أجمع، أمس، حقوقيون ورجال قانون على أن عقوبة الإعدام لا تستعمل لردع المجرمين بقدر ما تستعمل لقمع الخصوم السياسيين وتصفيتهم. واستدل كل من بوجمعة غشير، رئيس الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، بقضية العقيد شعباني وطالب بأن تكون شعارا لحملة إلغاء عقوبة الإعدام في الجزائر. اعتبر رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، أمس، خلال تدخله في اليوم البرلماني من أجل إلغاء عقوبة الإعدام الذي نظمته كتلة الأرسيدي بالمجلس الشعبي الوطني، أن هذه العقوبة قد تجاوزها الزمن. وقال إن الدولة التي تمنع على المواطن أن يقتل غيره عليها أن لا تعطي هذا الحق لنفسها. وأكد سعيد سعدي على أن المشروع الذي يناضل من أجله الحقوقيون منذ سنوات طويلة يتطلب إرادة سياسية تنطلق من أساس احترام الحق في الحياة. من جهته، حذر الرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، علي يحي عبد النور، من أن الأخطاء القضائية أحيانا "تقتل أبرياء سلطت عليهم عقوبة الإعدام". وفي السياق ذاته، ذكر رئيس الرابطة، مصطفى بوشاشي، بحادثة تبرئة 119 أمريكي حكم عليه بالإعدام قبل أن يعاد دراسة قضاياهم لتظهر براءتهم، بعد أن عطلت الإجراءات القضائية تنفيذ الحكم. كما اعتبر علي يحي عبد النور أن عدم استقلالية الجهاز القضائي وخضوع القضاة للضغوط والرشوة لا يضمن محاكمات عادلة. واستخلص علي يحي عبد النور أن عقوبة الإعدام غالبا ما تسلط على الضعفاء والمهمشين الذين لا يملكون دفاعا قويا. مضيفا أن الحل الوحيد للقضية هو بداية تدريس حقوق الإنسان في المدارس للتوصل إلى الفصل في نقاش استمر لسنوات دون أن يحدث تغيير. وتحدث بوجمعة غشير عن العوائق التي تحول دون إلغاء عقوبة الإعدام في الجزائر، منها الدينية، في إشارة إلى معارضة علماء الدين لإلغاء عقوبة تنص عليها الشريعة الإسلامية، وتأسف على غياب علماء الدين "حتى وإن كانوا متطرفين" عن اليوم البرلماني الذي كان من شأنه إحداث نقاش جاد حول المسألة بالرأي والرأي المخالف، وعمد إلى تفسير بعض الأمور الدينية المتعلقة بحد القصاص . وأشار غشير إلى العائق السياسي المتعلق بديمقراطية نظام الحكم، بالإضافة إلى اعتبار بعض الأطراف أن فكرة إلغاء عقوبة الإعدام فكرة غربية لا تليق بالمجتمعات الإسلامية. ولخص المتحدث قوله بأنه لا وجود لمبرر ديني ولا أخلاقي ولا سياسي للإبقاء على عقوبة الإعدام. وقال بوشاشي إن السلطة تستعمل عقوبة الإعدام كوسيلة سياسية وليس لحماية المجتمع، مشيرا إلى أن قانون العقوبات يحدد العقوبة بالنسبة للجرائم السياسية والمتمثلة في التجسس والتآمر ضد الدولة وما شابه، باستثناء جريمة القتل مع سبق الإصرار والترصد. وبالمقابل، اعتبر المحامي ميلود إبراهيمي أن تجميد الجزائر لعقوبة الإعدام في سنوات الإرهاب وعدم تنفيذها في حق من ارتكب أبشع الجرائم يجعله يتخيل أنه لن يعود إلى تطبيقها مستقبلا.