يعقد مجلس الأمن اجتماعا طارئا ظهر اليوم الاثنين لبحث التطورات الحاصلة في مالي،ويأتي الاجتماع بعد الرسالة التي بعثت بها فرنسا لمجلس الأمن الدولي الجمعة المنصرم أبلغته فيها قرار تدخلها العسكري في مالي بطلب من باماكو و تدعم قوات فرنسا الجوية الجيش الحكومي المالي في محاربة المسلحين لاستعادة مناطق في وسط البلاد كانت جماعات مسلحة سيطرت عليها وتقدمت إلى جنوب البلاد. وأوضح بريوك بون المتحدث باسم البعثة الفرنسية لدى الأممالمتحدة"إنها خطوة من فرنسا لإبلاغ مجلس الأمن بسير العملية العسكرية وتبادل وجهات النظر بين أعضاء المجلس ومع الأمانة العامة للأمم المتحدة"عشية بدء عملية لنشر زهاء 3300 جندي أفريقي في البلاد أعلنت عنها دول مجموعة التعاون الاقتصادى لدول غرب افريقيا. من جهة اخرى واصلت الطائرات الفرنسية امس الاحد قصف مواقع المسلحين لليوم الثالث على التوالي حيث أغارت للمرة الاولى يوم امس على مواقعهم في شمال البلاد في كل من غاو وكيدال،وقال وزير الخارجية لوران فابيوس امس الاحد ان عملية وقف تقدم المسلحين تمت،وما بدانا فعله اليوم هو التعامل مع قواعدهم الخلفية"في الشمال. وبحسب وزارة الدفاع الفرنسية فان اربع طائرات مقاتلة من نوع رافال دمرت معسكرات تدريب ومخازن إستراتيجية للمجموعات المسلحة قرب غاو نحو 1200 كلم شمال باماكو. وقال مصدر امني إقليمي"ان الطائرات الفرنسية نفذت ضربات جوية في منطقة كيدال وتحديدا في اغابو"على بعد 50 كلم من كيدال،كما تم استهداف معسكر للمسلحين في ليري على بعد 150 كلم شمال كونا قرب موريتانيا،بحسب شهود ومنظمة اطباء بلا حدود،كما تم ضرب اهداف قرب دوونتزا الواقعة على بعد 800 كلم مال باماكو . وكانت مصادر مقربة من الرئاسة الفرنسية قد اشارت الى أن المجموعات الإسلامية مجهزة تجهيزا جيدا،كما أن عناصرها مدربون على استخدام ما بحوزتهم من أسلحة حديثة. و ينتظر أن يناقش مجلس الأمن اليوم تطورات التدخل في مالي وتبعاته على مستويات عدة قد تكون أهمها الانعكاسات الخطرة التي ستبدأ في الظهور في منطقة الساحل وبلدان المجاورة لمالي خاصة إذا ما تم تصعيد الهجمات والضغط على الجماعات عسكريا من الناحية الجنوبية ، بالإضافة إلى الآثار الإنسانية والسياسية لهذا التدخل الذي يراه بعض المحللون متسرعا وغير مدروس من طرف الجانب الفرنسي . ويرى متابعون أن فرنسا تبحث عن موطأ قدم في الساحل من اجل المحافظة على مصالحها الاقتصادية والسياسية في المنطقة لا سيما في محيط البلدان الناطقة باللغة الفرنسية فيما يرى آخرون ان غنى المنطقة باحتياطي كبير من النفط تسيل لعاب دول كثيرة ستأخذ على عاتقها حماية مالي من المتشددين القادمين من شمال البلاد وهو ما سيوازن معادلة النفط العالمي في حال ما إذا أقدمت إيران على إغلاق مضيق هرمز الذي يعبر منه اكبر جزء من بترول العرب.. وفيما يستبعد البعض نجاح العمليات العسكرية الفرنسية في مالي ينتظر آخرون نجاح القوات الفرنسية في هذه المرحلة لا سيما وان التدخل جاء بالقوات الجوية فقط وهو ما سيحد من خسائرها ويكثف من خسائر الجماعات المسلحة على الأرض . جميع هذه التداعيات محتملة و لا يمكن حصرها داخل مالي فقط، بالنظر إلى محيطها الجغرافي وحدودها المترامية مع عدة دول أبرزها الجزائر وموريتانيا،وهو ما قد يدفع دول الجوار إلى اتخاذ إجراءات احترازية من اجل منع تسلل المتمردين أو القيام بعمليات انتقامية في أراضي غير مالية،في محاولة لتخفيف الضغط العسكري،وهو ما رمى إليه الوزير الأول الجزائري بالأمس عبد المالك سلال من غدامس الليبية في اجتماع تنسيقي ثلاثي حول امن الحدود حيث أشار إلى أن الحل السلمي هو الخيار الأول وسيبقى الأول بالنسبة للازمة في مالي لكن"إذا اقتضت الضرورة وتم المساس بالأمن الجزائري فلا بد أن نكون صارمين". وقد أكد نور الدين عمراني الخبير الإستراتيجي بمركز الدراسات الإستراتيجية و الأمنية أن التحديات التي تواجه الجزائر الآن هي تحديات مركبة فعليها "العمل على ضمان الأمن الداخلي وكذا مواجهة خطر انتشار الأسلحة المنتشرة في الساحل عد تسريبها من ليبيا غداة الثورة هناك"،وقال عمراني للإذاعة انه يتعين على الجزائر أن تحكم سياستها الدفاعية من اجل ضمان سلامة حدودها الجنوبية.