وذلك في تلميح إلى المشاكل العالقة بين الجارين الجزائر والمغرب، التي تأزمت بعد إعلان غلق حدوديهما منذ حوالي 14 عاما، حينما اتهم المغرب الجزائر بأنها وراء التفجير الإرهابي الذي استهدف أحد فنادقه بمراكش• وتلا هذا الاتهام إقدام الرباط على العمل بنظام منح تأشيرات دخول فيما يخص المواطنين الجزائريين الراغبين في زيارة المغرب• وكان رد الجزائر بإغلاق الحدود مع المغرب، وبعدها قام المغرب بإلغاء تأشيرات الدخول للجزائريين في 2005، وألغت من جانبها الجزائر التأشيرة على المواطنين المغاربة في 2006، إلا أن الحدود بقيت مغلقة• ومنذ ذلك التاريخ لم يتوقف المغرب عن بعث رسائل ود وترجي لإقناع الجزائر بإعادة فتح الحدود، لكن دون أن يسعى إلى معالجة مخلفات الأزمة والمشاكل العالقة بين البلدين، خصوصا فيما يتعلق بمعالجة ظاهرة التهريب التي استنزفت خيرات وثروات الجزائر، وكذا وضع حد لتهريب المخدرات نحو الجزائر• وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة جد صريح فيما يخص العلاقات الجزائرية-المغربية، معبرا في أكثر من مرة عن تمسكه بوحدة المغرب العربي، وكان رده على السلطات المغربية فيما يخص إعادة فتح الحدود، هو معالجة ما هو قائم من مشاكل أولا، رافضا جملة وتفصيلا جعل الجزائر طرفا في النزاع المغربي- الصحراوي• ويبدو أن الملك محمد السادس قرر مغازلة السلطات الجزائرية مجددا، مستغلا احتفاءه ب"عيد الجلوس"، كي يدعو الجزائر إلى "الوفاء بروابط حسن الجوار، بين شعبينا الشقيقين"، بحجة التجاوب مع طموحات الأجيال الصاعدة، لتسخير طاقات الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لرفع التحديات الحقيقية للتنمية والتكامل، "بدل هدرها في متاهات نزاع موروث عن عهد متجاوز يعود إلى القرن الماضي"• ويقصد محمد السادس قضية الصحراء الغربية، التي يصر على أنها جز لا يتجزأ من أراضيه، في حين أن الجزائر تتمسك من جهتها باحترام مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وترفض أن يعتبرها المغرب طرفا في نزاعها مع جبهة البوليساريو• وفي تقدير ملك المغرب، فإنه "مهما كان اختلاف وجهات النظر في هذا النزاع، فإنه لا يبرر استمرار إغلاق الحدود كإجراء أحادي يعيشه الشعبان الجاران الشقيقان، كعقاب جماعي يتنافى مع أواصر أخوتهما التاريخية ومستقبلهما المشترك ومع مستلزمات الإندماج المغاربي"• علما أن قرار غلق الحدود كان له آثارا جد سلبية على الاقتصاد المغربي، خصوصا بالنسبة للمناطق الشرقية المحاذية للجزائر التي كانت تعرف حالة من الانتعاش قبل غلق الحدود• وجدد محمد السادس استعداد المغرب للتفاوض الجوهري، بحسن نية، وعلى كافة المستويات، لإيجاد حل سياسي توافقي ونهائي لهذا النزاع، متمسكا في الوقت ذاته بمبادرة الحكم الذاتي•