توج الفيلم الروائي الطويل ”الآن بإمكانهم المجيء” للمخرج الجزائري سالم ابراهيمي بجائزة ”التانيت الفضي” ل”مسابقة العمل الأول” بالدورة ال 27 لأيام قرطاج السينمائية بتونس (28 أكتوبر- 5 نوفمبر) وفقا لوكالة الأنباء التونسية. ونافس عمل ابراهيمي، المنتج في 2015، إلى جانب 12 عملا آخر لمخرجين من البلدان العربية وإفريقيا في ”مسابقة العمل الأول جائزة الطاهر شريعة”، وهي إحدى الفئات التنافسية الأربع لهذه التظاهرة التي اختتمت فعالياتها مساء السبت. ويتطرق الفيلم إلى قصة ياسمينة ونور الدين اللذين يعيشان حياة عائلية صعبة في مجتمع يتسم بالتطرف والعنف، وهو عمل مقتبس عن رواية للأرزقي ملال الذي ساهم في كتابة السيناريو. وحاز مؤخرا هذا العمل جائزتي أحسن فيلم وأحسن أداء رجالي في الدورة الثانية لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي. الفيلم يعرج على عدة ظواهر وأحداث ميزت تلك الحقبة، مثل الخطاب الديني المتطرف، غلق الشركات، الإفلاس، والندرة في المواد الغذائية، وانتشار الحواجز الأمنية، مع ارتفاع أصوات الاشتباكات والانفجارات على حين غرة. الوقائع تجري في بلدة ”سيدي أحمد” في مدينة البليدة، وتتطور المواقف حين يجد البطل نور الدين نفسه وجها لوجه أمام جماعة إرهابية أعدمت قرية بأكملها، لتطارده رفقة ابنته، لكن الأحداث تتطور بشكل غير متوقع لتنتهي بنتيجة دراماتيكية. نور الدين ذلك الرجل المتفتح الذي تجبره والدته على الزواج من ياسمينة، ليدخل حالة من الفتور الزوجي وتتأزم علاقته مع زوجته، ويقسم المخرج سالم ابراهيمي المجتمع الجزائري في تلك الفترة إلى قسمين، قسم صوره بالاشتراكي الذي يعادي الإسلاميين وضد الحركة الإسلامية التي قامت في الجزائر بعد أحداث أكتوبر 1988، ويرغب في مواصلة العيش بكل تحرر وضد تقييد المجتمع والحريات، وفي الجهة المقابلة نجد تصاعد التيار السلفي الإسلامي الذي يريد اكتساح الانتخابات وإقامة دولة إسلامية تمشي وفق الشريعة الإسلامية، مع فرض منطق التشدد على الشعب. يحاول سالم إبراهيمي ملامسة جوانب من الواقع الجزائري، من خلال نقل صور حية عن المجازر التي تعرض لها الجزائريون في العشرية السوداء، ولكنه بطريقة أو بأخرى يستغبي الجمهور ويلعب على مشاعره لأنه لم يلم بكل تفاصيل تلك المرحلة من تاريخ الجزائر الدموي، ويكفي أن تشاهد اللقطة الأولى من الفيلم حتى تتنبأ بكل التفاصيل والأحداث التي صورها العمل، خصوصا وأنه اعتمد على تقنية النقل في كتابة السناريو بصفر خيال، وحتى العقدة جاءت ساذجة جدا بحكم أن المتفرج يمكنه التنبؤ بالحل في نهاية الفيلم، التي كان من الممكن أن يختمها بمشهد نور الدين يحمل ابنته ويدق على الأبواب دون أن يفتح له أحد، ولكن المخرج ارتأى تصوير مشاهد أخرى من الدم ليصعقنا بها، مع العلم أن المشهد الأخير من الفيلم كان سنة 1998 وهي السنة التي بدأت تشهد البلاد بعضا من الانفراج الأمني، وهي مغالطة كبيرة وقع فيها المخرج، بالتالي كان مشهدا مقحما لم يضف للفيلم بل بالعكس أثر على سير الأحداث سلبيا. وتوج من جهته الفيلم التونسي ”آخر واحد فينا” لعلاء الدين سليم بجائزة التانيت الذهبي ضمن هذه الفئة التي عرفت أيضا مشاركة العمل الجزائري الآخر ”A mon âge je me cache encore pour fumer” لريحانة أوبرماير. وفي مسابقة الفيلم القصير فاز الفيلم السينغالي ”الولي” لآلاسان سي بالتانيت الذهبي، فيما عاد التانيت الفضي للفيلم اللبناني ”سكون” لشادي عون. وشهدت الدورة ال 27 لأيام قرطاج السينمائية منافسة 68 عملا من مختلف البلدان العربية والإفريقية والأوروبية في الأقسام التنافسية الأربعة لهذه الأيام التي تعتبر من أقدم التظاهرات السينمائية في إفريقيا إلى جانب المهرجان الإفريقي للسينما والتلفزيون بواغادوغو (فيسباكو) ببوركينافاسو.