باشر تلاميذ الولاية المنتدبة لبراقي عطلة الشتاء التي تدوم الى الثالث جانفي المقبل، لكن مصادفتها مع موجة البرد تطرح صعوبات في كيفية تمضية أيامها لاسيما للذين ينحدرون من عائلات فقيرة. ففي بلدية سيدي موسى سرحت ثلاث عشرة مدرسة ابتدائية تلاميذها، وألقت متوسطتان وثانوية بمواردها البشرية الفتية إلى الشارع بعد أن ضاقت الاقسام الدراسية طيلة ثلاثة اشهر بمشاغبين أبرياء كان الجوع يفتك بالعشرات منهم، في الوقت الذي تعب المسيرون والأولياء كثيرا في حل مشكلات نقص تموين المطاعم المدرسية الخمس المفتوحة على مستوى البلدية، بينما يئس تلاميذ ومعلمو مدرسة "رايس2 " المحرومة من المطعم من أية التفاتة من السلطات المحلية ولو بتقديم وجبات باردة. هؤلاء التلاميذ وأترابهم في الكاليتوس وبراقي يواجهون طيلة خمسة عشر يوما ألوانا من الجوع والمعاناة الناجمة عن البرد وتقلبات الطقس وما يصاحبها من اصابات الزكام والمضاعفات التنفسية التي تترتب عن سوء العلاج في ظل شلل المراكز الصحية جراء اضراب السلك الطبي. في الواقع لم تسجل مشاعر الفرح بهذه المحطة الضرورية تربويا الاستراحة الذهنية للتلاميذ، بل على العكس بدا الكثيرمن تلاميذ الأقسام الابتدائية مرهقين من كثافة الدروس التي حشيت بها عقولهم الطرية ومن المسافات البعيدة التي كانوا يقطعونها ذهابا وإيابا بين مساكنهم وأغلبها نائية أو تشكو قلة المواصلات وبين مؤسساتهم التعليمية. كما عبر بعضهم صراحة عن حيرته في كيفية قضاء أيام العطلة. التلاميذ المراهقون من الصف المتوسط يجدون حرجا في إقناع اوليائهم بالسماح لهم بزيارة الأقارب القاطنين بمدينة مجاورة أو فى ارتياد مراكز التسلية على قلتها فى المدة الاخيرة بسبب غلق بعضها. أما الهوايات المفيدة فتبدو نادرة حتى بالنسبة لساكني الأحياء الحضرية ما دامت المكتبات البلدية افتراضية الوجود. وأما النوادي فما زالت حلما يراود الكبار ولا يخطر على بال الصغار، حسب تعبير تلميذ فى القسم النهائي. بالمقابل تمثل قاعات الألعاب القتيتة في بعض أحياء المدن الرئيسية فضاء يتردد عليه الابناء الميسورون في حين يواجه السواد الأعظم من الابناء الفقراء غيلان الفراغ بالمكوث الاضطراري في المنازل وسرعان ما يبدل البعض منهم جهدا فى الفكاك منه إذابالغ الاباء في تكليف أبنائهم ببعض الواجبات المنزلية. بالتأكيد لن يجد الفقراء ضالتهم من الغداء الجيد المناسب لمواجهة موجة البرد القارس التي ادخرتها الطبيعة هدا العام للمتمدرسينلتزيد الطين بلة.ليس من المبالغة في شيء اثارة هدا التحدي الغدائي في بلديات المتيجة رغم شهرتها الزائفة مثل انتخابات الغالم الثالثفي انتاج الحمضيات التي تباع هنا بضعف سعرها فيما سواها من الاسواق المجاورة. يتحسر ارباب العائلات في الأحياء الشعبية لتراجع بيع الاكل الخفيف المعد بالبيوت. يقول مواطن في حي الاكراد المحادي للشراربة ببلدية الكاليتوس بان الخبز بالحمص كان يباع بثمن بخس في الازقة قبل غشرين سنة لدلك كان الفقراء يسدون به الرمق ومنهم اطباء ومهندسو اليوم مروا بتلك الفترة الصعبة ماديا لكنها غنية معنويا بمظاهر التآزر. إضافة الى ذلك كله لا توفر البيوت العصرية ما يحتاج اليه الابناء من الالفة العائلية التي كانت توفرها في الماضي الجدات والقريبات المحنكات بتجارب الحياة. بدلا من ذلك يتزاحم البعض أمام شاشة التلفزة لقتل الوقت الباعث على الضجرلضحالة أغلب البرامج المقترحة من جهة ولقساوة طقس الشتاء من جهة أخرى.