واصلت القوات الجوية الفرنسية استهدافها لمواقع للمتمردين الإسلاميين في شمال مالي، وسط تضارب الأنباء حول مجريات الحرب في الميدان والحصيلة الأولى للقتلى، هذا فيما بدا جليا أن الوصول إلى حل سلمي تفاوضي قد أصبح جد مستبعد خاصة بعد إلغاء اللقاء الذي كان مقررا في واغادوغو بين المتمردين وباماكو. قتل أكثر من 60 شخصا في مدينة غاو شمال مالي ومحيطها في قصف كثيف للقوات الفرنسية حسب ما نقلته تقارير إعلامية عن شهود عيان وأكده مسؤول أمني إقليمي، وأوضحت ذات المصادر أن »أكثر من 60 مسلحا قتلوا في غاو وقواعدهم القريبة منها«، وأكدت أن »المسلحين الذين كانوا مختبئين في المنازل خرجوا ليلا لسحب جثث رفاقهم«، وأضاف السكان المحليون انه »سقط قتلى خصوصا في معسكر في غاو إذ تمت مباغتة المسلحين في وسط اجتماعهم وسقط العديد من القتلى«، وابرز المسؤول الأمني أن »الحصيلة مرتفعة في معسكر المتمردين فقد لحقت بهم خسائر كبرى لوجيستيا وبشريا«، مضيفا »أن حصيلة 60 قتيلا ليست مبالغة في غاو فالحصيلة بالتأكيد أعلى من ذلك بالتأكيد«، وأشارت تقارير إعلامية أن قصف الطائرات الحربية الفرنسية من طراز » رافال« مدينة غاو في شرق مالي يشير إلى »توسع نطاق هجماتها في عمق الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون في مالي«. وفي الوقت الذي جددت فيه بريطانيات استعدادها لتقديم الدعم اللازم للقوات الفرنسية العاملة في مالي، استبعد وزير الدفاع الألماني توماس دي ميزير في تصريح أدلى به أمس لإذاعة ألمانية مشاركة قوات من بلاده في مهمة قتالية في مالي، وقال دي ميزير أن »القرار حول مشاركة محتملة لألمانيا في مهمة لتدريب القوات المالية لم يتخذ بعد لكنه أشار في المقابل إلى وجود خطط أولية في هذا الشأن«، وذكر الوزير أن »هناك حاجة إلى إجماع سياسي حول مشاركة المجتمع الدولي بمهمة في مالي قبل إرسال جنود ألمان للتدريب هناك«، مضيفا أنه »يتم حاليا أيضا دراسة إمكانية تقديم الدعم اللوجستي مثل إمداد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بطائرات لنقل الجنود«. من جهة أخرى ذكر مصدر مقرب من الرئاسة البوريكنابية أن المحادثات بين الحكومة المالية والجماعات المسلحة في شمال مالي، أنصار الدين والحركة الوطنية لتحرير الأزواد التي كان من المفروض أن تعقد في 21 جانفي الجاري »لم تعد حدث راهن«، وهذا بعد الهجوم المضاد الذي قام به الجيش المالي منذ الجمعة الماضي بدعم من فرنسا التي توجه منذ ثلاثة أيام ضربات جوية ضد مواقع الجماعات المسلحة في وسط وشمال مالي، وكانت المحادثات بين السلطات المالية مع أنصار الدين والحركة الوطنية لتحرير الأزواد مقررة أن تعقد في 10 جانفي لكنها أجلت إلى 21 من نفس الشهر، وهو ما يعني إلغائها تماما هذه المرة، الأمر الذي يؤكد بأن الحل السلمي لم يعد مطروحا في الوقت الراهن. ويرتقب أن يعقد زعماء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا زإيكواسس اجتماعا طارئا بمدينة أبيدجان عاصمة ساحل العاج خلال الأيام المقبلة لبحث الأوضاع الأمنية والتطرف في مالي، وقال مصدر في المجموعة التي: »إن الاجتماع قد يعقد غدا الأربعاء(...) وقد يسبقه اجتماعا آخر لمسئولين عسكريين في المجموعة للترتيب للتدخل العسكري في مالي«. ويبدو أن الآثار الكارثية للحرب في مالي قد بدأت تظهر للعيان حيث شهدت الأراضي الموريتانية تدفق آلاف النازحين الهاربين من جحيم الحرب الدائرة منذ خمسة أيام في مالي، ونقلت تقارير إعلامية أمس عن مصدر أمنى موريتاني قوله »إن معبر فصاله الحدودي بين موريتانيا ومالي شهد موجة نزوح كبيرة خلال اليومين الماضيين هربا من الحرب التي تشنها فرنسا والجيش المالي ضد الجماعات المسلحة في إقليم أزواد شمالي مالي«، وتم تسجيل أكثر من 600 عائلة خلال اليومين الأخيرين في سجل المفوضية الخاص باللاجئين الأزواديين في موريتانيا«، وتتوقع ممثلية المفوضية العليا في باسكنو » ارتفاع وتيرة النزوح مع استمرار المواجهات بين الطرفين«.