يواجه سكان منطقة ميشاتي ببلدية شيڤارة في ميلة، العديد من المشاكل نظرا لجملة النقائص التي نغصت حياتهم إثر لانعدام تهيئة الطرقات الملتوية على طول الحدود ولاية جيجل عبر بلدية سيدي معروف، بالرغم من إنجاز مشروع سد بني هارون الذي قطع حبل الوصال مع البلدية الأم سيدي مروان، ليصنع تراجيديا مؤلمة للسكان رغم ما يمثله السد لباقي البلديات المجاورة من أهمية. من زواغة إلى الشيڤارة.. زواغة هو الاسم التاريخي للمنطقة التي دفعت دماء أبنائها عربونا للحرية تحول إلى الشيڤارة، حسب بعض الروايات نسبة إلى مستعمر يدعى قارا يربي الخنازير ويقطن بمحاذاة الوادي، ويعتبر نقطة التقاء المعمرين، لكن بعض الروايات الأخرى تقول أنها سميت نسبة إلى مواطن زواغي يدعى الشيڤر، فيما يتداول السكان الاسم كطرافة تقول ”الشيء ڤارة” بأن الخير عندما وصل إلى المنطقة توقف ولم يشملها تعبيرا عن واقع المنطقة المر. تبعد بلدية الشيڤارة عن عاصمة الولاية بحوالي 38 كلم كانت تابعة لدائرة الڤرارم، وأصبحت الآن تابعة لدائرة سيدي مروان إثر التقسيم الإداري الأخير، إذ تمتد من مشتة صفيصفة إلى بلدية لمزلبط التي تعد أفقر مشتة على مستوى البلدية في الحدود مع بلدة سيدي معروف في جيجل، تطل على تسع بلديات بالولاية وتضم 11 مشتة هنا وهناك، يجمعها شيء واحد هو الفقر والحرمان والبؤس. الطرق الكابوس.. والجسر الحلم يعتبر الطريق المؤدي إلى عاصمة البلدية عنوانا لمآسيها ومرارة العيش لمواطنيها الذين ضاقوا ذرعا من هذا الوضع، فرغم ترميمه في العديد من المرات إلا أن الوضع يتدهور كلما تساقطت الأمطار، وهو ما أثر على التنمية بهذه البلدية الفقيرة، خاصة بعد إنجاز سد بني هارون الذي شكل مأساة حقيقية للمنطقة وكان نقمة على أهلها، وهو الذي وقف في الكثير من الأحيان حجر عثرة في سبيل تجسيد المشاريع الممنوحة، إذ يرفض المقاولون التوجه لهذه البلدية بسبب صعوبة المسالك والطرق الكارثة التي تحتاج إلى مبالغ ضخمة لإصلاحها. كل هذه المشاكل انجرت على سد بني هارون الذي أضحى نقمة على المنطقة بدل أن تنعم الشيڤارة بخيراته كباقي البلديات، إذ غمرت مياه الجسر الذي يربط البلدية بالبلدية الأم سيدي مروان، وهو ما جعل الوكالة الوطنية للسدود تفكر في إنجاز جسر بديل يكون بمثابة حلقة وصل. ورغم احتجاج السكان على مكان إقامته ومطالبتهم بإنشائه بنقطة طبال لقربه من الدائرة وتسهيل عناء التنقل، إلا أن المسؤولين آثروا الأقل تكلفة وأنشأوا هذا الجسر، لتبقى دراسة إنجاز هذا الجسر قائمة، خاصة أن المواطن من مشتة ولجة بوخليف يقطع مسافة 5 كلم إلى مقر البلدية في ظل قلة الحافلات لينتقل إلى بلدية الڤرارم قوقة، وهو ما يطيل زمن الوصول.. السكن لا يعكس الطموحات.. والمرافق العامة تحت الصفر الكثير من الأحياء القديمة والقرى المتناثرة تعاني من الكثير من النقائص، كانتشار البناءات الفوضوية، والتي أدت إلى نشوء تجمعات سكانية تفتقر إلى المقاييس العامة وانعدام شبه كلي للمرافق الضرورية، فالزائر لهذه البيوت المترامية الأطراف يقرأ في عيون قاطنيها قساوة الأيام والحاجة الماسة إلى سكنات تليق بمواطن القرن الواحد والعشرين. ويعود السبب في نقص حصة البلدية من السكن إلى عزوف المواطن الزواغي عن السكن الاجتماعي في وقت مضى، معلقا آمالا كبيرة على برنامج البناء الذاتي، وهو ما ولد فكرة لدى السلطات أن المواطن في الشيقارة في غنى عن هذا النمط من السكن رغم كثرة الطلبات عليه. أما بخصوص السكن الريفي فإن الحصص الممنوحة حسب بعض سكانها لا ترقى إلى تطلعاتهم رغم أن هذه المنطقة ريفية وتتلاءم مع هذا النوع من السكن. وعلى هذا يطالب أغلب مواطنو البلدية بضرورة زيادة حصتهم من السكن الريفي علّه يرفع معنوياتهم ويساعدهم على الاستقرار في أراضيهم. هياكل صحية.. جسد بلا روح لابد أن نعرج أولا على الواقع المزري الذي يعاني منه السكان في هذا المجال، فالعليل منهم في حالة الإستعجالات بالمنطقة تبقى حياته رهينة تلك الظروف الصعبة واهتراء الطرقات، رغم وجود مركز صحي بمقر البلدية، إلا أنه هيكل بلا روح، فتلك الأموال الطائلة التي صرفت لأجل إنجازه ذهبت في مهب الريح رغم توصيات وزير الصحة السابق، خلال زيارته للمنطقة، بضرورة فتحه، إلا أنه لايزال موصد الأبواب. كما أن عدم وجود سيارة إسعاف أوعيادة متعددة الخدمات زاد الأمر تأزما، فرغم وجود تلك القاعات الصحية في مشاتي صفيصفة، ولجة، بوخليف والهواري وأخرى غير مستغلة بمشتة لمزلبط لعدم وجود التأطير الطبي، حيث أنها طوال أيام السنة خاوية على عروشها، فالتغطية الصحية بهده المنطقة تحت الصفر لعدم تقديمها لأبسط الخدمات. وفي ظل انعدام قاعات للولادة بها تلجأ النساء الحوامل إلى مركز الولاية لوضع حملهن، وهو ما يشكل خطرا على حياتهن. انعدام المرافق الشبانية يضيّع شبان المنطقة تشتكي فئة الشباب ببلدية الشيڤارة من غياب فرص العمل بعد أن عجزت برامج التشغيل المختلفة من استيعاب جميع طلباتهم، حيث تتجاوز نسبة البطالة بها 70 بالمائة، إذ يعاني شبابها الأمرين في ظل غياب مرافق شبانية رياضية تنتشلهم من عالم الضياع وتحتضن مواهبهم التي تندثر في صمت، ولا أحد يحرك ساكنا، ما عدا ساحات اللعب التي يفرغ فيها الشبان طاقاتهم الرياضية، مما جعلهم يشعرون بالإحباط والفشل والتهميش، إذ دفعت هده العوامل ببعضهم إلى الإقدام على الانتحار للهروب من متاعب الحياة، إذ تحصي الجهات المعنية حسب المعطيات المتوفرة لدينا 4 حالات انتحار في العام. النقل المدرسي لا يرقى إلى التطلعات تحتضن بلدية الشيڤارة 11 مدرسة ابتدائية أغلبها مزود بمطعم رغم افتقار بعضها للمقر، وهو ما استدعى تخصيص بعض الحجرات للإطعام. ويبقى مشكل النقل إلى الإكماليتين يؤرق أولياء التلاميذ ويحول دون التحصيل العلمي الجيد لأبنائهم. ورغم تكفل البلدية بنصف ثمن التذكرة التي تدفعها لأصحاب الحافلات لنقل تلاميذ الثانوية إلى مقر الدائرة، إلا أن بعض الأولياء اشتكوا من غلاء سعرها الذي يزيد من ثقل أعباء المصاريف في ظل عدم امتلاك أغلبهم لمهن قارة، فمعظمهم يمتهنون فلاحة الأرض، وهو الأمر الذي اضطر بعضهم إلى قطع مسافات طويلة مشيا على الأرجل للالتحاق بمقاعد مدارسهم. ولأن تضاريس المنطقة صعبة للغاية وتمتاز بكثرة وجود الأحراش والغابات، قام بعض الآباء بتوقيف بناتهن عن الدراسة خوفا عليهن للمخاطر التي تترصدهن في الطريق. الفلاحة، الري والبيئة.. نقائص وآمال تمتاز منطقة الشيڤارة بأراضيها ومسالكها الجبلية الوعرة، لا تمثل فيها الأراضي الصالحة للزراعة سوى 10 بالمائة فقط من المساحة الإجمالية المخصصة لزراعة الحبوب، وتتمركز في مشتة أكذال، مهرازة والمنطقة الساحلية على محيط الوادي. أما المناطق الأخرى فتستحوذ الغابات على معظمها، فيما يبقى الجزء الآخر أراض في إطار الاستصلاح عن طريق الامتياز. وتشمل العديد من المستثمرات بها أشجار الزيتون و بعض الأشجار المثمرة تتميز المنطقة بإنتاج فاكهة التين الشوكي الذي يعرف بالأرقى والأفضل بالولاية. أما في ما يتعلق بالري فهو منعدم ماعدا بعض الآبار التي حفرها الخواص، والتغطية بالمياه الصالحة للشرب لا تتعدى 50 بالمائة مزودة من منابع تقليدية. كما تبقى النقطة السوداء بالبلدية، فرغم محاذاة سد بني هارون لمواطني الشيقارة إلا أنهم لا يشربون من مياهه، وهو يلزم مصالح البلدية - حسب ما أكده مسؤول بها - بتوفير صهاريج للمياه التي لا تكفي كامل أحياء البلدية. أما قنوات الصرف الصحي فهي لا تغطي سوى 30 بالمائة بسبب شساعة المنطقة، وهو ما يدفع بالسكان إلى استعمال الحفر لتصريفها. أما الحديث عن البيئة فيقودنا إلى تسليط الضوء على المفرغة العمومية التي شكلت هاجسا بالنسبة للسكان، فقد أدى إنشاء سد بني هارون إلى إنجاز مفرغة عمومية بمدخل المدينة على بعد 400 متر فقط من التجمعات السكنية، ما يجعل سكانها معرضين للإصابة بالأمراض التنفسية.