لدى استئناف الدّورة البرلمانيّة أشغالها في الأسبوع المنصرم، وفي اليوم الأول من عودتهم من العطلة، تلقى مئات النواب في مجلس العموم البريطانيّ رسالة تطلب منهم استرجاع الأموال التي يكونوا قد طالبوا بتحصيلها ضمن تفقاتهم المهنيّة والتي لا تتعلّق بأداء وظيفتهم النّيابيّة، بصفة مباشرة، من بينها فوائد عن قروض خيّاليّة. ومند ذلك اليوم، عادت إلى واجهة الأحداث فضيحة النفقات التى كانت فجّرت تفاصيلها صحيفة الدايلي تلغراف في ماي الماضي، ثمّ واصلت التحقيق بشأنها لجنة أُوكلت رآستها للسّير توماس لاغ الذي أعطى للنّواب مهلة قصيرة للردّ على نتائج تحرّياته. بدأت هذه القضيّة عندما كشفت يوميّة الدايلي تلغراف، ابتداء من ماي 2009، وعلى جرعات يوميّة لمدّة شهر، تفاصيل نفقات النوّاب التي تلقّوها بصورة غير قانونيّة. غير أنّ البرلمان الذي كان مقرّرا أن ينشر كل تلك المستندات بعد شهر من ذلك التاريخ، استكمل عمله بطمس ما اعتبره معلومات شخصيّة وخصوصيّة، وبثّ مرّة واحدة على شبكة الأنتارنات كلّ الوثائق المتعلّقة بنفقات نواب مجلس العموم التي حصّلوا مبالغها من الخزينة العامّة. غير أن الدّايلي تلغراف شكّكت في صحّة التبريرات عن سبب حجب بعض المعلومات التي تمّ طمسها بالحبر الأسود. وقد كشف مجلس العموم أنّ 180 نائبا قد أعادوا مبلغ 470 ألف جنيه استرلينيّ، دون الإعلان عن أسمائهم. وكان مجلس العموم قد لجأ قبل ذلك للعدالة، وصرف لذالك الغرص 100 ألف جنيه استرلينيّ في محاولة، انتهت بالفشل، للحيلولة دون نشر تلك المعلومات. وقد نتج عن ذلك وعن تورّط رئيس مجلس العموم في تقديم معلومات غير صحيحة عن نفقاته أن قدّم 23 نائبا عريضة بحجب الثقة عن رئيس مجلس العموم. وانتهت تلك المبادرة بتقديم ميكائيل مارتن استقالته النافذة ابتداء من تاريخ 21 جوان 2009، وهو الحدث الذي لم يشهد المجلس العتيد مثيلا له منذ 1695. وبذلك أرخى الشكّ ظلاله حول مصداقيّة ذلك المجلس الذي كسب طوال قرون كلّ نياشين التمجيد، وما يزال على كل حال. ومنذا ذلك التّاريخ تزايد الإلحاح على رئيس الوزراء العمّالي للتعجيل بعرض مشروع الإصلاحات الدستوريّة التي وعد بها حزبُه جمهورَ الناخبين. ومن بين الإجراءات التي أعلنها رئيس الوزراء غوردن براون، فَوْر نَشْر تفاصيل نفقات النوّاب على الانتارنات، هو تأسيس لجنة تحقيق مستقلّة تحت رئاسة السّير توماس لاغ، الأمين العام الدائم لدى الحكومة المتقاعد، كان الهدف منها التّدقيق في البيانات والسجلاّت التي صرّح بها النوّاب حول مبالغ النّفقات التى استلموها ما بين 2004 و 2009. ووعد براون نوّاب حزبه بأنّ تلك اللّجنة سثضع حدّا لتلك الصّدمة التي عصفت بكل الطبقة السيّاسيّة. غير أنّ السّير لاغ أعاد تفجير الفضيحة بمطالبته نصف نواب البرلمان، البالغ عدد أعضائه 650 نائبا، باسترجاع ما تلقّوه من نفقات أو تقديم مزيد من الوثائق الثبوتيّة. وكان الوزير الأول نفسه أوّل المبادرين بإعادة 12,415 جنيه استرلينيّ، وهو واحد من أعلى المبالغ المستردّة، كشف السّير لاغ أنّ براون تلقاها زيادة على ما يحقّ له مقابل مصاريف خاصّة بتدبير شؤون منزله بلندن. أمّا دافيد كامرون، رئيس حزب المحافظين، فقد دعاه السّير لاغ إلى تقديم مزيد من الإستبيانات حول مطالب له بمبالغ تتجاوز ما يحقّ له عندما غيّر قرضه العقّاري سنة 2006. وأعاد أيضا مبلغ 218 جنيه استرليني. في حين طلب السّير لاغ من زعيم الحزب الليبرلي الدّيمقراطيّ تسديد 910 جنيه استرليني من جملة 3900 جنيه طلبها كمصاريف عن البستنة وذلك ما بين 2006 و 2009. وطلب من ألكس سالموند، زعيم الحزب الوطنيّ الأسكتلنديّ، استرجاع مبلغ 710 جنيه استرليني استلمها لتغطية تكلفة رحيله سنة 2007، كما دُعي لتقديم مزيد من المعلومات حول 2610 جنيه استرليني طلبها كتكلفة إقامة بفندق. وتتشكّل مصاريف النّواب، التي يجب تقديم بياناتها من ثلاثة أصناف. أولا، نفقة إضافيّة بمبلغ 24 ألف جنيه استرلينيّ سنويّا لتغطية تكلفة الإقامة الثانية، عادة بلندن. وثانيا، من مبلغ 10400 جنيه استرلينييّ لتغطية مصاريف الطّباعة والإتصال والإعلام. وثالثا، من مبلغ 22193 لتغطية مصاريف المقرّ وتجهيزاته وأجور العاملين به. ولكنّه عند الإعلان عن نتائج تحرّياته، فاجأ السّير لاغ النّواب جميعا باتخاذه قرارا حدّد بموجبه المبلغ الأقصى القابل للتعويض سنويّا عن مصاريف التدبير المنزلي بألفين اثنين من الجنيهات وعن البستنة بألف جنيه، وذلك بأثر رجعيّ، بالإضافة إلى أنّه لم يكن منصوصا عليه ضمن القوانين السّابقة، ممّا أثار حفيظة الغالبيّة العظمي من النّواب. وقد دعى غوردن براون أعضاء حزب العمّال أن يقتدوا به ويسدّدوا ما طُلب منهم. إلا أنّ كثيرا من النوّاب استاؤوا لهذا القرار غير المنتظر، ومنهم من رفض ردّ الأموال التي طالبهم المحقّق لاغ باسترجاعها لخزينة الدّولة، وذهبوا مشكّكين في مشروعيّة المعايير التي اعتمدها لنفسه في تحرّياته. وقد بادرت بهذا النّقد هاريات هارمن نائبة رئيس الوزراء العمّالي غداة توزيع الرسائل على النّواب حيث صرّحت: »بأنّ الحكم على الوقائع يجب أن يتمّ ضمن القواعد والمعايير المتّفق عليها أثناء الفترة المعنيّة.« مضيفة أنّ: »القيام بغير ذلك هو من باب التعسّف.« وقد تداولت الأخبار موقفها المتحفّظ من طريقة تعامل زعيم حزبها مع قضيّة النفقات وتعيينه لجنة السّير لاغ للتّحقيق التي انتهت إلي تعريض النّواب لضغوط غير عادلة، كما قالت. وكان من بين النواب الغاضبين الخمسين النائب فرانك فيلد، وزير الخدمات الإجتماعيّة السابق، الذي يُعدّ نموذجا على الإستقامة في سجلّ نفقاته، حيث تمّت مطابلته باسترجاع سبعة آلاف جنيه، معضمها مصاريف عن تدبير الأشغال المنزليّة. وقد وصف فيلد لصحيفة الصانداي تايمز الأمر وكأنّ سائقا كان يجري بسرعة 25 كلم للسّاعة في منطقة تمّ تحديد السّرعة فيها ب 30 كلم، وإذا به يتلقّى تذكرة مخالفة لكونه كان يجري بسرعة أعلى من 20 كلم السّاعة: »كنت أوّل من نشر نفقاتي على شبكة الأنتارنات ليمارس المواطنون حقّهم في المحاسبة، كما طالبت بالشفافيّة، ولكنّ تمّ نقلي من أروقة القدّيسين إلى أروقة المحتاين.« ويرى المحلّلون أنّ لاغ، في صرامته فيما يتعلّق بالنفقات على التدبير المنزلي والبستنة، كان ينظر بنصف عين إلى المصير الذي لقيه اللّورد هوتن قاضي القضاة الذّي حقّق في »وفاة« دافيد كالي عالم أسلحة الدّمار الشامل. وإذ قرّر العديد من النّواب أن يتجرّعوا العلقم ويدفعوا ما طَلب منهم السّير لاغ تسديده، ممتثلين لتوجيهات زعماء أحزابهم، إلا أنّ العديد من أعضاء حزب العمّال لم يُخفوا تذمّرهم من تعامل غولدن براون مع القضيّة. ومنهم من رفض التسديد مثل النائب آلن سامسون الذي توعّد برفع قضيّة ضد السّير لاغ قائلا للتايمز: »إذا كان لاغ يظنّ أنّ مبدأ الأثر الرّجعي وإعادة سنّ الأحكام يصمد أمام المحكمة، فعليه أن يختبر ذلك أمام القضاء.« غير أنّ التحجّج برفض مبدإ التطبيق بأثر رجعي لا يصمد أمام التراث القانونيّ بالمملكة المتّحدة، حيث تمّ مثلا إصدار القانون المتعلّق بجرائم الحرب لسنة 1991 بمفعول رجعيّ، تماما كما يحدث بالنّسبة لقوانين الضرائب، وآخرها قانون المالية لسنة 2008. ويري الباحث ماثيو دانكونا أنّ المجتمعات التي تتعرّض لأزمات عاصفة تحتاج لقوانين ذات أثر رجعيّ حتّى لا تنسى وأيضا لتُصحّح الخطأ، لأنّ الصّفح المطلق لايؤدّي إلى التّصالح الفعليّ. وعليه، يطلب من النّواب أن يعوا هذه الحقيقة ويدركوا أنّ المسألة ليست مجرّد سوء تدبير لشؤون البيت بل هي زلزال سياسيّ. وبلغة حادّة، اعتبر المعلّق الصحافي ماثيو دانكورا، أنّ موقف النوّاب ينمّ عن: »ضعف إحساسهم بحجم الضرر الذي ألحقوه بالبرلمان وسرعة تبديد ما تبقّى من ثقة لدى الجاهير. إنهم يحاولون تزوير نفقاتهم في وقت تحترق فيه روما.« وممّا زاد من إثارة حفيظة الرأي العام ضدّ النوّاب هو تردّدهم في التجاوب مع رسالة السّير لاغ وتصريحاتهم المتحدّية بالرفض للإمتثال لتوجيهاته. فقد كشف سبر للرّأي قامت به السانداي تايمز الأسبوعية أن 73 في المئة من المواطنين يعتقدون أنّ النواب مازلوا »غير نزهاء« في حين أنّ 20 في المئة فقط قالوا »أنّهم فهموا الدّرس«. كما أنّ 65 في المئة طالبوا النّواب بتسديد النفقات حتّى ولو صرّحوا بأنّهم قد التزموا بقواعد القانون، مقابل 20 في المئة يعتقدون أنّهم ليسوا ملزمين باسترداد النفقات. ولكنّ، نيك كلاغ، زعيم الليبراليين أبدى تجاوبا واضحا مع الرّأي العام الغاضب، وذهب إلى القول بأنّ مشكل تقرير السّير لاغ ليس في كونه قاسيا بل في كونه لم يكن بالصّرامة المطلوبة. وفي رأيه أنّ السِّير لاغ كان عليه أن يُوسّع تحرّياته لتشمل الترتيبات المتعلّقة بالممتلكات وكذا التصرّفات الشنيعة للتّهرّب من تسديد الضرائب على الأرباح. وأوضح أنّه ليس من المعقول أن تتمّ مطالبة أولئك الذين ضخّموا من تكاليف العناية بحدائقهم باسترجاع تلك المبالغ ولا تتمّ محاسبة الذين تلاعبوا بالتصريحات المتعلّقة بممتلكاتهم لتحقيق استفادة شخصيّة على حساب المال العام. كما صرّح جون باركو، رئيس مجلس العموم الجديد: »أنّ الجمهور ينتظر أن يرى ويقتنع بأنّنا قد فهمنا الرّسالة التي مفادها أنّ هناك استياءا شعبيّا وأن عمليّة التّصريح بالنّفقات يجب أن يعاد النّظر فيها وأنه لابدّ أن يكون هناك جزاء لكلّ التصريحات التي ثبت بطلانها أو عدم دقّتها.« ويرى المحلّلون أنّ رغبة رئيس مجلس العموم تتّجه لحماية ثقة الشّعب في تلك المؤسّسة العريقة، بدلا من الإنشغال بتسجيل بضعة نقاط ضمن الحسابات الحزبيّة الضيّقة. وحتّى يوم أمس الإثنين، وصل عدد النّواب الذين صرّحوا بأنّهم لن يترشّحوا للإنتخابات البرلمانيّة القادمة إلى 130 نائبا، بما فيهم عدد من الذين قدّموا تصريحات مريبة أو مثيرة للجدل. وهناك من بينهم من هدّد باللّجوء للعدالة معتقدا في براءة ساحته. كما هناك عشرة على الأقلّ ممّن صرّحوا بأنهم قد استأنفوا استشارة رجال قانون. بالإضافة إلى كثيرين ممّن تبخّرت آمالهم واندثرت حظوظهم في الحفاظ على مقاعدهم في البرلمان المقبل. وعلى الرغم من أنّ حزب المحافظين يحضى الآن بتأييد قرابة 70 في المئة من أصوات النّاخبين، إلا أنّ من أكبر الإحتمالات الواردة أن تتّجه أصوات الناخبين إلى الأحزاب الصغيرة والمستقلّين، ومنها خاصّة أحزاب اليمين واليمين المتطرّف. ويتوقّع أنطوتي ويلز، أحد خبراء سبر الرّأي، أن ثلث النّواب في المجلس المقبل سيكونون من المبتدئين، وهي أعلى نسبة منذ 1945. وبالتّالي فإنّ أعضاء الحكومة المقبلة، التي تتشكّل في المملكة المتّحدة من بين المنتخَبين في البرلمان، سيكونون بدون تجربة برلمانيّة أو إداريّة. ومثل هذا التشبيب يكون إيجابيّا لولا اتّساع رقعة الفرص للتّنافس على مواقع السّلطة. ومن النتائج التي يتوقّعها المحلّلون أنّ تغييرا حاسما ستشهده الثقافة السياسية بفعل تطعيم الساحة السياسيّة بجيل من الشبّان، يتمتّعون بذهنيّة متحرّرة ومعتمدين على أصوات ناخبين غير راضين على الطبقة السّياسيّة، إن لم يكونوا رافضين لها. وفي نفس الإتّجاه، فمن المتوقّع أن ينحى أعضاء الأحزاب أنفسهم إلى عدم الإمثال الكلّي لبرنامج حزبهم ضمن سعيهم لكسب أصوات النّاخبين. وهذا ما يعني، مثلا، أنّ حزب المحافظين، سيجد صعوبة في تطبيق برنامجه الواعد، أساسا، بخفض نفقات القطاع العام. وفي كلّ الإحوال فإنّ سطوة الأحزاب ستضعف مقابل جشع شعبيّ لمزيد من الشفافيّة ومزيد من مزايا القوانين القاضية بحريّة المعلومات وكذا توسيع المشاركة في صنع القرار المحلّي. أمّا بالنّسبة لحزب العمّال، فإنّ منصب الزّعامة سيكون من الصّعب توقّع المرشّح له، فإذ يعوّض جيل جديد الحرس القديم، فإنّ أولئك المترشّحين القدامى الذين قضوا سنوات متتالية لبناء شبكة الولاءات ستضيع لهم فرصة الأفضليّة. وإذا كانت كلّ الأحزاب مورّطة في فضيحة النّفقات، وليس لدى الرّأي العام تمييزا بين نزاهة واحد من بين الثلاثة الكبري منها، فإنّ حزب العمّال سيواجه أمواجا عاتية، خاصّة لكونه الحزب الحاكم لفترتين برلمانيتين متتاليتين. غير أنّ أكبر الضرر قد يلحق به على يد ضحايا فضيحة النفقات من بين نوابه والذين من المستبعد أن يحافظوا على انضباطهم، بالسكوت. بل إنّ هناك من ذهب إلى النظر في موقف نائبة رئيس الورزاء، وهي تُدافع عن ضحايا الفضيحة، مؤشر تموقع تأهّبا منها لاحتمال تضعضع زعامة غوردن براون. وقد بدأ بعض نواب حزب العمّال التّصريح بتحدّيهم لقرار غوردن براون القاضي بحرمان المتورّطين في فضيحة النّفقات من الترشّح للإنتخابات البرلمانيّة القادمة، خاصّة على ضوء المقترحات التي تتوقّع أن يمنع النّواب بمقتضاها من ضمّ فوائد القروض العقّاريّة إلى النفقات. وهذا من شأنه أن يؤدّي ببعض النّواب، خاصّة من حزب العمّال، إلى أن يبيعوا المساكن التي كان يتمّ دفع قروضها من المال العام. والبعض الآخر سيجد نفسه في وضع أصعب بعد سداد قرضه العقّاري. ويستمرّ جرح الفضيحة نزيفا. وإذ بقيت للنّواب مهلة أسبوعين للردّ على رسالة السّيرلاغ، فإنّ هذا الأخير مطالب بأن يُقدّم تقريره النّهائي إلى أعضاء اللّجنة البرلمانيّة للتّقييم التي عيّنته. وفي حال امتناع نواب عن دفع ما طولبوا باسترداده فستتولّى اللجنة اتخاذ القرار النهائي بشأنهم، بصورة أو أخرى. ولا يتوقّع أحد أن تتوان اللّجنة في التجاوب مع ما ينتظره عامّة النّاس، ممّا سيصطدم بردود أفعال النوّاب الرّافضين التي من الصّعب الآن التكهّن بعواقبها. ومن جهة أخرى، فقد كشفت مصالح الضرائب أنّها تُجري الآن تحقيقات حول التصريحات الضريبيّة ل 27 نائبا للتأكّد ممّا إذا كانوا أم لا قد انتهكوا قانون الضرائب الذي ينصّ على أنّ الإعفاءات الضريبيّة التي من حقّهم الإستفادة منها يجب أن تكون مرتبطة بممارسة مهامهم النيابيّة: »بشكل كامل، ضروريّ وحصريّ.« يضاف لذلك أنّ السّير كريستوفار كيلي، رئيس اللجنة البرلمانيّة لاحترام المعايير في الحياة العامّة، والذي تمّ تكليفه بمراجعة القواعد التي تحكم النّفقات القابلة للتّعويض، سينشر حصيلة مقترحاته خلال الأسبوع الأوّل من الشهر القادم. وقبل نهاية السنة، سينشر مجلس العموم تقريره السنويّ عن النّفقات التي انتهت مدّة تقديمها في أفريل الماضي، أيّ بشهر قبل انكشاف الفضيحة الرّاهنة. وليس من المستبعد أن تظهر مخالفات جديدة. كما بدأت ترتفع أصوات متزايدة العدد مُطالبة بتعميم التقييم على أعضاء مجلس اللّوردات الذين يخضعون الآن لمراقبة فرديّة من طرف موظّف حكومي يعمل لدى المجلس منذ أربعين سنة. ويعود السّبب في ذلك إلي تكرار تصريحات نوّاب هذا المجلس بنفقات تثير الشّكوك حول صحّتها. وفي هذا الإطار، طالب أحد اللّوردات المستقلّين بإخضاع المجلس إلى تحقيق السّير لاغ. وقد أوردت الدايلي تلغراف أنّ أربعة من اللّوردات هم الآن رهن التحقيق من طرف الشرطة حول نفقاتهم البرلمانيّة. وهكذا، انتهت مبادرة الوزير الأول بتشكيل لجنة السّير لاغ بهدف وضع حدّ في المهد لفضيحة النفقات، إلى فتح شرخ في صرح المؤسّسة البرلمانيّة لا يدري أحد كيف سيتمّ رأبه لتجنّب تبعاته المدمّرة على الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة، وكذا، لاستعادة ثقة المواطنين في الطّبقة السيّاسيّة وفي مؤسّسة البرلمان العريقة .