رد وزير الشؤون الخارجية "مراد مدلسي"، أول أمس، أمام ممثلي خمسين دولة وعدد من المنظمات الدولية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، على بعض القضايا التي سعت منظمات أجنبية لجعلها نقطة سوداء في سجل حقوق الإنسان بالجزائر، منها قضية وجود سجون سرية وممارسات التعذيب، بالإضافة إلى عدم إلغاء حكم الإعدام وإقرار حالة الطوارئ• وفي عرضه عن وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، خلال الدورة الأولى للمراقبة الدورية الشاملة للمجلس، أكد الوزير أن السلطات لن ترفع حالة الطوارئ في الظرف الراهن، إلا إذا زالت الظروف التي أعلنت بسببها، موضحا أن الدولة تعتمد في إقرارها حالة الطوارئ على تدابير قليلة فقط، تسمح بدفع الأخطار المستمرة، وهي إشارة إلى العمليات الإرهابية التي تسجل في بعض مناطق الوطن، وما تستلزمه مكافحة الإرهاب من إجراءات أمنية• وكانت الجزائر تستهدف في التقارير الحقوقية الأجنبية، بسبب حالة الطوارئ واعتبارها تضييق على الحريات، وطالبت بعض الأحزاب السياسية والمنظمات برفعها، وما تزال السلطة تتريث بسبب الوضع الأمني• وفي السياق، أوضح "مراد مدلسي" أن الدولة الجزائرية تسعى إلى العمل على جبهتين، تتمثل أهمهما وأعجلهما في تعزيز السلم المستتب بعد اضطرابات التسعينات، وقال في حديثه عن مكافحة الإرهاب، أن الجزائر تسعى إلى العمل عليها في ظل احترام حقوق الإنسان، والالتزام بالمعاهدات الدولية، وجدد نداء الجزائر المتعلق بالتوصل إلى اتفاقية شاملة حول الإرهاب، تكون تحت إشراف الأممالمتحدة، بعد التمكّن من وضع تعريف مشترك للإرهاب، والذي تسبب الفشل في التوصل إليه في رهن الاتفاقية• من جهة أخرى، قال وزير الشؤون الخارجية، أن الجزائر تعتزم التزود بالوسائل التي من شأنها تسوية آثار المأساة الوطنية، وذلك من منطلق اعتبار أن المصالحة الوطنية تعد أكثر من برنامج وجزء من النهج الوطني، للخروج من الأزمة بتسوية مخلفاتها والقضاء على جذورها أيًا كان نوعها• وأضاف الوزير، أن الجبهة الثانية التي تعمل عليها الجزائر، هي تطوير مجال الحقوق، واستدل بالنتائج المحققة في حرية التعبير، مفضلا التوضيح بأن 87 بالمائة من المتابعات القضائية في حق الصحافة بادر بها خواص اعتبروا أنفسهم ضحايا القذف والتعدي على حياتهم الشخصية، والتذكير بالعفوالرئاسي الذي أقره "عبد العزيز بوتفليقة" لصالح عدد من الصحافيين المتابعين قضائيا، مشيرا إلى إحصاء 200 قضية سجلت خلال الفترة 2007-2001• وعن عقوبة الإعدام التي طالبت منظمات حقوقية من الجزائر إلغائها، قال "مراد مدلسي" أن الدولة أيّدت الإلغاء منذ سنة 1993 بالنسبة لكل الجرائم، وجمدت عقوبة الإعدام في جناية القتل• وفيما يتعلق بحديث بعض الأطراف عن تعذيب مواطنين، قال ""مدلسي": "أن المعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة المحظورة دستوريا في الجزائر تعرض ممارسيها إلى المتابعات التي ينص عليها القانون"، وإنه لا يمكن التغاضي عنها• كما رد عن الأقاويل المتعلقة بوجود سجون سرية في الجزائر بالتفنيد والتأكيد على "ما من مركز حبس يفلت من مراقبة القاضي، وما من مركز يفلت من رقابة القانون"• ورحّب بزيارة منظمات أجنبية غير حكومية، كانت قد طالبت بدخول الجزائر، وقال أنه يمكن التفكير في بعض منها في السياق الحالي، بشرط أن لا تنطوي على شكوك• وللتأكيد عن جهود الجزائر في إصلاح وضعية حقوق الإنسان وترقيتها، ذكر الوزير بخارطة طريق أعدها الرئيس في 2002، خاصة بإعداد وتطبيق مخطط عمل في مجال حقوق الإنسان، قصد تشخيص وضع الحريات والإشكاليات التي تطرحها• وعن ممارسة الشعائر الدينية، اكتفى وزير الشؤون الخارجية بالحديث عن الدين الإسلامي، والتدابير المتخذة لتفادي الانزلاق، وضمان فهم صحيح للدين، ولم يرد في حديثه توضيح عن ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين• وقد أثار تقرير وزير الخارجية انتقادا من طرف بعض المنظمات غير الحكومية، التي اعتبرت أن التقرير غيب بعض المسائل الأساسية، منها الممارسة السياسية، حيث قالت "جولي غروميلو" عن الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، على هامش الأشغال، أن "الدول العربية التي خضعت للفحص في مجال حقوق الإنسان عملت على تحويل النقاش عن الحقوق السياسية والمدنية إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية"•