يعاني سكان بلدية الشيقارة، الواقعة في منطقة جبلية بشمال ولاية ميلة، جملة من المشاكل التي جعلت حياتهم قريبة من الحياة البدائية، فيما يبدو جليا أن عجلة التنمية توقفت بهذه البلدية أو أنها تسير ببطء شديد، بفعل الظروف الكارثية التي يتكبدها الكثير من المواطنين وصعوبة المعيشة التي يتخبطون فيها، ناهيك عن قساوة الموقع الجغرافي الذي يحيون فيه وانتشار الفقر والبطالة بشكل ملاحظ جدا. فسكان المنطقة يعانون من العزلة وقلة وسائل النقل وصعوبة توفرها، حتى أن بعضا من أصحاب الحافلات اضطروا إلى التوقف عن النشاط بسبب الأعطاب الكثيرة التي تصيب مركباتهم نظرا إلى صعوبة ووعورة الطريق الجبلي وهو ما كبدهم خسائر كبيرة حسب تصريحات بعضهم.وبخصوص التهيئة فطرقات الأحياء لا ترقى لهذه التسمية، بفعل عدم تعبيدها وانتشار الحفر والمطبات والتشققات، وهو ما يستوجب برمجة مشروع ضخم لتهيئة مسالك وطرقات المنطقة الترابية في أغلبها، حيث يعاني السكان من الأوحال شتاء والغبار صيفا. مصادر مقربة أوضحت "ل"البلاد" بأن منطقة الشيقارة تمتاز بأراضيها ومسالكها الجبلية الوعرة لا تمثل فيها الأراضي الصالحة للزراعة سوى 10 بالمائة فقط من المساحة الإجمالية المخصصة لزراعة الحبوب وتتمركز في مشتة أكذال، مهرازة والمنطقة الساحلية على محيط الوادي أما المناطق الأخرى فتستحوذ الغابات على معظمها، فيما يبقى الجزء الآخر أراض في إطار الاستصلاح عن طريق الامتياز وتشمل العديد من المستثمرات بها أشجار الزيتون وبعض الأشجار المثمرة تتميز المنطقة بإنتاج فاكهة التين الشوكي الذي يعرف بأرقى وأفضل الأنواع بالولاية. أما فيما يتعلق بالري فهو منعدم ماعدا بعض الآبار التي حفرها الخواص، أما التغطية بالمياه الصالحة للشرب فهي لا تتعدى ال50 بالمائة مزودة من منابع تقليدية، كما تبقى النقطة السوداء بالبلدية فرغم محاذاة سد بني هارون لمواطني الشيقارة، إلا أنهم لا يشربون من مياهه وما جلبه لهم -حسبهم- إلا المآسي وهو ما يجعلهم في رحلة بحث دائمة عن هده المادة الضرورية للحياة في المناطق المجاورة، إذ يستعينون في نقلها على البهائم فرغم توصيل أحيائها الكبرى بأنابيب المياه إلا أنها لاتزال حبيسة أنابيبها وهو يلزم مصالح البلدية بتوفير صهاريج للمياه التي لا تكفي كامل أحياء البلدية. أما قنوات الصرف الصحي فهي لا تغطي سوى 30 بالمائة بسبب شساعة المنطقة وهو ما يدفع بالسكان إلى استعمال الحفر لتصريفها، أما الحديث عن البيئة فيقودنا إلى تسليط الضوء على المفرغة العمومية التي شكلت هاجسا بالنسبة إلى السكان فقد أدى إنشاء سد بني هارون إلى إنجاز مفرغة عمومية بمدخل المدينة، حيث إنها على بعد 400 متر فقط من التجمعات السكنية مما يجعل سكانها معرضين للإصابة بالأمراض التنفسية خاصة عند حرقها. "البلاد" سجلت أيضا استياء وامتعاض السكان عن واقع المرافق الصحية بالشيقارة الذي يعكس الحالة المزرية التي يعانون منها في هذا المجال، فالعليل منهم في حالة الاستعجالات بالمنطقة تبقى حياته رهينة تلك الظروف الصعبة التي يعرفها اهتراء الطرقات رغم وجود مركز صحي بمقر البلدية، إلا أنه هيكل بلا روح فتلك الأموال الطائلة التي صرفت لأجل إنجازه ذهبت في مهب الريح رغم توصيات وزير الصحة السابق خلال زيارته للمنطقة بضرورة فتحه، إلا أنه لا يزال موصد الأبواب إلى يومنا هذا كما أن عدم وجود سيارة إسعاف أو حتى عيادة متعددة الخدمات زاد من الأمر تأزما فرغم وجود تلك القاعات الصحية المتواجدة في كل من مشاتي صفيصفة، ولجة، بوخليف والهواري وأخرى غير مستغلة بمشتة لمزلبط لعدم وجود التأطير الطبي، حيث إنها طوال أيام السنة خاوية على عروشها على حد تعبير مواطنيها فالتغطية الصحية -حسبهم- بهذه المنطقة تحت الصفر لعدم تقديمها لأبسط الخدمات كعدم توفرها على لقاحات الأطفال وغيرها وفي ظل انعدام قاعات للولادة بها تلجأ النساء الحوامل إلى مركز الولاية لوضع حملهن وهو ما يشكل خطرا على حياتهن لذا فمعظمهم تتبع الطرق التقليدية للتوليد. وقد عبر سكان بلدية الشيقارة عن ثقتهم بالمسؤول الأول بالولاية للالتفات لبلديتهم التي لازالت بعض قراها ومداشرها تعيش في ظروف صعبة للغاية وسط ضعف كبير للمسؤولين المحليين، وهذا برغم الإمكانات الكبيرة التي تحوزها المنطقة، خصوصا في مجال السياحة الجبلية والواجهة الجميلة التي تطل بها على حوض سد بني هارون.