فصول متناثرة من الذاكرة يحاول جمعها الملحن الكبير سعيد الطاير لاسترجاع موهبته التي فقدها جراء حادث سير، رحلة سيكولوجيا يرويها الفيلم الروائي الطويل المغربي ”ميلودي المورفين” طيلة ساعة وعشرين دقيقة، ليدخل بذلك منافسة الطبعة الثانية من مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي. بعد أن كان يعيش حياة مجد، شهرة، ونجاح، تنقلب حياة سعيد رأسا على عقب بعد الحادث المأساوي الذي أفقده موهبته وذاكرته، فيجد نفسه في الحضيض، هنا يبدأ رحلته بين الأطباء والدجالين أملا في استرجاع إبداعاته، لكن دون جدوى... عودة أبيه الذي يعاني من مرض جعله دائم الصراخ، أنعشت فيه الماضي، وهدته إلى السبيل الذي كان منبع إلهامه، ومقاطعه الموسيقية التي حلقت به في سماء النجومية. بداية ”ميلودي المورفين” كانت بصوت الراوي الذي يسرد اسم أربعين مخدر، نكتشف بعد دقائق أن البطل يحاول الانتحار دون جدوى ويصف نفسه بالمنتحر المحترف، تتوالى لاحقا المشاهد المنفصلة التي تتبع دائما صوت الراوي، ليغوص المشاهد في المتاهة المشعبة لذاكرة سعيد الطاير، بالإضافة تدعم العمل بعدد من المشاهد التوثيقية سواء من أفلام قديمة كشارلي شابلين، ونشرات إخبارية، تظهر أحيانا كومضات في مخيلة سعيد المعطوبة. وعرج ميلوديا المورفين على دلالات أخرى أهمها علاقة النجاح بالألم، الصناعة الصيدلانية والاستثمار في المرض، وفشل الآخرين، كما نجح المخرج هشام في وضع حبكة منسقة، تتبع طريق صوت الراوي، رغم المشاهد المنفصلة، والمتناثرة في غالب الأحيان، بالإضافة رافقت الموسيقى كل أطوار الفيلم وتنوعت بتغير الأحاسيس والمواقف.