أثار مختصون إقتصاديون إشكالية بقاء الإنتاج من مادة الخشب محدودا وقائما في غالبيته على الاستيراد، الذي يبتلع مخصصات تزيد عن نصف مليار دولار من أموال الخزينة العمومية• ورأت نخبة من الخبراء أن المسألة تنطوي على مفارقة، سيما وأن بلادنا تتمتع بإمكانات طبيعية هائلة، تؤهلها إلى تحويل ثروتها من الخشب الخام إلى مصدر تحقيق إيرادات هامة، إذا ما استدركت الحكومة الوضع، وسعت إلى استثمار أربعة ملايين هكتار من النسيج الغابي، الذي مكن فتحه أمام متعاملين محليين وأجانب، وجاء في خضم أشغال الملتقى الأورو مغاربي حول "خشب البحر الأبيض المتوسط "، الذي تحتضن فاعلياته جامعة بومرداس، أن الجزائر استوردت العام الماضي 930 ألف طن من مادة الخشب ومشتقاته لقاء ما قيمته خمسمائة مليون دولار، وأثر اتساع رقعة قطاع الإنشاءات العامة وحاجات الجزائريين المتزايدة إلى الخشب، واستخدامه في أعمال البناء، إلى جعل الجزائر تمعن في تبعيتها للمجموعة الأوروبية، وتنفق 258 مليون دولار لسد نقصها من الخشب وتوابعه، ويطرح مختصون علامات استفهام بالجملة إزاء الضعف الكبير الذي يطبع إنتاج المصانع المحلية من الخشب، وعدم تمكن عموم المنتجين من تجاوز سقف ال 200 ألف طن سنويا، وهو لا يفي سوى ب 10 بالمائة مما تتطلبه السوق المحلية، وهو ما ألقى بنقاط ظل حول سر محدودية وعاء الأخشاب، وارتهانها بما تقترحه أوروبا وكذا دول الجوار• في غضون ذلك، يدعو الخبير الاقتصادي "هيثم رباني" إلى دراسة ومناقشة سبل تحويل الثروة الغابية وكيفية التثمين التكنولوجي لعديد الأنواع من الخشب التي تكتنزها الجزائر، من بينها الخشب الصلب الذي يمكن توظيفه في إنجاز أشياء مركبة• وشكل موضوع "خشب البحر الأبيض المتوسط " محور الملتقى الأورو مغاربي الأول، الذي انطلقت فعالياته يوم الاثنين الماضي بجامعة بومرداس، بحضور باحثين وأساتذة وصناعيين من داخل وخارج الوطن، ويهدف الملتقى - حسب منظميه - إلى دراسة وبحث السبل الناجعة لتثمين الثروة الخشبية في الجزائر خاصة منها الصنوبر، إلى جانب دراسة ومناقشة الاقتصاد المرتبط بالثروة الخشبية، ومشتقاتها والطرق الحديثة للاستغلال الأمثل للمواد الناتجة عن صناعة الخشب، كما يعد هذا الملتقى محطة لعرض حصيلة المشروع المشترك الجزائري-الفرنسي، الذي انطلق منذ 4 سنوات بغرض التوصل لأحسن الوسائل لتثمين الخشب الجزائري خاصة منه الصنوبر البحري، نظرا لانتشاره الواسع في غابات الجزائر، وتحديد الحلول المناسبة لوقايته من الأمراض التي أصبح يعاني منها كثيرا، ويذهب مراقبون إلى أن سلسلة الحرائق التي شهدتها الجزائر منذ العام 2002، وبلغ عددها ما يفوق 2450 حريق، بينها نحو 1204 حريق العام الماضي، بمعدل 14 حريقا يوميا، ما تسبب بشكل كبير في الحد من الاستغلال المناسب للثروة الخشبية في البلاد، علما أن الحرائق المذكورة تسببت في إتلاف ما لا يقل عن الثلاثة آلاف هكتار من الغابات، وكانت 23 ولاية توصف بكونها محاضن للخشب، الأكثر تضررا وهي: البليدة، بجاية، تيبازة، جيجل، عين الدفلى، تيزي وزو، بومرداس وسكيكدة•