لم تكن الدورة الحادية عشرة من مهرجان "أصوات المتوسّط" المنظمة بجنوب فرنسا مثل الدورات السابقة. فمنذ الأيام الأولى فوجئ منظّمو المهرجان والمشاركون فيه بغياب خمسة من الشعراء العرب المدعوين يتعلق الأمر بالفلسطينيين راسم المدهون وناصر جميل شعث، الليبيين سالم العوكلي وصالح الرضا، والجزائرية نصيرة محمدي، الأمر الذي أدّى إلى انتشار إشاعات وأقاويل تناقلتها صحف عربية من دون التدقيق في صحّتها قبل انطلاق المهرجان، واجه منظموه مشكلة مع القنصليات الفرنسية في عدد من الدول العربية رفضت للمرة الأولى منح تأشيرات لبعض الشعراء العرب المدعوين. وحصول ذلك بعد بضعة أيامٍ على دعوة فرنسا دول حوض المتوسّط للقمة التأسيسية "للاتحاد من أجل المتوسّط" رغم الدعوات الرسمية التي وُجّهت إلى الشعراء العرب المختارين للمشاركة في المهرجان وإرسال الوثائق المطلوبة، إضافة إلى تأمين مأكلهم ومسكنهم. أما الشعراء العرب الفرانكفونيون فحضروا بدورهم واستقطبت قراءات صلاح ستيتيه جمهوراً غفيراً، ولقيت أشعار اللبناني أنطوان بولاد والجزائري مصطفى بن فوضيل والتونسي حسن أيمن والمغربية سهام بو هلال صدى واسعاً، ومقارنة بالحضور العربي بدا الحضور الفرنسي ضعيفاً هذه السنة رغم مشاركة الشاعر الكبير هنري ميشونيك وقراءات الشاعرَين المهمّين جان ريستا وباتريك لوبان التي كان لها وقع على الجمهور. للتذكير هذه التظاهرة الشعرية توفر كل سنة، منذ العام 1998، فرصة ثمينة لنحو 90 شاعراً متوسّطياً من بينهم 25 شاعراً عربياً لرفع أصواتهم المميزّة في باحات مدينة" لوديف" الفرنسية وحدائقها الخلابة وعلى ضفتي نهرها، للتعرّف إلى تجارب شعرية كثيرة ومثيرة ومحاورة أصحابها خلال فترة تسعة أيامٍ وليال. هذه التظاهرة التي تحولت منذ خمسة أعوام إلى مختبر حيوي لترجمة الشعر المتوسّطي إلى اللغة الفرنسية، الأمر الذي يسمح لجمهور المهرجان بتذوّق القصائد المختارة وتقييمها. وبفضل " سوق الكتاب الشعري" الذي بدأ تنظيمه قبل ثلاثة أعوام في المدينة خلال فترة المهرجان وتشارك فيه دور نشر فرنسية محلية وباريسية، تشكّل هذه التظاهرة أيضاً فرصة فريدة للشعراء كي يعثروا خلالها على ناشرٍ فرنسي لأعمالهم الشعرية.