دعت مجموعة من المختصات في الأكل التقليدي وجمعيات محلية إلى إعادة الاعتبار للخبز التقليدي الجزائري بشتى أنواعه والبحث في المزايا الصحية والطبيعية التي يجهلها المستهلك المحلي، وذلك بمناسبة تظاهرة خبز الدار المنظمة بالعاصمة. وترى الكثير من المختصات في المطبخ التقليدي، أن الخبز التقليدي الجزائري تراجعت مكانته في السوق الوطنية على حساب الخبز العصري، رغم المزايا الصحية والطبيعية التي تميز خبز الدار ، حسب المشاركين في عيد الخبز المنظم بقصر رياس البحر بالعاصمة. واعتبر منظم معرض خبز الدار ومدير حصن 23 ، بوعلام بلشهب، أن هذه التظاهرة هي احتفال ب عيد الخبز الذي ينظم سنويا بولاية المدية. وقد احتفلت العاصمة بهذه القيمة الغذائية بكل ما تحمله من معان اجتماعية وثقافية واقتصادية أيضا، وأضاف أن المعرض سجل مشاركة 50 عارضا من جمعيات وربات بيوت ومختصات في الطبخ التقليدي بغرض الترويج لمحاسن خبز الدار ، الذي يبقى مرتبطا بالطبيعة السليمة وفوائدها الجمّة لصحة الإنسان. وترى فخارجي نبيلة، محضّرة طعام ومنظمة مناسبات، أن الخبز التقليدي له مزايا عديدة يجهلها الكثيرون اليوم، وتأسفت ل غياب مؤسسات أو جمعيات تروج لمحاسن تلك القطع اللذيذة التي كانت أمهاتنا تحضرها بحب لكامل أفراد الأسرة . وأشارت فخارجي إلى أن أهم ما يميز خبز الدار هي طريقة تحضيره التي لم تكن تتميز بالاستعجالية، بل كان ينجز بروية، يحترم فيه وقت التخمر. وقبلها، كان الخبز يعجن جيدا في ثلاث مراحل، في بعض الأحيان، أي ما يكفي لاختلاط المكونات وتفاعلها فيما بينها. وعن مكونات الخبز المحضّر منزليا، أوضحت المتحدثة، أنها غنية ومتنوعة، على غرار حبة الحلاوة والزيت وعجينة الزيتون والطماطم والأعشاب العطرية والثوم والنعناع.. وغيرها. وتتفق الشيف لخضاري سامية من الجزائر العاصمة، مع رأي جارتها في المعرض السيدة فخارجي، حيث تقول أن خبز الدار اقتصادي بحيث يحتفظ بطراوته لأسبوع كامل لخلوه من المحسنات الغذائية. وتذكر لخضاري، المختصة في الطبخ العصري والتقليدي في سياق حديثها، أنواعا من الخبز مثل أغروم دي لحوال الغني بعشبة الفليو والنعناع و المدفونة المصنوعة من لحم القديد والسلق وكذا الخبز المتوسطي أو ما يعرف ب الفوقاس الإيطالي وهي تشكيلة غير مضرة بالقولون ولا تسمن أيضا. وتطرح رئيسة جمعية الأصابع الذهبية بالمدية، بوزريعي عائشة، مشكل التسويق الذي يعتري يوميات الكثير من النسوة اللائي يعتمدن على هذه الصنعة كمصدر رزق، وتقول أن الجمعية تقدمت بعروض لمساحات تجارية كبرى لعرض تشكيلة من خبز الدار . واعترفت بوزريعي بصعوبة إقناع أصحاب هذه المساحات بأهمية الترويج للخبز الجزائري المتنوع والذي لا يمكن حصره في (المطلوع) و(الكسرة) أو (لمحاجب) أو غيرها من العجائن واسعة الرواج في المدة الأخيرة. وتقول الطاهية قهواجي آمال، من جهتها، أن للخبز معان اجتماعية وثقافية كما هو الحال مع قرصة أولاد الجاج ، التي يحتفل بها الجزائريون في مناطق عدة برأس السنة الأمازيغية المصادفة ل12 جانفي وتؤكد أن الخبز كان في ثقافة الأجداد مرادفا للأمل في المستقبل. وبدورها، تربط أسر ولاية المدية خبز الدار بالمناسبات السعيدة، تقول نفيسة دهلوك، بصفتها ربة بيت تعلمت، منذ الصغر، كيفية تحضير خبز العروسة الذي يعتمد على نكهات الليمون والبرتقال والزهر، وتفتخر دهلوك بغنى ولايتها بشتى أنواع الخبز كخبز (الحرشة) و(المدلوك) و(المطلوع) و(خبزة الزيت) و(المادو)، الذي يطهى خصيصا داخل الفرن التقليدي إضافة إلى (الكعك) المحضّر ليوم ختان الطفل لا غير. أما صانعة الخبر، قاموم غنية، من ولاية دلس، فأكدت أنها قدمت 10 أنواع من الخبز فقط، بينما تكتنز منطقتها أكثر من ذلك بكثير، وثمّة أذواق لا يعرفها المستهلك الجزائري مثل (محكوكة تشلبانت) المصنوعة من قشور الزيتون و(الحناين) و(محكوكة النعناع) و(الشواط) التي تعتمد على البطاطا كمادة أساسية.