أشارت مصادر مقربة من قطاع الصناعة الصيدلانية أن أكثر من 50 شركة ومخبرا دوليا تتفاوض حاليا لتحديد الشروط والآليات التي تسمح لهم بالحصول على تراخيص إقامة مكاتب تمثيل وفروع لها بالجزائر، ضمانا لاحترام ما نصت عليه دفاتر الشروط الخاصة بمتعاملي الصناعة الصيدلانية والأدوية. وأوضحت نفس المصادر أن من بين الشركات الخمسين هنالك على الأقل 30 منها تمثل الدول الأوروبية الرئيسية التي تتعامل معها الجزائر، بينما يسجل وجود مخابر من أمريكا الشمالية وآسيا والشرق الأوسط بدرجة أقل. وتأتي هذه الإجراءات في وقت شرعت فيه السلطات العمومية في تطبيق دفتر الشروط الخاص بمتعاملي الأدوية والذي يفرض استثمارا فعليا بعد سنتين من النشاط في الاستيراد، ويشترط ضمان تواجد كافة الشركات المتعاملة مع سوق الأدوية في مجال الاستيراد والتسويق. وتأتي الخطوة الجديدة سعيا من الشركات الأجنبية لتفادي تضييع حصتها من السوق الجزائرية، خاصة مع الارتفاع الكبير لفاتورة الاستيراد التي تقدر ب 2.3 مليار دولار، بينما بلغت السنة المنصرمة 1.85 مليار دولار. ومن المرتقب أن يحتدم التنافس ابتداء من السنة المقبلة بين العديد من المتعاملين، خاصة وأن أكبر المخابر الدولية أضحت تمثل النصيب الأكبر من السوق الجزائري في مجال الادوية. وتفيد أرقام خاصة بسوق الأدوية في الجزائر، أن المخابر العشر الأولى الكبرى العاملة في الجزائر تمتلك أكثر من 50 بالمائة من حصص السوق بنسب متفاوتة. وتبقى "صانوفي أفانتيس" الفرنسية أكبر الفاعلين والمتعامل الرئيسي في سوق الأدوية في الجزائر. كما يسجل وجود من بين المتعاملين الفاعلين المخابر الأردنية النشطة حاليا في السوق الجزائرية, على غرار " دار الدواء" و"الحكمة"، يضاف إليها المخابر الدولية المؤثرة مثل "بفايزر" و"كلاكسو سميث كلاين" و"نوفارتيس" و"هوفمان لاروش"، بينما لاتزال المخابر الأمريكية الكبرى غائبة عن السوق على غرار "جونسون آند جونسون" و"ميرك". وبفضل الاجراءات المتخذة ابتداء من الثلاثي الأول من السنة الحالية، فإن عددا من المخابر الأجنبية ستفتح ابتداء من النصف الأول من السنة المقبلة مكاتب تمثيلية في مرحلة أولى ضمانا لتواجدها في انتظار إنشاء فروع كاملة لاحقا. وتبدي المخابر الأجنبية اهتماما بنمو السوق الذي يعتبر الأهم في منطقة المغرب العربي، حيث تقدر نسبة نمو السوق ما بين 6 إلى 10 بالمائة سنويا، وهي من أعلى المستويات في المنطقة. كما يظل سوق الدواء في الجزائر ضعيف مقارنة بالقدرات الموجودة، فيما يبقى الارتباط بالسوق الخارجي كبيرا؛ إذ لا يلبي الانتاج المحلي سوى أقل من 30 بالمائة من حاجيات السوق المحلي، بينما تبقى قلة من المخابر تمثل نصيبا كبيرا من السوق، خاصة في بعض المجالات والتخصصات والمواد. على صعيد آخر، يرتقب أن تواجه سوق الأدوية في الجزائر بداية السنة المقبلة مشكل ندرة في بعض أصناف الأدوية بالنظر للتأخر المسجل في مجال التصديق على برامج استيراد الأدوية لسنة 2009 والتي كان منتظرا مع بداية الثلاثي الرابع من السنة، إلا أن الهيئات المكلفة على مستوى مديرية الصيدلة لم تقم إلا بالتوقيع على عدد من الملاحق فحسب، في انتظار التوقيع وبالتالي تسريح أهم جزء من برنامج واردات الأدوية لسنة 2009 .