الصور التي التقطها مصورها دون علم أبطالها، تعكس في تناقضها صورة المجتمع الجزائري في تلك الحقبة الزمنية، فتجدها تارة توثّق لمشاهد مضيئة، وطوراً تؤرّخ لمفاصل سوداء قاتمة، بعد أن وجد هذا المجتمع نفسه، من دون سابق إنذار، في دوامة العنف والقمع وتحت وطأة الإرهاب والجماعات الأصولية المتشددة. من الجزائر إلى بيروت، لا تختلف المعاناة كثيراً. وإذا كان من الصعوبة بمكان المقارنة بين الحرب الأهلية التي عصفت بكلى البلدين، إلا أن "أمم"، من خلال هذا المعرض ومجمل النشاطات التي تنظمها في إطار مشروعها "ما العمل؟ لبنان وذاكرته حمّالة الحروب"، إنما تهدف إلى إنعاش ذاكرة اللبنانيين، المثقلة هي أيضاً كالجزائريين، بصور الدمار ورائحة الموت ومآسي الحرب. من خلال زياراته العديدة إلى الجزائر، والتقاطه لمئات الصور التي توثّق شتى أشكال العنف الذي ذهب إليه أطراف النزاع، يجد المصور السويسري نفسه شاهداً بامتياز على تلك الحرب المكتومة، لا بل أيضاً على بوارق الامل المشعّة وسط الحريق الكبير. وإلى جانب مجموعة الصور الفوتوغرافية التي يستضيفها الهنغار، يعرض بشكل مستمر فيلما وثائقيا بعنوان "عن حرب بلا شواهد- أعرف يا جزائر أنك تعرفين"، وهو يوثّق عودة غرافنريد إلى الجزائر ولقاءاته ببعض من أبطال الصور التي التقطها خلسة. والفيلم، الذي يمتد لتسعين دقيقة، من إخراج المخرج الجزائري محمد السوداني. - ولد المصور غرافنيد في سويسرا في العام 1957، وبدأ العمل في مجال التصوير في العام 1978، وسرعان ما نشرت صوره في العديد من المجلات والصحف الدولية الكبرى. - في رصيده العديد من المعارض في نيويورك وباريس وهونغ كونغ والجزائر، كما عرضت مجموعة من صوره في عدد من المتاحف الكبرى. - من مؤلفاته: السودان- الحرب المنسية (1995)، عراة في الجنّة (1997)، الجزائر من الداخل (1998)، حب الكوكايين (2005).