الزائر إلى هذه القرية وبمجرد أن يضع قدماه بوابة الجسر الحديدي الضيق، الذي أنشئ أثناء الحقبة الاستعمارية، ينتابه شعور رهيب وكأنه داخل إلى مدينة أشباح، ينبعث من عمقها منازل آيلة للسقوط وجدران متآكلة وبيوت قصديرية يسطع لمعان سقوفها من بعيد، هموم سكان الناضور ومشتة الحمرية كثيرة وقديمة قدم هذه المنطقة، لخصها لنا بعض من تحدثنا إليهم من سكان وأعيان القرية، فمعاناتهم متواصلة مع البطالة والتهيئة والعديد من الانشغالات التي تطبع حياتهم اليومية، وفضلا عن انعدام التهيئة وعيوب الانجاز في شبكة الصرف الصحي، المتمثلة - حسبهم - في انعدام الانحدار للقناة الرئيسية باتجاه وادي سيبوس، مما يتسبب في انسداد قنوات الصرف الصحي ورجوع المياه القذرة إلى بعض بيوت السكان أحيانا، إلى جانب عدم ربط بعضها بالشبكة، خاصة البيوت القصديرية بمشتة الحمرية، وانبعاث الروائح الكريهة التي تنذر بأخطار وبائية، خاصة ونحن في فصل الصيف، كما يطرحون انشغال قدم بنايات لاصاص، وعديد البيوت التي أنشئت بالطوب وغطيت بالترنيت والصفائح الزنكية، تحت طائلة الحاجة والفقر، التي تنعدم بها شروط الحياة الكريمة، وتنامي بيوت القصدير لكثرة أفراد العائلات، ما تسبب في ميلاد حي قصديري بأكمله بمشتة الحمرية، التي يعيش سكانها حياة بؤس وشقاء كبيرين. يأتي هذا بالرغم من ميلاد حي ب 20 مسكن في إطار البناء الريفي بالقرب من المشتة، إلا أنه لم يتم ربطه بعد بالكهرباء، ولم تهيئ طرقاته وأرصفته، كما أن أصحاب البيوت القصديرية المجاورة يأملون في استفادات من هذا النوع من السكن لتوديع جحيم القصدير، فيما تحدث آخرون ممن استفادوا من البناء الريفي، أنهم اضطروا إلى غطاء بيوتهم بالقصدير نظرا لعدم قدرتهم على إتمامها بسبب الفقر، أين علّق أحدهم على هذا، حيث قال "خرجنا من القصدير ورجعنا إليه"، كما عبر السكان عن غياب وسيلة نقل بين قرية الناضور والبلدية الأم بني مزلين، التي تبعد عن القرية بحوالي 06 كلم، وهم يطالبون بخلق خط يربطهم بمقر البلدية، وذلك لتسهيل تنقل العمال والتلاميذ وكذا المواطنين الذين يريدون الذهاب إلى البلدية لاستخراج بعض الوثائق الثبوتية. البطالة كانت من ضمن المعاناة اليومية لشباب المنطقة بسبب الانتشار الرهيب للشباب العاطل عن العمل، وقد أكد لنا بعضهم أنهم يئسوا من كل شيء بهذه القرية، بسبب الغياب التام لفرص العمل، بالرغم من توفر المنطقة على أراضي فلاحية خصبة، والتي بإمكانها امتصاص ولو جزئي للبطالين المنتشرين في المقاهي والأزقة، وقد فاقت أعمار البعض منهم 45 سنة بدون الحصول على عمل ولا زواج. أما عن الفلاحة التي تشتهر بها المنطقة، فإن مطلب السكان هو الأرض لمن يخدمها، حيث أكد لنا أحد المستثمرين الذي قدم من مدينة شلغوم العيد من أجل الاستثمار في الفلاحة، أن المشكل الكبير الذي يعترضه هو الغلاء الفاحش في كراء الأراضي، حيث وصل سعر الهكتار إلى 03 ملايين سنتيم، وبالرغم من هذا نحن نشغل ما لا يقل عن 80 شخصا، وبزيادة الضعف عند بدء جني المحاصيل، نفس الشيء لمسناه عند أحد فلاحي المنطقة، الذي طالب بإعطاء الأرض للفلاحين الحقيقيين من أجل الرفع من الإنتاج، وكذا توظيف عدد من أبناء المنطقة، في ظل الغياب الشبه التام للمرافق الثقافية والرياضية، بعد غلق مقر جمعية تنشيط الشباب، واندثار بعض الجمعيات الأخرى بسبب التهميش الذي فرض عليهم من طرف السلطات المحلية، ليبقى السبيل الوحيد للترفيه على النفس بالنسبة لهؤلاء هي المقاهي ولعب الورق والديمينو.