كشفت احصائيات الجمارك عن المبالغ "الضخمة" التي اعتمدت في استيراد الذهب، والتي بلغت 3.6 مليار دج في الثلاثي الأول من سنة 2013. لتتورط أطراف في تهريب العملة تحت غطاء استيراد الذهب، وضرب الخزينة العمومية وقتل حرفة الصياغة. على هذا الأساس يطالب المكتب التنفيذي لولاية الجزائر للصياغين السلطات، بضرورة التحرك لاحتواء الوضع، وارجاع ما نسبته 70 بالمائة من الصياغين إلى مناصب عملهم، بعد أن أحيلوا على البطالة. دعا المكتب التنفيذي لولاية الجزائر للصياغين، السلطات المعنية بضرورة الحراك ووقف "الفساد" الذي طال حرفة الصياغة، وتمت المراسلات تحديدا إلى شخص كل من المدير العام لمفتشية الضمان، المدير العام لمصلحة المراقبة الاقتصادية وقمع الغش، المدير العام لمديرية الضرائب، ووزير المالية، والمدير العام لمديرية الضرائب بذات الوزارة، ووزير العدل، ووزير التجارة، والوزير الأول. جاء هذا نظرا للخطر الذي تعيشه مهنة الصياغة، كونها مهددة بالانقراض، بسبب أن ما نسبته 70 بالمائة من الحرفيين في مجال الصياغة تخلوا عن المهنة في السنوات الأخيرة حسب ما صرح به ممثل الحرفيين ل "الفجر"، وأكده المكتب التنفيذي للصياغين لولاية الجزائر عبر وثيقة تملك "الفجر" نسخة منها. استنادا إلى ما أفادنا به المكتب التنفيذي لولاية الجزائر للصياغين، والمنضوي تحت لواء الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، فإن احصائيات الجمارك سجلت استيراد 3.6 مليار دج من الذهب في ظرف ثلاثة أشهر الأولى من سنة 2003، أي الثلاثي الأول من السنة، وما تم استيراده خلال هذه الأخيرة يفوق أربع مرات ما استورد في خمس سنوات من 2007 إلى 2011، ومواصلة الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى احتمال استيراد ما قيمته 14 مليار دج، أي 1400 مليار سنتيم، وهو رقم "ضخم" لا يجب غض الطرف عنه. من إرهاب العشرية السوداء إلى الإرهاب الإداري ضاق الاقتصاد الوطني ذرعا من الضربات المتتالية على كاهله، نظرا للأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر سنوات التسعينات، لتعيش الصناعات المحلية تذبذبا وتراجعا كبيرا، وتلقي بظلالها على أهل الحرف. والأخطر من ذلك أن بارونات الاستيراد يملكون الملايير، والغريب في الأمر أنهم أصبحوا يصنعون قوانين هذه الحرفة، بعد أن كان الحرفي نفسه هو من يتحكم في زمام الأمور. يرى المكتب التنفيذي لولاية الجزائر للصياغين أن هناك سببين لتدهور حرفة الصياغة، أولاهما احتكار مهنة الصياغة من طرف أصحاب رؤوس أموال ضخمة ومشبوهة، وثانيهما تواطؤ بعض الإداريين الفاسدين مع أصحاب رؤوس الأموال على حساب الحرفي البسيط، حيث يؤكد ذات المصدر أن هناك تزاوج بين أصحاب المال وبعض الإداريين الفاسدين، ويتضح ذلك جليا في كون فئة قليلة تمون السوق، لتفرض قوانينها وفق مصلحتها، لتجاريها الإدارة كذلك للأسف الشديد. تواطؤ هذه الأخيرة يكمن خاصة في منح أغلبهم اعتماد استيراد الذهب، ما أدى إلى استيراد حوالي 2000 كلغ من الذهب المصنوع في غضون سنة واحدة، حسب ما صرح به أحد ممثلي مستوردي الذهب، علما أن عدد المستوردين قليل. ناهيك عن التناقض الذي تتعامل به الدولة في هذا المجال، فمن جهة تمنح الشباب قروضا عبر "أونساج/ كناك" من أجل الاستثمار في صناعة الذهب والقضاء على البطالة، ومن جهة أخرى تفتح المجال لاستيراد الذهب، ليجد المستثمرون المحليون صعوبة في تسديد ديونهم بسبب المنافسة غير الشريفة. أشار التقرير الذي كشف عن عمليات الاستيراد "المافيوية"، أن 80 بالمائة من الذهب المستورد يأتي من الإمارات، ليطرح السؤال عن كيفية تمكن بلد الإمارات من امتلاك صناع وحرفيين مؤهلين أكثر منه على الجزائر؟ حرفة الصياغة في طريقها إلى الانقراض تسبب المستوردون، أصحاب الأموال الطائلة والمشبوهة، في ضياع واحدة من الحرف، التي كانت تعج بفضلها أزقة القصبة بالورشات والصياغين، على غرار مناطق أخرى من الوطن، حيث كانت الصياغة حرفة تتوارث وتلقن للأجيال بكل صرامة، كما أن كثيرا من الحلي المحلية تميز المجتمع الجزائري عن باقي المجتمعات، ليهددوا باستيرادهم جانبا مهما من موروثنا بالانقراض، ويحيلوا عددا كبيرا من الصياغين إلى البطالة، باعتبار أن كثرة محلات بيع التجزئة لا تبشر بالخير، لأن أغلب ما يعرض فيها من ذهب مستورد. يؤكد المكتب التنفيذي لولاية الجزائر للصياغين، أنه نظرا للأوضاع المتردية، فإن كثيرا من الحرفيين تركوا مهنة الصياغة نهائيا، هؤلاء الذين يتقنون صناعة الذهب بفن ومهارة، ويبيعونه لمحلات التجزئة، لأن الحرفة أصبحت لا تضمن قوتهم. والأسوء من ذلك، أن البعض منهم اضطر للخضوع لاحتيال واستغلال محتكري المهنة، لأن أغلب الحرفيين لا يتقنون الأمور الإدارية، ليتم استغلال اسم الحرفي بعدها في فاتورة البضاعة المستوردة، فيبيضون بضاعتهم أمام السلطات، ليبيض أصحاب الأموال المشبوهة أموالهم كذلك، ويقع الحرفي في فخهم بعدها، من خلال المتابعة من مصلحة الضرائب بدلا عنهم، حيث ينتهج المستوردون طرقا "شيطانية" عديدة، فهم يسجلون بضاعتهم باسمه على أساس أنه اشتراها منهم، والبضاعة في حقيقة الأمر تكون قد بيعت إلى شخص آخر صاحب مال ولم تسجل باسمه، حتى يتهرب من الضرائب، أو أنها بيعت بصفتها ذهبا مستعملا، أو يتم إعادة البضاعة للمورد حتى يقبض الفارق بالعملة الصعبة وتسجل على أساس أنها بيعت، حتى يقبض ثمنها على الفور وهذا كله كسر للصناعة المحلية بتواطؤ جهات عديدة. ونظرا للأوضاع المتردية في حرفة الصياغة التي تأزمت وبلغت ذروتها، فإن المكتب التنفيذي للصياغين لولاية الجزائر يطالب بفتح تحقيق حول المستوردين محتكري الحرفة، والذين استنزفوا خزينة الدولة بتهريب العملة والتهرب من الضرائب، وكذا استغلال الحرفيين البسطاء بعد تفقيرهم. أيضا المطالبة بتفعيل جهاز المراقبة لمصلحة الضمان، حتى تبيع محلات التجزئة ذهبا مطبوعا، لأنهم يتجرؤون ويبيعونه غير مطبوع ومن دون خوف. ويطالب المكتب بتفعيل جهاز الرقابة في جميع المستويات حتى لا تحتكر فئة قليلة هذه المهنة. كذلك من الضروري تشجيع التصدير ومنع الاستيراد، من أجل فتح مناصب الشغل.