دعت مجموعة من المختصات في الأكل التقليدي وجمعيات محلية، إلى إعادة الاعتبار للخبز التقليدي الجزائري بشتى أنواعه، والبحث في المزايا الصحية والطبيعية التي يجهلها المستهلك المحلي. نظمت، أول أمس، إدارة قصر رياس البحر أو حصن 23 بساحة الشهداء في الجزائر العاصمة، تحت إشراف جمعية مواهب وآفاق معرضا خاصا بالخبز التقليدي الجزائري، والذي كان في احتفال تحت عنوان ”خبز الدار ”. في هذا السياق، صرحت نصيرة دواقي رئيسة جمعية مواهب وآفاق، ل”الفجر”، أن الطبعة تعتبر الثانية من نوعها، حيث كانت الأولى بالمدية، باعتبار أن هذه الأخيرة متعودة على تنظيم يوم احتفال بالخبز التقليدي، ويعتبر ذلك جزءا من عاداتها السنوية. كما أن المعرض الذي نظمته الجمعية في بالمدية احتوى مسابقة للمشاركين، في حين أن معرض الطبعة الثانية بالعاصمة لم تنظم فيه مسابقة، بل تم التركيز على عرض أكبر قدر من أنواع الخبز التي تتمتع بها مختلف مناطق الوطن والتعريف به على بصفته ”الغذاء الأساسي”، كما أن تناوله يتم لفترات متعددة من اليوم، ولهذا يجب أن تكون مقادير صنعه طبيعية وصحية. جابت ”الفجر” معرض ”خبز الدار” الذي كان في إحدى ساحات القصر. فالعارضون مثلوا ولايات مختلفة تمثل بدورها التنوع الثقافي، حيث قالت نصيرة دواقي إن المعرض فرصة لاكتشاف ما تتمتع به الجزائر من تنوع في الخبز، من خلال تذوقه من قبل الزائرين، ومعرفة طريقة صنعه من طرف الصانع نفسه. كما يتعرف الزوار على فوائد كل نوع، لأن تستخدم لأغراض صحية، وهذا ما صرح لنا بعد أحد العارضين من ولاية المدية، حيث يتم تحضير نوع للمرأة في فترة ما بعد الولادة إذا انقطع عنها حليب الرضاعة، وغيرها من أنواع الخبز التي تزيد الحيوية والنشاط وتمنح الطاقة وتحمي من فقر الدم، التي اكتشفناها من عارضين من ولاية البويرة والجزائر العاصمة. ”الحنيونات”.. الخبز المرافق للعروس تذوقنا من أغلب ما حضرته الأنامل في ظل رحبة فناء حصن 23، لتسوقفنا بوقنداقجي فلة، من الجزائر العاصمة، مختصة في صناعة الخبز التقليدي والحلويات الشرقية، والتي تحدثت لنا عن خبز ”الحنيونات”، الذي يتم تحضيره للعروس زمن ذهابها للحمام، والذي يسمى ب”حمام لعروسة”، ويتم تسمية هذا الخبز كذلك ب”كعيكعات الحمام”، وبعد 14 يوم من زفافها، تحضر ”الحنيونات” كذلك لها، ويتم صنع كل قطعة في شكل سوار ويتم تزيينها ب”السانوج” أوحبة الحلاوة. ودعت السيدة فلة الجزائريات إلى التمسك بعادة عجن الخبز في البيت خاصة في المناسبات. واعتبر منظم معرض ”خبز الدار” ومدير حصن 23، بوعلام بلشهب، أن هذه التظاهرة هي احتفال ب”عيد الخبز” الذي ينظم سنويا بولاية المدية. وقد احتفلت العاصمة اليوم بهذه القيمة الغذائية بكل ما تحمله من معاني اجتماعية وثقافية واقتصادية أيضا، مضيفا أن المعرض سجل مشاركة 50 عارضا من جمعيات وربات بيوت ومختصات في الطبخ التقليدي بغرض الترويج لمحاسن خبز الدار الذي يبقى مرتبطا بالطبيعة. وترى فخارجي نبيلة، محضرة طعام ومنظمة مناسبات، أن الخبز التقليدي له ”مزايا عديدة يجهلها الكثيرون اليوم” وتأسفت ل”غياب” مؤسسات أوجمعيات و”تروج” لمحاسنه، مشيرة إلى أن أهم ما يميز خبز الدار هي طريقة تحضيره التي لم تكن تتميز ”بالاستعجالية” بل كان ينجز ”بروية” يحترم فيه وقت التخمر. وقبلها كان الخبز يعجن جيدا في ثلاث مراحل في بعض الأحيان، أي ما يكفي لاختلاط المكونات وتفاعلها فيما بينها. وعن مكونات الخبز المحضر منزليا أوضحت أنها غنية ومتنوعة، على غرار حبة الحلاوة وزيت وعجينة الزيتون والطماطم والأعشاب العطرية والثوم والنعناع وغيرها. الخبز التقليدي غير مضر بالقولون ولا يسمن وتتفق الشيف لخضاري سامية من الجزائر العاصمة مع رأي السيدة فخارجي، حيث تقول إن خبز الدار اقتصادي، حيث يحتفظ بطراوته لأسبوع كامل لخلوه من المحسنات الغذائية. وذكرت لخضاري، المختصة في الطبخ العصري والتقليدي، في سياق حديثها، أنواعا من الخبز مثل ”أغروم دي لحوال” الغني بعشبة الفليو والنعناع، و”المدفونة” المصنوعة من لحم القديد والسلق، وكذا ”الخبز المتوسطي” أوما يعرف بالفوقاس الإيطالي، وهي تشكيلة ”غير مضرة بالقولون ولا تسمن أيضا”. مشكل التسويق يقف أمام رواج الخبز التقليدي طرحت رئيسة جمعية الأصابع الذهبية بالمدية، بوزريعي عائشة، مشكل التسويق الذي يعتري يوميات كثير من النسوة اللائي يعتمدن على هذه الصنعة كمصدر رزق، وتقول إن الجمعية تقدمت بعروض لمساحات تجارية كبرى لعرض تشكيلة من خبز الدار، معترفة بصعوبة إقناع أصحاب هذه المساحات بأهمية الترويج للخبز الجزائري المتنوع، والذي لا يمكن حصره في المطلوع والكسرة أو المحاجب أو غيرها من العجائن. الخبز يرتبط بالمناسبات السعيدة تقول الطاهية قهواجي آمال، من جهتها، إن للخبز معان اجتماعية وثقافية، كما هو الحال مع ”ڤرصة أولاد الجاج” التي يحتفل بها الجزائريون في مناطق عدة برأس السنة الأمازيغية المصادفة ل 12 يناير، وتؤكد أن الخبز كان في ثقافة الأجداد مرادفا ”للأمل في المستقبل”. وبدورها تربط أسر ولاية المدية خبز الدار بالمناسبات السعيدة.. تقول السيدة نفيسة دهلوك، بصفتها ربة بيت: ”تعلمت منذ الصغر كيفية تحضير خبز العروسة الذي يعتمد على نكهات الليمون والبرتقال والزهر. وتفتخر دهلوك بغنى ولايتها بشتى أنواع الخبز كخبز ”الحرشة” و”المدلوك” و”المطلوع” و”خبزة الزيت” و”المادو” الذي يطهى خصيصا داخل الفرن التقليدي، إضافة إلى الكعك المحضر ليوم ختان الطفل لا غير”. أما صانعة الخبر قاموم غنية، من دلس، فأكدت أنها قدمت اليوم 10 أنواع من الخبز فقط بينما تكتنز منطقتها أكثر من ذلك بكثير، وثمة أذواق لا يعرفها المستهلك الجزائري مثل ”محكوكة تشلبانت” المصنوعة من قشور الزيتون و”الحناين” و”محكوكة النعناع” و”الشواط” التي تعتمد على البطاطا كمادة أساسية.