قصدنا الحي المذكور للوقوف على وضع مهنة الموهبة هناك فلم نلمس التوافد الذي كنا نلمسه في سنوات خلت من طرف النساء لاشتراء أواني و أدوات النحاس فالغلاء و التهاب الأسعار يعتبر العامل الأول للعزوف عنها من طرف الزبائن و هو العامل نفسه الذي جعل كثيرا من أصحاب الحرفة يتركونها رغم تعلقهم الشديد بها ،هذا ما ذكره أحد الحرفيين هناك السيد " بوغابة " الذي تحول إلى تجارة الخردة تاركا وراءه مشوارا طويلا و قصصا كثيرة مع مهنة نقش النحاس التي بدأها من سن الحادية عشرة و هو الآن في الثانية و السبعين من عمره حيث اعتبر نقص التمويل و التموين من طرف الدولة و إهمال المهنة وراء ما وصلت إليه حتى أن فضاءات لتعليمها معدومة ما جعل نهايتها محتومة فليس من الممكن يضيف أن يتم تعليم الشباب إلا بتوفير المادة الأولية هذه الأخيرة التي تعرف أ سعارها ارتفاعا كثيرا و منه لا يجد الحرفي بدا إلا أن يقوم بصناعة ما يحوزه من المادة الأولية للحصول على قوت يومه عوض توجيهها لتعليم الحرفة ، من جهة أخرى أصبحت الشابات من العرائس يحجمن عن شراء أواني النحاس " كالقصعة " و الاكتفاء بتلك التي ورثنها عن أمهاتهن فلا يقمن إلا بتجديدها و تلميعها بعد أن أصبح سعرها يفوق 5000 دج ، تجار و حرفيو النحاس لم يخفوا خوفهم من فقدان زبائنهم إذا ما تم ترحيلهم خاصة مع نقص المادة الأولية و غلائها بعد أن توقفت مؤسسة " آس أن آس " بسكيكدة عن توفيرها بأسعار لم تكن تتعدى 150 دج فاعتبروا أن الترحيل ليس بالمشكلة الأساسية كما تم التدعيم و التمويل و الاعتراف بمجهودات الكثير منهم من طرف الدولة خاصة أولئك الذين قضوا سنوات طويلة في الإبداع إلا أن سوء أحوال هذه الحرفة جعل الكثير منهم يفارقها . ويبقى فقط الرمبلي وبعض محلات رحبة الصوف والجزارين والرصيف في مواجهة الضياع حيث أن هناك العديد من الحرفيين من بقى صامدا رافضا الانكسار وتوفر الصينية والقصعة والبريق والمرش والكيروانة وغير ذلك من الأواني النحاسية الراقية يظل في نظر محبي النحاس شاهدا على أنه ليس من السهل القضاء على رمز من رموز مدينة قسنطينة التي تحصي بيوت مواطنيها مئات الآلاف من القطع على اعتبار أنه من غير المعقول ومن المستحيل أن لا تجد نحاسا في مسكن ما .