اتهمت المجموعة البرلمانية للأحرار النواب الذين أعلنوا انضمامهم الى حزب جبهة التحرير الوطني بخيانة ثقة الناخبين والتلاعب، ودعت الكتلة النواب الجدد الذين تم انتخابهم على رؤوس قوائم حرة، احترام الثقة التي منحهم إياها الناخبون في تشريعيات 17 ماي المنصرم، وطالب بيان صادر عن هذه المجموعة البرلمانية، النواب الأحرار إلى "التمسك باتجاهاتهم السياسية الحرة وفاء لمبادئهم، وعدم الانقلاب على خصوصيات التغيير التي رفعوها خلال الحملة الانتخابية". وجاء بيان المجموعة البرلمانية للنواب الأحرار بعد يومين من إعلان الأمين العام للهيئة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم، عن انضمام 14 نائبا بصفة رسمية، في انتظار سبع نواب آخرين، قال إنهم أبدوا رغبتهم في الالتحاق، لكنهم ينتظرون ضمانات، كما قال، في مشهد يكشف عن تنكر غير مبرر للناخبين الذين يكونون قد اختاروا التصويت على هؤلاء النواب لخصوصية ما، غير أنهم فضلوا تغليب مصالحهم السياسية على مبادئهم الأخلاقية. وقد توصلت "الشروق" إلى عينة من هذه الحالات التي قد تسيء الى العمل السياسي ومصداقية الانتخابات في الممارسة السياسية، وهي عبارة عن رسالة وجهها نائب جديد عن ولاية مستغانم إلى الأمين العام للجبهة عبد العزيز بلخادم، يعلن من خلالها انضمامه للحزب العتيد، بالرغم من أنه انتخب ضمن قائمة حركة الوفاق الوطني ولم يجد هذا النائب من تبرير لقيامه بهذا العمل، العاري من الأخلاق السياسية، سوى تأكيده على أنه مناضل سابق في جبهة التحرير، وأمين قسمة ومسؤول اتحادية، كما جاء في نص الرسالة الموقعة من قبل المعني بتاريخ 24 من الشهر الجاري، والتي تحصلت "الشروق اليومي" على نسخة منها. وليست هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها نواب أحرار أو ينتمون لأحزاب أخرى صغيرة، تغيير وجهتهم السياسية، بحيث شهدت العهدة البرلمانية المنقضية حالات كثيرة من هذا القبيل، مست على وجه الخصوص حزب العمال، وبدرجة أقل كتلة الأحرار. وكان حزب لويزة حنون أكثر المتضررين، بحيث فقد أكثر من ضعف عدد نوابه. وبلغة الأرقام، لم يبق لهذا الحزب سوى ثمانية نواب فقط، من مجموع 21 مقعد تحصل عليها في انتخابات 2002، في مشهد كيفه المعنيون على أنه هروب من تسلط رئيسة الحزب، التي ألزمت كل من انتخب تحت مضلة حزب العمال بالتوقيع على ميثاق يحرم المنتخبين من كثير من المزايا المالية التي يوفرها هذا المنصب، على اعتبار أن هذا الميثاق يفرض على النائب وضع كل مرتبه البالغ في مجمله، حوالي 20 مليون سنتيم بين أيدي حنون، مقابل أجرة شهرية تقتطع من خزينة الحزب. وسبق للأحزاب المتضررة من هذه الظاهرة، وهي علاوة على حزب العمال، حركة الإصلاح، مطالبة البرلمان باستصدار قانون يسمح للجهة المتضررة بإسقاط عضوية النائب المنسحب من الحزب الذي ترشح باسمه، واستبداله بالذي يليه في القائمة، غير أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، نظرا لصمت الكتل النيابية الكبرى، التي تبقى المستفيد الكبير من تفشي هذه الظاهرة، كونها عادة ما تكون ملاذا للفارين من أحزابهم. وقد حاولت زعيمة حزب العمال إثارة هذه النقطة في اللقاء التلفزيوني الأخير الذي جمعها بكل من احمد أويحيى وعبد العزيز بلخادم، مستغلة نافذة فتحها بلخادم على هذا الموضوع بتأكيده رغبة نواب لا ينتمون للجبهة في الانضمام إليها، غير أن زعيم العتيد سارع إلى غلقها بعدما لمس بوادر "هجوم شرس" من لويزة حنون، لتبقى هذه المسألة الحساسة بعيدة عن التناول السياسي الرسمي. محمد مسلم:[email protected]