كشفت نتائج دراسة دولية جديدة مبنية على استطلاع للرأي شمل عينة من 65 ألف شخص من 67 دولة من مختلف أنحاء العالم، أن 4.6 بالمائة من الجزائريين لا يثقون في اللقاحات، وبالتالي يحرمون أطفالهم من أخذ جرعاتهم المحددة منذ الولادة. يعرّض بعض الأولياء أطفالهم لمخاطر عديدة بسبب ما صنفته الدراسة ضمن المفاهيم الخاطئة الناتجة عن الجهل، والدراسات المغلوطة، وبعض الحالات الشاذة التي تسببت في هلاك رضّع وأطفال بسبب اللقاحات. قد يتصور البعض أنه من غير الممكن أن يتخلى الآباء في الوقت الذي نعيشه عن تلقيح أبنائهم من الرضع والمواليد الجدد، بعد التطور الحضاري الذي يعيشه العالم والمستوى التعليمي الذي ينعم به المواطن بما في ذلك الجزائري، غير أن الأرقام الصادمة التي نشرتها دراسة لندنية حديثة، جعلت الجزائر في المرتبة الثانية عربيا من حيث عدم ثقة مواطنيها في اللقاحات، حيث أن 4.6 من الآباء في الجزائر لا يثقون في اللقاحات والتطعيمات، بعد المغرب الذي يعزف 5.7 من مواطنيه عن اللقاحات، ولبنان الذي تمثل نسبة هؤلاء 12.5 بالمائة، حسب الدراسة التي أعدها الباحثون في مؤسسة vaccine confidence project بالتعاون مع ”imperial college ” اللندنية إلى جانب عدد من الفرق البحثية من فرنسا، تم العمل عليها من العام الماضي، وتم نشر نتائجها نهاية الأسبوع الماضي في عدد هذا الشهر من مجلة ”EBio Medicine”، وهي الدراسة التي تعتبر الأهم والأكبر من نوعها في مجال استطلاعات الرأي بخصوص التلقيح. وقد اعتبرت الدراسة أن هذه الأرقام مفزعة، خصوصا إذا ترجم على أرض الواقع بالنسبة للقاحات الخاصة بالمواليد الجدد. ففي حال لم يكن آباء هؤلاء المواليد يثقون في فعالية التلقيح سنجد أنفسنا أمام الآلاف من الأطفال الذين قد يحرمون من التلقيح، مرجعة السبب إلى الجهل بأهمية اللقاح ”الذي يعتبر من أهم إنجازات الإنسانية” يدفع كثيرا من الناس إلى الاستغناء عنه، خصوصا أنهم ”لم يعاصروا انتشار عدد كبير من الأوبئة الخطيرة التي أصبحت شبه منعدمة بفضل التلقيح”. ولا يعتبر الجهل لوحده سببا في انخفاض نسبة ثقة الناس في التلقيح، فحسب الدراسة ذاتها هناك أيضا أسباب ”علمية” تقف وراء عدم ثقة البعض في التلقيح، لاسيما أن بعض الدراسات أسهمت في انتشار ”عدد من المغالطات”، على غرار دراسة أنجزت سابقا في فرنسا كشفت أن التلقيح الخاص بالتهاب الكبد الفيروسي يتسبب في التصلب الصفيحي الذي يصيب الجهاز العصبي. كما توجد أبحاث أخرى تحمل التلقيح مسؤولية التسبب في أمراض مختلفة كالتوحد. وبالرغم من أن العديد من هذه الدراسات لم تثبت نتائجها بعد، إلا أنها تؤثر بشكل كبير في ذهنيات الناس. كما أن بعض الأخطاء الطبية قد تكون بدورها سببا في انتشار أفكار مغلوطة حول فعالية التلقيح والتخوف منه، من قبيل عدم تخزين اللقاحات بالشكل الصحيح، ما يؤدي إلى فسادها، وبالتالي تسببها في مشاكل صحية في حال استعمالها، خاصة إذا تم الاستناد إلى الأخطاء من ذلك القبيل للحكم على فعالية التلقيح من عدمها، على غرار الحادثة الأليمة التي هزت الرأي العام الجزائري، والتي راح ضحيتها رضيعان بعد تلقيهما لقاحا بعيادة خاصة في العاصمة.