طالما كان الزواج ودخول القفص الذهبي هو حلم أي فتاة، وطالما كان الطلاق و الإنفصال هو كابوس أي واحدة منهن، فهذه هي الذهنية المتعارف عليها والمسلم بها عبر عدة عقود من الزمن وعند أي فتاة مهما كانت ثقافتها، وهي العقلية التي خرجت عنها بعض الفتيات اللواتي أصبحن يسعين لدخول القفص الذهبي بهدف واحد وهو الطلاق والحصول على لقب مطلقة، وكذا الحصول على الدفتر العائلي، ضاربات عرض الحائط كل القيم الدينية والعائلية.. ليست ظاهرة من نسج الخيال، بل هي حقيقة من وحي واقعنا، أبطالها نسوة خططن للخلع قبل زواجهن حيث تجدهن، يلفقن تهما باطلة لأزواجهن من أجل التهرب من العدالة وطلب الخلع، وأخريات يتخاصمن وينسخن حكايات لا وجود لها في أرض الواقع ويطلبن من أزواجهن الخلع دون وجود أي سبب. من بين الأسباب التي تختلقها الزوجات لطلب الخلع مثلا، إصرار الزوجة على الحصول على رخصة قيادة أو سيارة معينة، أوهدية ثمينة كالتي نالتها صديقتها من زوجها، بالإضافة إلى خلافات حول السفر ومكان قضاء الإجازة، حيث تصر الزوجة على تمضيتها في بلد زارته صديقتها، في حين يعترض الزوج لعدم توفر تكاليف الرحلة. ويبدو أن للمسلسلات والأفلام لعبت دور كبير في تغيير مفاهيم مؤسسة الزواج، فهذه الأحلام الوردية والأحاديث الرومانسية التي تطرح في الأفلام تنتظرها المرأة من زوجها، وإن لم يفعل طلبت الطلاق أو الخلع.
بعد الزواج طلبت مني الخلع دون سبب! ياسين.. شاب في العقد الثالث من العمر، صادفناه بمحض الصدفة بأروقة المحكمة في طابور استخراج حكم الطلاق، وبعد أن جلس بالقرب منا بلحظات قليلة راح يروي لنا حكايته مع زوجته التي خلعته دون أي سبب يذكر، وعلامات الحزن بادية على وجهه، بعد أن جمعته معها علاقة غرامية عمرها سنتان كاملتان، حيث لم يكن يعلم حينها بنيتها وراء الإرتباط به وبمخططها من وراء ذلك، فمباشرة بعد مرور 7 أشهر على زواجهما طلبت منه الخلع ودون سبب لم يتمكن لفهمه لحد الساعة، وراح يتذكر معنا الأيام التي أمضاها برفقتها، حيث اعتبرها أياما جميلة، والتي بقيت راسخة في ذهنه قائلا:”أثناء أيام الخطبة كنا نعيش أياما جميلة ولم يكن لدي مشكل معها، فقد كانت خطيبتي لمدة سنتين و لم أواجه معها أي متاعب فقد كانت تطيعني في جميع الأمور إلا أنها فاجئتني بطلبها، والمتمثل في الطلاق بعد عودتنا من العطلة التي قضيناه بأحد دول أوروبا”، مؤكدا أن أكثر الأمور التي لم يتقبلها لحد الساعة هو عدم تمكنه من معرفة السبب الذي جعلها تطلب الطلاق، رغم أنه وفر لها شقة جديدة و سيارة وكل الأمور التي تحلم بها كل فتاة، مضيفا أنها اكتفت بقول إنها لم تعد تتحمل العيش برفقته وهو الأمر الذي جعله يدخل العديد من الشكوك في نفسه، مؤكدا أنها كانت تخطط للطلاق من قبل كونه لاحظ العديد من التغيرات في سلوكها ومعاملتها له، وفي الطريقة التي أصبحت تكلمه بها.
تتزوج من ابن عمها وتطلب الخلع للعودة إلى زوجها الأول دعت الزوجة عائشة من خلال قصتها إلى حل الخلافات الأسرية بعيداً عن ساحات المحاكم، مشددة على أهمية الصبر على الخلافات الزوجية خاصة في بداية الارتباط، حتى يتم التفاهم ويعرف كل طرف الآخر. وعن قصتها تقول: ”قبل أن يجتاز زواجي عامه الأول بدأت خلافات نتجت عنها أكثر من طلقة، وبعد الطلقة الثالثة سأل طليقها عن إمكانية استرجاعها في كل مكان، فقيل له لابد من أن يتزوجها رجل آخر، لأنها تعتبر مطلقةً طلاقا بائنا، فافترقا رغم الحب الذي يكنه كل منهما للآخر. بعد طلاق الزوجة الثالث رجعت إلى بيت أهلها، وتقدم لخطبتها أكثر من شاب لكن كانت دائما ترفض على أمل الرجوع لبيتها، أما الطليق فظل يبحث عن الحل وسافر إلى السعودية وغيرها من البلدان طلبا للمشورة الدينية عند أهل العلم، فكان الكل ينصحه بضرورة زواجها من آخر، وبعد يأسها ومرور 6 سنوات، قبلت الزواج من ابن عمها. وبعد 3 أشهر من الزواج بدأت تشتكي من زوجها الجديد، لم يصدقها أهلها ففضلت الصمت إلى يوم قررت كشف سره، حيث كان يضربها ضربا مبرحا، لم يصدقها أهلها، لكن آثار الضرب والكدمات على جسدها كذبت ظنونهم، لأنه كان يظهر في صورة المهذب الحنون، وقررت رفع دعوى خلع، وتم الحكم بذلك بناء على كشف طبي أثبت ما قالته. وبعد رجوعها لبيت أهلها، قرر زوجها الأول إعادة طلب يدها فقبلت وعادت زوجته من جديد.
بُخل زوجها دفعها لطلب الخلع وتقول سيدة أخرى رفضت ذكر اسمها اكتفت بالكشف عن قصتها مع زوجها بعد سنوات من الزواج أنجبت خلالها 4 أولاد، قررت رفع دعوى خلع على زوجي، لأنه لا يريد تطليقي، كما أنني لم أستطع إِثبات الضرر الذي كان يلحقه بي وبأولادي، لأنه كان بخيلا لا ينفق على البيت، مع العلم أن دخله جيد. وتضيف: ”حاولت إخفاء معاناتي عن أسرتي وأولادي وعائلتي، لكن لم أستطع الاستمرار في الحال الذي تسبب لي في حالات نفسية وتراجع صحي، فهو بخيل إلى حد الاقتصار على الضروريات جدا، لذلك قررت رفع دعوى الخلع رغم استياء المحيطين بي، وتنازلت عن كل شيء، واستأجرت بيتا آخر، أعيش فيه اليوم وأنا أشعر براحة نفسية كبيرة”.
تطلب الخلع لأنه وضع طاقم أسنان لم تعتد على مظهر ابتسامته به هناك قصص كثيرة بها من الغرابة الكثير، تروى عن الخلع وأسبابه، فمن هذه القصص قصة سيدة رفعت دعوى خلع من زوجها بسبب تركيبه لطاقم أسنان بدل أسنانه الطبيعية التي تآكلت بفعل الزمن، لكن الظاهر أنها النقطة التي أفاضت الكأس، حيث كانت هناك مشاكل كثيرة قائمة نتيجة زواج غير متكافئ، حيث تقول (ش. س):”منذ البدايات الأولى للزواج كانت هناك مشاكل كثيرة بيني وبينه، فأنا أنتمي لأسرة راقية، اعتبرت النظافة جزءا أساسيا جدا في حياتها، وأنا أهتم بمظهري وأتطيب كثيرا”. وتضيف: ”درست في بريطانيا، وشغوفة جدا بالموضة، كنت أترقب زواجا مختلفا، لكن تدخل الأهل جعلني أقبل زوجي بعد التخرج، وبعد ذلك اكتشفت أنه سبق وتعرض لحادث سيارة وفقد على إثره مجموعة من أسنانه وتم تركيب طاقم أسنان، وأصبحت تصدر من فمه رائحة كريهة، كرهت عشرته ورفعت دعوى خلع في المحكمة وتنازلت عن كل شيء مقابل راحتي النفسية”. قضايا كثيرة ترتبط بالخلع وتحركه النساء من خلالها من قبيل الأشياء التي تؤدي إلى كره الزوجة لزوجها، ما يؤدي إلى استحالة العشرة فتطلب المرأة خلع زوجها. وفي هذا الصدد تقول نورة، التي تزوجت لقرابة سنة ثم أخبرت أهلها بالموضوع، ولكن أخفت القضية عن الناس تجنبا للإساءة. وصبرت سنة كاملة على هذا الحال، ولم تبح بسره أبدا لأي أحد حتى لأقرب الناس إليها، إلى يوم قررت رفع دعوى خلع”، وعندما عرف أهلها بالموضوع صعقهم الخبر، لكن قررت أن تتنازل عن كل شيء مقابل تخليص نفسها من هذا الموقف.
رجال القانون: ”لا يعاقب القانون على النوايا طالما لا وجود لدليل مادي” من أجل رؤية الجانب القانوني في الموضوع والعقوبة التي تترتب على المرأة التي تحاول النصب والاحتيال عن الزوج بغرض الزواج وتطلب الطلاق منه بعد ذلك، أجمع محامون في حديثنا معهم أنه لا يوجد نص قانوني يحمي هذه الفئة، وهناك فراغ قانوني ولا يمكن معاقبة المتهمة في حال عدم إثبات الضحية أن هذه الأخيرة كانت تنوي من قبل التحايل عليه، وأن قضية الزواج ليست إلا وسيلة قامت بها من أجل الوصول إلى غايتها وكانت نيتها عدم الاستقرار وبناء بيت زوجي.
علماء الدين:”هذا النوع من الزواج يعتبر باطلا” وأكد لنا علماء الدين، من خلال اتصال جمعنا معهم، أن هذا الزواج يعتبر باطلا وحرام، وأن أبناء هذا الزواج بنية الطلاق يعتبرون أولاد زنا، حيث الأصل في الزواج أن يكون بنية الاستمرار، وأن أي هدف غير ذلك من أحد الطرفين أو كليهما يخلق خللا في الزواج بما يجعله غير شرعيا، مضيفا أن الزواج بنية الطلاق، وهو يسميه العلماء والفقهاء زواج محرم شرعا ويرفضه العقلاء ويسمونه كذلك بالزواج المؤقت. ويعتبر هذا الزواج من أنواع الزواج المعاصر التي استحدث وابتدع لعدة ّأسباب، منها طغيان المادة وغياب الوازع الديني، وهو زواج خطير جدا لأنه يعتبر لعبا بأهم ركن من أركان الدين، وهو ميثاق غليظ متين لا يجوز اللعب به. واعتبر الفقهاء هذا النوع من الزواج بأنه زواج متعة وهو محرم.. قال ابن تيمية:”من تزوج امرأة إلى مدة فهو نكاح متعة”، وهذا الزواج لا تترتب عليه آثار الزواج الصحيح، فالأولاد يعتبرون أولاد زنا إن وقع بينهما جماع وحملت المرأة منه، وكذلك الرجل إذا توفي قبل فسخ هذا العقد الذي كان بنية الطلاق فالمرأة ليس لها الحق أن ترث من هذا الرجل الذي تزوجته متعة فقط.