منذ سنين، رسمت السلطات المحلية لمدينة سكيكدة عيد الفراولة واعتبرته عيدا رسميا يحتفل به كل عام ، كما جعلت منه مناسبة تسطر لها برامج ثرية ومنوعة وعروضا فلكلورية واستعراضات فنية كبرى، فأصبحت التظاهرة تعكس خصوصية المنطقة فيما يخص إنتاج هذه الفاكهة، وأضحت سكيكدة متربعة على عرش ملكة الفراولة في الجزائر، وقد خصصت المدينة لهذا العيد ثلاثة أيام من شهر ماي عزمت خلالها المدينة على أن تزدان بلون "روسيكادا" أو "المكركبة" كما يسميها السكان المحليون، كما عقد ناس سكيكدة العزم على أن يندمجوا في مسيرة الاستعراض الأكبر على مدار الأيام الثلاثة للعيد ابتداء من يوم الخميس وإلى غاية منتصف نهار يوم الجمعة• روسيكادا والفراولة قصة عشق تمتد إلى عمق التاريخ دخلت الفراولة إلى مدينة سكيكدة خلال الحقبة الاستعمارية سنة 1920، على يد أحد الإيطاليين الذين جاؤوا إلى سكيكدة حاملا معه نبتة غريبة على السكان المحليين، حيث أمرهم بغرسها وتحت إشرافه لأنهم يجهلون تقنية زرعها، وبعد نمو النبتة وإثمارها انبهر الفلاحون بهذا النوع من الثمار فحاولوا غرسها في أماكن أخرى بعيدا عن سلطة المعمر، لكنهم كانوا يتعرضون للتفتيش كلما أنهوا عملهم لأنهم منعوا من نقل أي شيء من هذه النبتة إلى أي مكان، لكن الفلاحين تفطنوا إلى طريقة لإخراجها وذلك بإخفائها في أحذيتهم وحينها قاموا بزرعها في أعالي سطورة بعيدا عن مرأى الكولون، ومع مرور الوقت واكتساب الخبرة قام الفلاحون بتنقية المنتوج حتى تحصلوا على سلالة نقية سموها "روسيكادا" وهي فراولة سكيكدة الأصيلة، المتميزة بعطرها الفواح وشكلها الدائري ولونها الأحمر اللامع وحجمها المتوسط• ومنذ سنين، أولت السلطات المحلية أهمية بالغة لإنتاج وزراعة الفراولة مما زاد اهتمام الفلاحين باستصلاح الأراضي الغابية وتخصيصها لزراعة الفراولة، خاصة منها "روسيكادا" الممتازة بالطعم والمذاق الرائعين• وككل سنة، سطرت السلطات المحلية لمدينة سكيكدة هذا العام برنامجا متنوعا وزاخرا بالمظاهر الإحتفالية المختلفة؛ ثقافية وفنية ورياضية واقتصادية كذلك، خاصة أن عيد هذا العام تزامن مع انطلاق أول تجربة ببلدية تمالوس لزراعة الفراولة تحت البيوت البلاستيكية والتي يعمل على تعميمها وتوسيع نطاقها ليشمل كل المناطق المنتجة بدءا من بلدية الزويت إلى غاية بلدية واد الزهور وذلك بتقديم الدعم المالي والتقني ومساعدة الفلاحين وإرشادهم للرفع من هذا المنتوج• وتحضيرا للإستعراض الأكبر، انطلقت مساء الثلاثاء (أي عشية عيد الفراولة) مسيرة استعراضية من ملعب 20 أوت 1955 وصولا إلى النزل البلدي لتختتم المسيرة بالألعاب النارية، هذا على غرار تصفيات السباحة بمسبح 20 أوت 1955، وانطلاق تصفيات الجيدو بقاعة مرج الذيب، ودورة كرة القدم مابين الأحياء بالملعب الجواري 20 أوت 1955، ضف إلى ذلك منافسات البيار أمام النزل البلدي ومنافسات الرافل بميدان الكرة الحديدية أمام الميناء، هذا فيما يخص عشية عيد "الفراز"• أما الاحتفال الرسمي فقد استهل أمس الأربعاء بانطلاق سباق الدراجات أمام النزل البلدي وبعدها انطلقت نشاطات الفرق الفلكلورية المحلية: فرق البارود، أفواج الكشافة، فرقة الفروسية، الفرقة النحاسية وذلك بالساحات العمومية تلاها الافتتاح الرسمي للمعارض ومنه معرض لمنتوج الفراولة بساحة الحرية، معرض الصناعات التقليدية بقاعة عيسات إيدير، معرض الدواوين السياحية بالمسرح الجهوي وكذلك معرض للفنون التشكيلية بساحة أول نوفمبر 1954 • وفي آخر يوم للعيد، سيتم استقبال المتنافسين على أحسن كعكة فراولة وأحسن مربى فراولة منزلي بالنزل البلدي، هذا مع وصلات غنائية للمطرب أحمد شكاط• كما سيتم إعلان نتائج عمل اللجان وتوزيع الجوائز على الفائزين بمختلف المسابقات• هذا وسيتم الاختتام الرسمي لفعاليات عيد الفراولة لمدينة سكيكدة 2008 منتصف نهار الجمعة• أما بالنسبة للمشاركين في هذه التظاهرة فقد أحصت مديرية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية لولاية سكيكدة مشاركة 62 حرفيا متميزا منهم 38 عارضا محليا و24 مشاركا أقبلوا من مختلف ربوع الوطن: قسنطينة، عنابة، بسكرة، غرداية، الأغواط، خنشلة، سطيف وعارضين من مدينة جيجل تميزوا هذه المرة بقوة المشاركة حتى قيل بأنهم سوف ينافسون العارضين المحليين أنفسهم وبأن منتوجهم أصبح يضاهي المنتوج السكيكدي وبات يغزو الأسواق السكيكدية ذاتها، كما تشارك في إحياء أيام العيد عدة جمعيات منها: جمعية "نور الصباح للفنون التقليدية"، وجمعية "السياحة"• أما بالنسبة للعروض المقدمة فقد تمحورت حول الألبسة التقليدية، النقش على الخشب والنحاس وعرض للأواني الفخارية، مواد التجميل وبعض الصناعات الرملية• ** إنتاج يناهز ال 20 ألفا و90 قنطارا و"روسيكادا" بنكهة البيوت البلاستيكية وبالنسبة لمنتوج الفراولة هذه السنة، فقد بلغ 20 ألفا و90 قنطارا بعد استغلال مساحة قدرها 258 هكتارا، حيث عرف المنتوج زيادة معتبرة بعد أن قدر العام الماضي ب 19 ألفا و717 قنطارا غرست على مساحة قدرها 255 هكتارا، لكن ورغم ذلك فإن الفلاحين توقعوا إنتاجا أوفر إضافة إلى شكاوى الفلاحين بمنطقة سطورة من تعرض منتوجهم للتلوث الذي لاحظوه من خلال تذوقهم لحبات الفراولة والذي أرجع إلى قرب المنطقة من ميناء تصدير المحروقات• هذا وتنتج المدينة 7350 قنطارا من صنف "روسيكادا" و7480 من صنفي "تيوقا ودوغلاس" تزرع على مستوى بلدية تمالوس، كما بلغ إنتاج الفراولة في عين الزويت 4420 قنطارا، فيما بلغ إنتاجها ببلدية بوشطاطة محمود 840 قنطارا• وبالإضافة إلى هذه الأنواع توجد فراولة البيوت البلاستيكية بمنطقة بحرية بالقل تم زرعها في 09 بيوت بلاستيكية على مساحة قدرها هكتارين، كما بلغ عدد الفلاحين العاملين في زراعة الفراولة 411 فلاحا منهم 190 بسكيكدة ،121 ببلدية تمالوس، كما بلغ عدد التجار العاملين على بيعها 110 تاجر، كما أن أغلب الفلاحين الذين يشرفون على زراعة الفراولة هم من فئة النساء، ويقتصر دور الرجال على بيعها• أما بالنسبة لأسعار الفراولة فهي تعرف ارتفاعا محسوسا؛ حيث يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد بين60 و70 دينارا جزائريا، مع أنه من المفروض أن تكون أسعار الفراولة في سكيكدة أقل بالنسبة للمدن الأخرى كون المدينة مشهورة بإنتاج هذه الفاكهة•