يمكن أن نصف ما يقع في غزة هو عدوان مصري إسرائيلي سافر ومدروس.. العدوان الإسرائيلي هذه المرة أُعلن من القاهرة وليس من تل أبيب، والهدف هو "تحرير" غزة من أعداء مصر في غزة وتسليم القطاع لمصر خاليا من حماس.! هنا أدرك الشارع العربي لماذا كان أبو الغيط "يتغوط" من فمه بمناسبة وبغير مناسبة ضد حماس .! ولماذا كانت إسرائيل ترفض قيام دولة فلسطينية مادام الشعب الفلسطيني يؤيد حماس وليس المنظمة الإنبطاحية المصرية التي تسمى "فتح" ! منذ سنوات قال الأستاذ هيكل في الجزيرة: إن فكرة الوطنية في فلسطين لم تعد مجدية وقد تجاوزها الزمن..! وهو نفس الطرح الذي تتبناه إسرائيل وتطالب بعدم قيام دولة للفلسطينيين .. واستهوت الفكرة الأطماع المصرية في غزة مثلما استهوت أطماع الأردن في الضفة.. وأطماع إسرائيل في المستوطنات والقدس.! الآن مصر التي كانت أم الدنيا أصبحت "مومس" الدنيا سياسيا تسعى إلى تنفيذ الإستيلاء على غزة بعد تدميرها من طرف إسرائيل وتنحيتها من حماس .! مصر أدانت العدوان على غزة بنفس المفردات التي أدانت بها أمريكا عدوان 1967، في 1967 قال المرحوم عبد الناصر: إن الرئيس الأمريكي لندن جنسون قد اتصل وطلب منه عدم البدء بالهجوم، وأن اسرائيل لن تهجم على العرب .! ودلل بذلك على مشاركة أمريكا في تضليل العرب وبالتالي المشاركة في العدوان .! واليوم نفس الدور قامت به مصر بحيث أبلغت حماس في غزة أن إسرئيل لن تقدم على الهجوم على غزة .! والهدف هو تضليل حماس حتى لا تتخذ احتياطات .! وقد حدث ذلك .! هنا يمكن أن نفهم لماذا رفضت حماس علاج جرحاها في مصر .! لأنه يمكن أن يكون الموساد قد اتفق مع المخابرات المصرية على تصفية الجرحى جسديا بعد نقلهم إلى مصر .! ألا يمكن أن تنسق مصر مع الموساد أمنيا ؟ وهي التي تنسق مع إسرائيل سياسيا؟! نعم مصر لا تؤيد عقد قمة عربية لنجدة غزة.. تماما مثلما كانت أمريكا لا تؤيد اجتماعا لمجلس الأمن غداة العدوان على لبنان حتى تفرغ إسرائيل من تصفية حزب الله .! أليس هو نفسه الموقف الذي تقفه مصر من موضوع العدوان على غزة ؟! المصيبة أن المظاهرات التي عمت الشارع العربي تتظاهر ضد الحكام العرب ولكنها تحمل صورهم في هذه المظاهرات .. وهو نفاق شعبي كبير.. لا يوجد أسوأ منه سوى ما حدث في الجزائر من أن جبهة التحرير نظمت تجمعا شعبيا في قاعة حضرته الجالية الفلسطينية في الجزائر أكثر مما حضره مناضلو هذا الحزب ! وتلك مصيبة جزائرية أكثر من مصيبة مصر؟!