موسم الهجرة ليس مجرد رواية نستمتع بقراءتها، وإنما صارت حركة دورية في الأوساط السياسية، خاصة تحت قبة البرلمان. فقد تداولت الصحافة هذه الأيام هجرة النواب من حزب إلى آخر، واتهمت زعيمة حزب العمال الأفلان بسرقة نوابها. وليست الظاهرة وليدة الساعة، بل أصبحت عادة تمارس مع كل مجلس جديد. قد يكون نواب لويزة هربوا إلى الأفلان لأن السيدة ألزمتهم بدفع جزء من راتبهم الشهري إلى الحزب الذي أوصلهم إلى البرلمان، مثلما فعل الأرندي ومثلما فعل الأفلان، لكن ضريبة حزب العمال أكبر بكثير، مما جعل نواب العمال يهربون بماهيتهم إلى الجبهة، فلويزة التي لم تقبل دعم الدولة لحزبها سنة 1990، عندما منحت الدولة 200 مليون لكل حزب وقالت إنها جاءت للمعارضة وليس للكسب، لن تقبل أن يستغل الحزب لأغراض شخصية. لكن يبدو أنه ليس هذا السبب الوحيد في هجرة النواب، وإنما البحث عن فضاء للبزنسة، ويكون الفضاء أرحب إذا كان الحزب في قوة الأفلان وفي درجة قربها من الحكام. فالسباق على الترشيحات لتبوأ منصب نائب، الهدف منه هو الحصول على البطاقة السحرية التي تفتح كل الأبواب. لكن الظاهرة ليست بالجديدة، فقد بدأها عبد القادر مرباح، الذي يقول إنه من أدخل التعددية لبرلمان 1987، عندما انتقل من الأفلان إلى حزب قاصدي مرباح، الذي أغراه فيه الإسم، وليس أشياء أخرى. حال البرلمان والأحزاب عندنا، مثل حال الأرض، مازالت عرضة لنوبات الزلازل والبراكين، لأنها مازالت في طور التكوين. وحتى الأحزاب مازالت في طور التكوين، ولذلك من المبكر أن نتحدث عن خيارات مبنية على برامج أو قناعات سياسية، وسط المناضلين أيا كانت انتماءاتهم.