في الطبيعة، بصفتها جزءا من التنوع البيولوجي الذي يحقق توازنا طبيعيا ويمنح انتاجا فريدا. وأشار شعبان شاوش سعيد إلى أن الجمعية تقدتم الجديد في كل معرض تنظمه، فالمعرض الجاري يتجاوز الطابع التجاري، من خلال الدورات التكوينية والمحاضرة المذكورين سلفا، وذلك حتى يتبنى المواطن الجزائري ثقافة استهلاك العسل. كما أنه وبفضل المعارض التي نظمت سابقا، أصبح للزبون دراية بالأنواع المتعددة للعسل الطبيعي، ويبحث عن النوع الذي يحتاجه حين يتقدم للشراء، وهذا تقدم ملحوظ في الوعي بأهمية هذه المادة الطبيعية، مقارنة بالسنوات الفارطة، والأمر راجع لكون عارضي العسل بجميع المعارض المنظمة من قبل الجمعية هم منتجون، لأنهم يركزون على تقديم المعلومة الوافرة للمستهلك قبل شراء العسل. تطرق ذات المتحدث في معرض حديثه إلى مشكل التسويق، الذي يعاني منه المنتجون، حيث قال أن "أغلبهم لا يملكون محلات لبيع انتاجهم، لتكون هذه المعارض فرصة لهم، حتى نثمن مجهودهم ويعززوا انتاجهم". وأشاد شعبان شاوش سعيد بالإقبال الكبير للعنصر النسوي على تربية النحل، والذي أثبت قدرات عالية في هذا المجال الذي كان حكرا على الرجال، كما أنهن ارتقين لدرجة المنافسة، فهن يقمن بجميع المراحل، وأصعبها عملية نقل الخلايا من منطقة إلى آخرى، فمربيات النحل بمدينة الجزائر بإمكانهن التنقل إلى بشار من أجل الانتاج النوعي وهو الأمر الذي جعل معرض العسل يعرف تنويعا في العرض، والذي نظم بحديقة التجارب سيتعرف فيه المواطن على 8 أنواع، من قبل 15 عارضا من أربع ولايات وهي تيزي وزو، بومرداس، تيبازة والبليدة. "زهور"، "منال".. نحالات ماهرات التقت "الفجر" في تغطيتها لفعاليات معرض العسل عددا من النسوة النحالات المنتجات، واللواتي اخترن هذه المهنة رغم مشقتها، إلا أن لها من المتعة والفائدة ما تجعل المنخرط فيها لن يجد مفرا منها. تقربنا من "دميل زهور" نحالة منتجة للعسل الطبيعي، وحاولنا معرفة السبب الذي جعلها تختار هذا المجال، لتقول لنا "أملك عدة ديبلومات في مجالات أخرى، لكني لم أفكر يوما أن أكون نحالة. وباعتبار أنني من عائلة تمارس مهنة النحالة من بينهم جدي، كانت لدي رؤية وفكرة مسبقة حول الميدان، وبعد تراجع ممارسة النحالة بمنطقة أجدادي وهي أزفون، ارتأيت أن أواصل المشوار رفقة أخي سنة 2004، كما أن المنطقة جبلية ساحلية تتمتع بتنوع طبيعي وبيولوجي مثير للاهتمام. لكن إقبالي في البداية تخلله نوع من التردد، حول كيفية نقل الصناديق من منطقة لأخرى، لكن بعد أن طرحت فكرة ممارسة النحالة على العائلة وجدت من استحسن الأمر، وهو ما جعلني أمارسها بأريحية بعد ذلك، لأني رفقة أقاربي... وهكذا أصبحنا نتنقل إلى ولايات الجنوب". من ناحية التكوين وثقافة التعامل مع النحلة قالت دميل زهور "الخلفية الثقافية حول المجال، والتي وفرتها لي العائلة كان لها دور كبير في انطلاقتي، كما أنني كثيرة القراءة والتصفح حول عالم النحلة، وتعتبر كلها الأساس في عملي، لكن وجدت نفسي بحاجة إلى تعلم التقنيات، فواصلت دراستي بمعهد التكوين الموجود في بابا علي، وتحصلت على ديبلوم، وبعدها اتصلت بجمعية مربي النحل لولاية الجزائر، التي منحتني دعما معنويا كبيرا، وانخرطت فيها، لتكون لي دعما وتمنحني فرصة عرض انتاج العسل". غير بعيد عن"زهور" التقينا ب"منال" والتي تمثل "النحلة التلية" عبر العسل الذي قامت بعرضه، لنستوقفها لحظة كونها كانت رفقة أختها تسهبان في الشرح للزبائن حول العسل. لتقول لنا "وجدنا آباءنا يتوارثون مهنة النحالة، لكني لم أكن مهتمة بهذا المجال، فدرست تخصصا أكاديميا، ونظرا لعدم حصولي على منصب عمل حسب تخصصي، انخرطت كمساعدة في تربية النحل رفقة عائلتي، وكان كل ذلك بشكل سطحي، لكن بعد تعلقي بعالم النحلة الذي يعلم الإنسان الانضباط والدقة في العمل وغيرها من الأسرار العظيمة التي أبهرتي من هذا المخلوق، لم أستطع الاهتمام بغير ذلك، فقمت بتكوين خاص حول تربية النحل، وأصبحت أمارس النحالة بصفة رسمية ودائمة". وفي الأخير تؤكد منال أنها في بداية المشوار، وزملاؤها يعتبرون دعما مهما، لمنحها الخبرة والمعلومات اللازمة لتذليل الصعاب. كما أن الهدف من هذه المعارض هي توجيه المستهلك نحو نوع العسل الذي يجد فيه الشفاء والفائدة الصحية حسب وضعه الصحي، لأن المعلومة تسبق الاستهلاك.