عرفت ولاية خنشلة كغيرها من ولايات الوطن دخول الطيران الشراعي ترابها، لكن باحتشام، لقلة معرفة الناس به، وكذا خوفهم من تجربته، خاصة لمن يجهل الطريقة التي تتم بها هذه الرياضة. وتعتبر ممارسة الرياضة بجميع أنواعها أمرا طبيعيا عند الشباب الخنشلي، إلا أن نوعا جديدا من الرياضات أصبح يلقى رواجا وإقبالا كبيرين في الفترة الأخيرة، حيث اكتسبت الرياضات الجوية شهرة واسعة بين هواة الطيران، خصوصا الطيران الشراعي في المنحدر أو ما يعرف بالبارابونت، وذلك لمتعة الطيران فيه لمسافات طويلة، وملاءمة الجبال لهذا النوع من الرياضات، وهي ميزة الولاية. التكوين أحد شروط ممارسة الطيران الشراعي يعتمد الطيران الشراعي على شراع يستطيع حمل شخص إلى اثنين، ويحمل الطيار على ظهره حقيبة هي عبارة عن كرسي يجلس به أثناء الطيران، ويكون مرتبطا بالشراع الذي هو أساس عملية الطيران، إذ يتم فتح الشراع ومحاولة ملئه بالهواء حتى يصعد عاليا، ليقوم بعدها الطيار بالجري لخطوات حسب سرعة الرياح والتي يجب أن يكون عكس تيارها، الأمر الذي سيساعده على التحليق. ويتحكم المحلق بالشراع عن طريق مقودين يدويين وهما حبلان مرتبطان بالشراع، أحدهما على اليمين والآخر على اليسار، وهكذا يتم التحكم بعملية الطيران حتى الهبوط، والذي يكون عن طريق اختيار مكان مناسب خالي من الأشجار والمباني والصخور، ثم ينزل الطيار على الأرض ويجري لخطوات قليلة حتى يتوازن ويقف، ثم يقوم بإنزال شراعه. من البلياردو إلى البارابونت ياسين بودبوز أحد الهواة الذي يعشق الطيران الشراعي، وهو مالك للنادي الرياضي الهاوي للبيلياردو، قام بإدراج مختلف الرياضات ضمن ناديه، وتتمثل في الطيران الشراعي وصيد السمك الترفيهي. ويستغل ياسين تضاريس ومناخ ولاية خنشلة لممارسة هوايته، فخنشلة عروس زاهية بطبيعة خلابة وجبال خضراء وسهول ممتدة، ما إن تطأ قدماك مرتفعاتها تشعر للوهلة الأولى تحس أنك في حقول سويسرا تستمتع بسحر المكان، فقد فادتنا الصدفة أن نكتشف هذا الموقع السياحي بين قمم الجبال والغابات الكثيفة وهو لوحة فنية نادرة تكتسي رداء أخضر يزينه شجر الأرز الأطلسي. تجربة الطيران الشراعي لحظات لا تنسى كان لنا الحظ أن عشنا تجربة البارابونت، حيث تنقلنا إلى عين ميمون عبر مسلك جبلي، يمتع ناظره بلوحة خضراء خلابة تسحر كل من يمر بها، في لحظة تخيلنا أننا بمزارع سويسرا التي نشاهدها عبر التلفاز. سرنا عبر الطريق الجبلي لمدة لا تقل عن الساعة، حتى وصلنا إلى قمة جبل، هناك بدأت المتعة. كان الجو ربيعيا مشمسا، يضربنا بنفحات الهواء الجبلي النقي، وهناك التقينا بأصدقاء ياسين وهم هواة طيران، تعرفنا على فارس وهو الذي قام بعملية الطيران معنا، وكذا عمي عمار والذي يخوض غمار التجربة منذ سنة 2013، حيث يتنقل من ولاية باتنة إلى ولاية خنشلة ليشبع رغبته في الطيران. بدأت التحضيرات من أجل الطيران في سماء خنشلة، ارتدينا قفازات خاصة، وخوذة مخصصة لركاب البارابونت، لبسنا نظارات شمسية هي الأخرى مخصصة لرواد الطيران الشراعي، ثم حملنا حقائب عبارة عن كرسي نجلس به. بعد ارتداء كل ما يضمن سلامتنا تجهزنا للطيران، حيث حملنا الشراع عاليا في جبال عين ميمون، هو منظر رائع وإحساس ممتع، خاصة بعد جرعة الأدرينالين التي يفرزها الجسم في مثل هذه المواقف. حلقنا عاليا لمدة 15 دقيقة تقريبا، رأينا من خلالها كل ربوع خنشلة في لوحة فنية امتزجت فيها خضرة أشجار الأرز الأطلسي بإزرقاق وصفاء السماء، يعكس التنوع الجغرافي في الولاية.