يقوم الكثير من المواطنين بولاية خنشلة خصوصا القاطنين في المناطق الحضرية باقتناء ماء الشرب من المنابع العذبة المتواجدة بعدة جهات ريفية. ويعد المنبع الطبيعي عين الكرمة الواقع بحي بوجلبانة الشعبي بمدينة خنشلة من ابرز المنابع المعروفة بالمنطقة الى جانب منبع عين الصفا ببلدية طامزة وعين السيلان بضواحي حمام الصالحين وغيرها من المنابع. ويعرف منبع عين الكرمة خصوصا في فصل الصيف واشتداد الحرارة توافد جموع غفيرة من المواطنين للاستسقاء منه والتزود بمياهه العذبة والباردة المتدفقة من باطن الارض ليلا ونهارا دون توقف منذ سنوات بهذا الحي الشعبي العريق والقديم قدم مدينة خنشلة. ورغم الطوابير الطويلة في الصباح والمساء يظل المترددين على هذا المنبع الذي حولته البلدية الى حنفية عمومية في السنوات الاخيرة غير مبالين بطول الانتظار الذي كثيرا ما يتحول الى جموع للتسلية والترفيه عن النفس بين المتعارفين او الاصدقاء حيث تظل الدلاء من مختلف الاحجام مصطفة الى ان يحين وقت ملئها والعودة بها الى البيت على متن العربات اليدوية وفي السيارات او حمله باليد . ويتحول محيط هذه الحنفية بعد غروب الشمس والى وقت متاخر من الليل الى حلقة سمر يجتمع حولها بعض من شباب الحي هروبا من الحرارة داخل البيوت للجلوس وتبادل الحكايات وقضاء وقت للترفيه عن النفس في حين يقبل عليها البعض تجنبا للانتظار وازدحام النهار. واوضح البعض أن ماء عين الكرمة معروفا ومضربا للمثل ويرجح ان المطرب المرحوم عيسى الجرموني الذي قضى بعض من طفولته ببوجلبانة قد تغنى بعين الكرمة التي ذاع صيتها في كل ربوع الوطن.ويرى متحدث اخر ان ماء عين الكرمة من اجود واعذب المياه بالمنطقة قبل عين الصفاء وعين السيلان وبذلك فهو يقطع مسافة 28 كلم من بلدية اولاد ارشاش مرتين في الاسبوع لاقتنائه طوال فصل السنة ومنذ عدة سنوات . كما اكد اخر ان ماء عين الكرمة له خاصيات المياه المعدنية الطبيعية بل ويتفوق عليها في نظره الا انه يبقى في كلا الحالتين عنصرحيوي ومصدر مائي عذب يستقطب معظم من تعودوا على شربه بدلا من مياه الحنفيات في المنازل . ونفى مواطنو الحي المتمسكين بهذا المنبع الذي وهبته الطبيعة لهم انه لم يتغير يوما ما طعمه او يختلط بشيء فهو نقي وصاف وعذب مؤكدين صلاحيته في علاج اوجاع البطن عند شربه قبل تناول أي شيئ . من جهة أخرى أكدت الجهات المسؤولة ان كل التحاليل المتعددة التي أجريت على مياه هذا المنبع اثبتت صلاحية استعماله للشرب الذي اصبح في غنى عن اجراء المزيد من التحاليل في السنوات الاخيرة . اما مديرية السياحة فترى من جهتها امكانية استغلال هذا المنبع عن طريق انشاء وحدة مختصة في المياه المعدنية العذبة عن طريق الاستثمار شريطة الالتزام بالمعايير والتحاليل المخبرية. وبالمقابل يرى الكثير من المواطنين بقاء هذا المنبع على حالته الطبيعية باعتباره يمثل رمزا تقليديا مقرون منذ القدم بمدينة خنشلة الا انه يتطلب عملية ترميم للحفاظ عليه كموروث من التراث المادي على غرار عين الفوارة بمدينة سطيف وغيرها من العيون الاخرى ببعض مدن الوطن. وتجدر الاشارة إلى ان مديرية السياحة بالولاية تحصي العديد من منابع المياه بعدة جهات كعين جعرير ببلدية بوحمامة وعين تاحسونة ببلدية جلال وعين الخيام ببلدية لمصارة وعين اركام ببلدية خيران وغيرها من المنابع والنقاط المائية التي تشكل فضاءات حموية في الطبيعة.