هل فقدت الجزائر دورها المؤثر استراتيجيا في منطقة شمال إفريقيا ؟! هذا السؤال يتردد بإلحاح اليوم في الوسط السياسي الجزائري الذي يعيش على هامش النظام ويتابع بمرارة كيف يتدحرج الدور الجزائري في منطقة شمال إفريقيا نحو التابعية بعد أن كان له دور الريادة في المنطقة ! عندما احتلت الجزائر سقطت كل دول المنطقة في براثن الإستعمار.. وعندما تحركت الحرية في هذه البلاد استقلت كل دول المنطقة قبل الجزائر... ذلك أن الجزائر كانت حتى ولو لم تعد قلب المنطقة النابض، بمثابة مفتاح الدخول إلى المنطقة. في سنة 1980 حضرت مؤتمر الحزب الدستوري التونسي وتسللت إلى إحدى لجان المؤتمر خلسة .. كانت لجنة الشؤون الخارجية .. وكان الحوار بين المؤتمرين المختارين بعنابة يدور حول مسألة النفوذ الجزائري في المنطقة ومعضلة الجغرافية والديمغرافية والبترودولار الذي يجعل من الجزائر دولة مؤثرة في دول المنطقة أكثر من الإستعمار السابق نفسه ! فهل ذابت قوة البترودولار في قوة بتروفساد؟! وفي أواسط الثمانينيات سمعت المرحوم محمد شريف مساعدية يتحدث عن مسألة الإختراق المحتمل للمملكة المغربية إذا ما فتحت الحدود، فقال - رحمه الله - إن الجزائر هي التي تخترق الآخرين ! فالثورة والجغرافيا والديمغرافيا والثروة البترولية والغازية تجعل من الجزائر القوة الخارقة وليس بالقوة المخترقة .. والمغرب هو الذي يخاف من فتح الحدود وليست الجزائر ! وفتحت الحدود وأحس المغرب الشقيق الإختراق فقام بفرض التأشيرة على الجزائر، وردت الجزائر بغلق الحدود، واليوم يجري الحديث عن فتح الحدود من جديد.. وعاد التخوف من حكاية الاختراق المغربي للجزائر ! وقد يكون التخوف هذه المرة في محله لأن المغرب الذي لا يملك احتياطا ماليا بالحجم الذي تمتلكه الجزائر قد حقق قفزة نوعية في تسيير الشأن العام أدت إلى تدني البطالة في المغرب إلى حدود 9 % فيما بقيت الجزائر بإمكانياتها تتكركر ببطالة قال عنها الرئيس أنها في حدود 11 % ، ومعنى هذا الكلام أن الاختراق المغربي للجزائر يمكن أن يكون على صعيد مقارنة منظومة الحكم عندهم ومنظومة الحكم عندنا .. ومدى شعبية الحكم عندهم وشعبيته عندنا، وعندها سيعرف الجزائريون لماذا يتراجع الإرهاب عندهم وينمو عندنا ويتراجع الفساد عندهم وينمو عندنا .. وإذا كان هذا هو موضوع الاختراق، فأهلا وسهلا به ؟!