وعلى الرغم من الطابع الردعي الذي يحمله نص التعديل، فإنه لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يضع حدا لظاهرة الحراقة، التي ما تزال مستمرة إلى يومنا هذا، لأن اجتثاث الظاهرة ينبغي أن يتم من جذورها، من خلال القضاء على الأسباب التي تدفع بالشباب إلى الرمي بأنفسهم إلى التهلكة. ذلك أن البطالة والفقر وأزمة السكن، هي من ضمن الأسباب الأساسية التي تدفع بالحراقة إلى ركوب قوارب الموت، ومجابهة أمواج البحر في مغامرة مجهولة العواقب. فكيف لإقرار عقوبة سجن مدتها 6 أشهر أن تجبر شابا مصرا على المغامرة على العدول عن فكرة الحرقة، في حين أن الموت غرقا لم يدفع بذلك الشاب إلى التراجع عن الهجرة غير الشرعية، لان اعتلاء قارب مزود بمحرك بسيط لا يمكنه دائما أن يضمن لصاحبة الوصول بسلامة وأمان إلى الضفة الأخرى. ومن المفارقات العجيبة حصول شباب قبل سن التعديل الجديد على مساعدات مالية، بعد أن فشلوا في الهجرة غير الشرعية، ما يعني أن التفاتة السلطات إلى هؤلاء الشباب الحراق سواء بالعقاب أو بالثواب لا يمكن أن تتم إلا عن طريق الحرفة. وفي سياق تشديد العقوبات على المتورطين في ظاهرة الحرافة، نص تعديل قانون العقوبات على تجريم الضلوع غير الشرعي في حركة هجرة الأشخاص ومعاقبة الأشخاص المسؤولين عن شبكات الهجرة غير القانونية بعقوبات قد تصل الى عشر سنوات سجنا، لاسيما في حالة ما إذا كان الضحايا قصرا أو في حالة تعرض المهاجرين للمعاملة السيئة أو المهينة. وتزداد العقوبة شدة في حالة ارتكاب الجريمة من قبل شخص يستفيد من تسهيلات وظيفته، أو من قبل عصابة منظمة أو باستعمال السلاح، ويسعى الإجراء إلى تضييق الخناق على عصابات المتاجرة بالأشخاص. ونص تعديل العقوبات الذي درسه مجلس الوزراء سن أشغال المنفعة العامة عوضا عن عقوبة السجن، على الجانحين الخالين من السوابق العدلية الذين يحكم عليهم بعقوبات سجن قصيرة، يسهل إعادة إدماجهم بعد انقضاء مدة عقوبتهم. إلى جانب تجريم المتاجرين بالأشخاص وإخضاعهم لعقوبة الى عشر سنوات سجنا ، وكذا تجريم المتاجرة في أعضاء الأشخاص الأحياء أو الموتى، وإخضاعهم لعقوبة قد تصل الى عشرين سنة سجنا، لاسيما في حالة ما إذا كانت الضحية قاصرا أو معوقا أو كانت الجريمة من فعل عصابة منظمة، أو في حالة استفادة مرتكب المتاجرة بالأعضاء من تسهيلات وظيفية.