كشفت مصادر عليمة أن السلطات العمومية وفي أعقاب اعتماد مجموعة يقظة خاصة لمتابعة أسعار النفط، مكونة من مسؤولي بنك الجزائر والمالية وعدد من الخبراء، شرعت في بلورة تصور يرمي إلى ضمان تقشف في النفقات ابتداء من سنة 2009، تفاديا للتبذير المسجل خلال السنوات الأربع الماضية بالخصوص. وترمي هذه التدابير التي ستطبق ابتداء من السنة المقبلة إلى مراعاة تراجع المداخيل والعائدات الجزائرية خلال السنة المقبلة، خاصة بعد أن تراجع سعر متوسط النفط الجزائري بحوالي 20 دولارا خلال الثلاثي الأخير من سنة 2008. وقد دفعت هذه التطورات السلطات العمومية إلى اعتماد إجراءات حذرة، على رأسها إعادة النظر في متوسط سعر النفط المعتمد في قانون مالية 2009 وارتقاب اتخاذ إجراءات صارمة فيما يتعلق بالنفقات والاعتمادات المالية الخاصة بالقطاعات والمشاريع الهامة، خاصة تلك التي تمس البنى التحتية والهياكل القاعدية. وقد تسبب تراجع متوسط سعر النفط الجزائري من 114.76 دولار للبرميل إلى غاية الفاتح أوت 2008 إلى 98 دولارا للبرميل مع بداية نوفمبر الجاري في إحداث حالة طوارئ في أوساط المخططين الجزائريين ومعدي الميزانيات وآمري الصرف وغيرهم، خاصة وأن الوضع أضحى مقلقا مع بروز توقعات باستمرار الوضع الحرج إلى غاية الثلاثي الثاني من السنة المقبلة على الأقل. هذا الوضع دفع بالسلطات العمومية الى التحذير من أي مظاهر للتبذير والمبالغة في النفقات خاصة في مجال النفقات العمومية التي شهدت تجاوزات كبيرة وعدم ضبط وتحكم تسببت في خسائر معتبرة، دفعت رئيس الجمهورية الى التدخل لوضع حد لما اعتبر نزيفا حقيقيا، خاصة وأن الاعتمادات المالية في مجال النفقات العمومية عرفت ارتفاعا محسوسا خلال الخمس سنوات الماضية. واستنادا إلى آخر تقارير منظمة "أوبك"، فإن متوسط سعر النفط الجزائري عرف تراجعا كبيرا من 114.33 دولار في أوت 2008 إلى 99.48 دولارا للبرميل في سبتمبر 2008 وأقل من 90 دولار للبرميل في أكتوبر 2008 ، أي أن البرميل فقد خلال الثلاث أشهر المنصرمة أكثر من 25 بالمائة من قيمته وهو المعطى الذي أقلق المخططين ويدفع حاليا الى التوجه نحو تدابير أكثر صرامة وتقشف ابتداء من السنة المقبلة، بما في ذلك في مجال النفقات العمومية.