عرضت فرنسا جزء جديدا من أرشيف حقبة استعمارها للجزائر في مزاد علني عبر الأنترنت تضمن فئات من أوراق نقدية تعود إلى سنة 1915، في تجاهل لمطالب جزائرية باسترجاع آثار وأرشيف منهوب من زمن الاحتلال. وعرض في مزاد علني أوراق نقدية من الفرنك الفرنسي تعود إلى سنة 1915 كان المحتل يجبر الجزائريين على تداولها، لكن اللافت بها أنها كانت تعكس جزءا من هوية وتراث الجزائر على غرار إبرازها ارتداء المرأة الجزائرية بعضا من الألبسة التقليدية مثل ”الحايك والكاراكو”. أما أكثر ما يحمل مفاجأة أن بعضا من الأوراق النقدية خط عليها آيات قرآنية مثل، ”بسم الله الرحمن الرحيم” و”وَيْلٌ للمُطَفِّفِين” وكتبت على الأوراق الأكثر استعمالا. وفتحت فرنسا مزادها العلني بأسعار لكل فئة من الأوراق النقدية والمعدنية تتراوح ما بين 10 أورو إلى 800 أورو. بيد أن اعتماد الاستعمار الفرنسي على وسم الفرنك آنذاك بالبسملة والآية الأولى من سورة المطففين يحمل خلفيات منطق المحتل الذي سعى بكل الأساليب إلى طمس هوية الجزائريين ومحاولات طمس تراثه وتاريخه في المقابل وضع آية قرآنية على أوراقه النقدية. وفي نظر المؤرخين فإن الأسلوب المعتمد لا يحمل أدنى احترام لعقيدة جزائريين وإنما هو دفعهم إلى تقبل واقعهم السياسي تحت سلطة المستعمر. وفي وقت تستمر فيه باريس تجاهل المطالب الرسمية استرجاع جزء كبير من أرشيفها ومن الآثار والتحف التي تزين بها متاحفها، تقف السلطات عاجزة أمام استرجاع ”تاريخها”، دفعها أخيرا إلى اقتناء وثائق تاريخية نادرة من الحقبة العثمانية في تاريخ الجزائر لإتاحتها للباحثين. فقبل أشهر اقتنت الجزائر 600 وثيقة تاريخية كانت معروضة في المزاد العلني بدار ”مارمابات ملافوس” بمدينة تولوز الفرنسية. وتعود هذه الوثائق التي تم اقتناؤها إلى ”فترة التواجد العثماني بالجزائر وإلى السنوات الأولى من الاحتلال الفرنسي” وتتمثل في مجموعة ”مخطوطات وصور وخرائط وكتب نادرة”. كما لا تزال المطالب قائمة بخصوص إعادة جماجم شهداء، حيث هناك 18 ألف جمجمة محفوظة داخل متحف ”الإنسان” في باريس، منها 500 تم التعرف على هويات أصحابها، من ضمنهم 37 قائدا من المقاومة الجزائرية قتلوا ثم قطعت رؤوسهم على أيدي قوات الاستعمار الفرنسي -حينها- منتصف القرن ال19، في واحة الزعاطشة التي يطلق عليها الآن بلدة ليشانة الواقعة في ولاية بسكرة. وأخيرا اتهم عبد المجيد شيخي، المدير العام للأرشيف الجزائري، السلطات الفرنسية بتعمد تعطيل الإجراءات النظامية والقانونية الكفيلة بتمكين الجزائر من استرجاع أرشيفها الثوري. وأوضح المسؤول ذاته أن الإجراءات النظامية ”البطيئة” وتغيير المسؤولين على رأس المؤسسات في فرنسا، عوامل تعطل عملية استرجاع الأرشيف الخاص بهذه الحقبة الهامة من الذاكرة الجماعية للجزائريين، مشيرا إلى أن الطلب الأول الجزائري يعود إلى سنة 1964، مبرزا بأن السلطات السياسية باشرت منذ ذلك الحين العديد من المساعي من أجل استرجاع هذا الأرشيف ”المسلوب” أو ”المنقول” بفرنسا إبان وبعد الاستقلال.