تعود هذه الفكرة، حسب المحاضر، إلى عام 1945 حيث ظهرت فكرة جديدة وهي القضاء الدولي حيث لا يحاكم المسؤولون عما اقترفوه من جرائم في بلدانهم بل في دول أخرى، وذكر على سبيل المثال، محاكمة الديكتاتور الشيلي بينوشيه "الذي ارتكب جرائم رهيبة في حق شعبه". وأكد غرابو أن الفرد غير علاقته بالتاريخ فجأة فأصبحت هذه العلاقة "مصدرا للأحكام المسبقة ومولدة للألم". أما المرحلة الثانية فتعود لفترة 1993 والتي شهدت نهاية الحرب الباردة وسقوط جدار برلين، كما تميزت بنشوء حرب في يوغسلافيا وهو ما دفع بتطوير فكرة القضاء الجزائي. أشار أنطوان غرابو إلى أن الفكرة تطورت إلى نموذج التوافق أو الإصلاح، أي أن يقدم الجاني اعتذارا رسميا أمام الضحايا، واستعرض المحاضر أمثلة عن قضايا دولية كقضية البنوك السويسرية، حيث رفع مجموعة من أبناء متضررين من الحرب العالمية الثانية قضية ضد البنوك السويسرية وطالبوها بإعطائهم أموالهم المودعة في بنوكها من طرف آبائهم بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، وهو الأمر الذي نفته البنوك السويسرية، كما ذكر نموذج القضية التي رفعتها إحدى الجمعيات المدافعة عن السود في أمريكا، تطلب تعويضات من الحكومة الأمريكية بسبب ظاهرة الرق التي مارستها الحكومات الأمريكية المتوالية باعتبار أن أحفاد السود يعانون من ظاهرة الرق، وهو ما رفضته المحكمة عام 2006 ورأت أنه لا يمكن التعويض، وبالمقابل اقترحت على أبناء المواطنين السود الأمريكيين مقاطعة ألبسة ماركة "نايك" لأن العاملين في مصانعها بآسيا الجنوبية أطفال وطالبت "نايك" تصالح الدعوى. أكد أنطوان غرابو أن معالجة التاريخ تكون إما بتصفية الوضع أو إعادة الإدماج، وقال إن تقديم التعويضات للضحايا غير كاف لإصلاح ما وقع، وأن الأمر يجب أن يكون مرفقا باعتذار سياسي، وقال إن التاريخ هو الكفيل بإصلاح الأخطاء. تجدر الإشارة إلى أن أنطوان غرابو هو قاض فرنسي أنشأ معهد الدراسات العليا حول القضاء بباريس، وهو صحفي بإذاعة "فرانس ثقافة"، وهو أيضا عضو في رئاسة تحرير مجلة "اسبري"، وألف العديد من الكتب منها هل يمكن إصلاح التاريخ، وتطور جديد للقانون..