قالت مصادر إعلامية إن طائرات يعتقد أنها تابعة لسلاح الجو المصري شنت، فجر أمس، أكثر من 144 غارة على منطقتي سوكنة وهون الواقعتين وسط جنوب ليبيا. وقال شهود عيان في منطقة هون أن القصف كان عنيفا، سمع خلاله دوي انفجارات هائلة، وأن الأهالي التزموا بيوتهم خوفا من القصف. وأُفيد أن القصف استهدف مقر كتيبة ”تاقرفت” التابعة لقوات البنيان المرصوص وقاعدة الجفرة الجوية التي تتمركز فيها قوة عسكرية تابعة لحكومة الوفاق الوطني، فضلا عن إحدى مزارع المدنيين. ويأتي هذا القصف في وقت طالبت فيه جهات سياسية ومدنية ليبية حكومة الوفاق الوطني برفع شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي غداة قصف الجيش المصري لمدينة درنة منذ الجمعة الماضي. وأطلق الرافضون للقصف صفحة على فيسبوك تحت عنوان ”أوقفوا العدوان”، وأكدوا في بيان أن المجلس الرئاسي هو الجهة الوحيدة المعنية بمحاربة الإرهاب، وتحديدِ وجوده على الأرض الليبية. ووقع البيان أعضاء بالمجلس الأعلى للدولة ووزراء سابقون وممثلون عن المجتمع المدني وقادة أحزاب ومهنيون وإعلاميون. ودعا البيان الشعب المصري إلى الوقوف إلى جانب الشعب الليبي في المطالبة بوقف الاعتداءات واحترام حق الجيرة والأخوة. كما طالب الموقعون على البيان دول الجوار الليبي بإدانة هذا الهجوم المتكرر ومطالبة الحكومة المصرية بوقف اعتدائها على الشعب الليبي وأراضيه. وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي عبد الرحمن السويحلي دعا، في وقت سابق، الاتحاد الإفريقي إلى التدخل لوقف ”الانتهاكات المصرية للسيادة الليبية”. ودعا رئيس ”حزب العدالة والبناء” محمد صوان، الجزائر إلى لعب دور أقوى في رفض ومنع التدخل العسكري المصري والأجنبي في ليبيا. وثمّن صوان في حديث مع ”قدس برس”، الدور الجزائري إزاء الأزمة في ليبيا، وقال: ”نحن نثمّن سياسة الجزائر في ليبيا، ففي كل المحطات كانت سياسة الجزائر إيجابية تجاه ليبيا، وقد تواصلنا كحزب مع المجلس الرئاسي، وطلبنا منه التواصل مع دول الجوار الليبي وعلى رأسها الجزائر، وقد سمعنا أن هناك رفضا جزائريا للتدخل الخارجي في ليبيا، وهذا ما نتوقعه من الجزائر إزاء التدخل المصري الحالي في شؤون بلادنا”. واعتبر زعيم ”العدالة والبناء”، وهو ”حزب مقرب من إخوان ليبيا، أن استمرار القصف المصري لليبيا هو انتهاك للسيادة الوطنية، ومخالفة للقوانين الدولية وتصدير للمشاكل المصرية إلى ليبيا من خلال استغلال الظروف الاستثنائية التي تعيشها ليبيا”. وأشار صوّان إلى أن ”موقف رفض التدخل العسكري المصري في ليبيا يوحد كافة الليبيين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم”، لافتا إلى أنّ تبرير السلطات المصرية لتدخلها في الشأن الليبي بمحاربة جماعات إرهابية غير مبرر. وبشأن موقف المجتمع الدولي إزاء القصف المصري لليبيا، قال صوّان: ”للأسف المجتمع الدولي مصطلح مضلّل، وهو مجرّد تقاطع مصالح وولاءات، ولا يوجد مجتمع دولي، لذلك حتى الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه أواخر العام 2015 في الصخيرات المغربية لاحظنا أنه لا توجد إرادة دولية لتنفيذه”. وأضاف: ”ما تقوم به مصر في ليبيا هو دور سلبي للتشويش على الحل السياسي في ليبيا ولتصدير مشاكلها الداخلية”، على حد تعبيره. وكانت بعثة مصر الدائمة لدى الأممالمتحدة أبلغت مجلس الأمن الدولي، بأن الضربات الجوية التي استهدفت ”مواقع التنظيمات الإرهابية في مدينة درنه بشرق ليبيا”، تأتي اتساقاً مع المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة المعنية بالحق الشرعي في الدفاع عن النفس، ومع قرارات مجلس الأمن المعنية بمكافحة الإرهاب. ويشنّ الجيش المصري، الجمعة الماضي، غارات جوية على مواقع قال إنها لتنظيمات متطرفة في درنة الليبية. وقالت مصادر عسكرية مصرية إنه تم استهداف معسكرات لتدريب متشددين وذلك بعد أن تأكد تورطهم في هجوم المنيا الذي أسفر عن مقتل 29 وإصابة 24 آخرين. وأعلنت قوات شرق ليبيا التي يقودها خليفة حفتر، أنها شاركت في هذه الغارات.