أجهضت قوات الأمن أمس، المسيرة غير المرخصة التي دعت إليها التنسيقية الوطنية للتغيير و الديمقراطية وفرقت المتظاهرين الذين لم يتجاوز عددهم 250 شخص، بينما تحولت ساحة أول ماي إلى مزار للمواطنين الفضوليين، الذين حلوا من كل منطقة. حاصرت قوات الأمن منطقة أول ماي بالكامل، وأقرت تشديدا امنيا خاصة عند اقتراب ساعة بداية مسيرة تنسيقية التغيير و الديمقراطية، في الساعة العاشرة و النصف، وفي الوقت الذي كانت الشرطة تنتظر بداية تجمع المنضوين تحت لواء الأرسيدي و النقابات وأعضاء المجتمع المدني أمام ساحة أول ماي،تفاجات بالعشرات من المواطنين، اتين من حي بلوزداد في إتجاه ساحة أول ماي، وهم يرددون " الشعب يريد إسقاط النظام و" الجزائر حرة ديمقراطية " كما رددوا النشيد الوطني "، وتعرضت مسيرة المتظاهرين إلى التوقيف قرب وزارة الشباب و الرياضة بعدما تمكن أنصارها السير لبضع أمتار، واستعملت قوات الأمن ،القوة لتفريق المتظاهرين بعدما اظهروا تماسكا في صفهم، وكاد أن ينفلت الطوق الأمني بسبب حركة المرور التي لم يتم توقيفها عند انطلاق المسيرة. ولم يحضر رئيس الأرسيدي، سعيد سعدي، المسيرة ، بسبب تواجده بباريس، وقال قياديون في الحزب خلال المسيرة بأن سعدي تعرض لسرقة طالت جواز سفره. إلا انه تمكن من الوصول إلى مطار العاصمة خلال الزوال إصابة نائب الأرسيدي في رأسه وتسجيل حالات إغماء وسعدي الغائب الأكبر وقالت مصادر أمنية أن المديرية العامة للأمن الوطني سخرت ما لا يقل عن 1500 شرطي في محيط ساحة أول ماي، وامتد الشريط الأمني المراقب على شارع عميروش وشارع بلوزداد، ومنع المواطنين من التجمهر، في البداية إلا أن كثافتهم أثنت مصالح الأمن على منعهم وبقوا يتفرجون عن الصراع بين الشرطة و المتظاهرين. وتعرض نائب الأرسيدي طاهر بسباس إلى فقدان الوعي، بعد أن سقط أرضا على رأسه، إثر تدخل عنيف لعناصر من الأمن ،كما قال رئيس كتلة الأرسيدي عثمان معزوز، مشيرا بأن بسباس في حالة خطيرة وقد تناقلته مختلف المصالح الطبية بمستشفى مصطفى باشا، أمس، ولا يزال فاقدا لوعيه، وكان، الدكتور طاهر بسباس، دخل في مناوشات متكررة مع أفراد الشرطة، طيلة عمر المسيرة، حيث كان أعوان الأمن يلاحقونه أينما حل ويطالبوه بالرحيل من المكان الذي ينتقل إليه، وقال بسباس للشرطة " أنا في بلدي ويفترض بكم أن تحترمو الزي الذي ترتدونه ". كما نقل رشيد معلاوي رئيس النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، المشاركة في المسيرة، على جناح السرعة إلى مستشفى مصطفى باشا، بعد تعرضه للإغماء عندما كان المتظاهرون يحاولون كسر الطوق الأمني المفروض عليهم أمام مقر وزارة الشبيبة و الرياضة. وندد منظموا المسيرة وعلى رأسهم مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بعدم السماح بها وأوضح أتباعه لوسائل الإعلام أن "الترتيبات التي وضعتها قوات الأمن حالت دون استجابة المواطنين إلى النداء". بينما صرح مصطفى بوشاشي وسط تدافع للشرطة و المتظاهرين" لدينا شعور أننا لسنا في وطننا ولا نستطيع العيش في سلام ، ولسنا في دولة حقوق". وامتنعت قوات الأمن ، كليا، عن اعتقال أي من المتظاهرين خلافا للمرة السابقة حيث اعتقلت 100 متظاهر قبل إطلاق سراحهم، كما تفادي عناصر الشرطة حمل السلاح ، سوى الواقيات و الهراوات، ولم تكن مسيرة اليوم مؤطرة ومنظمة كما في مسيرة السبت الماضي، وانتشرت الفوضى أمس، في أرجاء ساحة أول ماي بعد تشتت موجة المتظاهرين وتبعثرها على شكل مجموعات على مداخل الحيين السكنيين "بلي غروب " ما تسبب في غضب سكان الحي، الذين منعوا هم كذلك من الدخول و الخروج منه وإليه، وعرف الوضع دخول السكان في مناوشات مع أفراد الأمن. و في السياق ذاته، علق سكان الحي ملصقات يرفضون فيها تنظيم مسيرات في حيهم، وكتبوا عليها "لا تؤذي حيي و لا تزعج سكينتي". فيما دعا السكان السلطات إلى حماية الأملاك و الأشخاص كما دعوا شباب الحي إلى الانضباط و الهدوء و عدم "الرد على الاستفزازات". كما دخل شباب ساحة أول ماي في مناوشات ومشادات كلامية مع المتظاهرين مرددين شعارات مؤيدة لبوتفليقة، وطالبوا الشرطة بالانسحاب لمواجهتهم، كما دعوهم إلى الرحيل من المكان، بينما نفى مصطفى بوشاشي، إن تهدد أحداث المسيرات الموازية التي نظمها شباب أول ماي وحدة الجزائريين، وقال إن هؤلاء الشباب جاء بهم النظام من اجل تكسير المسيرة، وقال إن هذه الطريقة باتت معروفة في عدد من الدول، مضيفا " هذه الأحداث لا تشكل خطر على وحدة الشعب، لان كل الجزائريين يحسون بمأساة بلادهم، وبالظلم، الحقرة والفساد". كما أكد بوشاشي إن هؤلاء الشباب لا يعرفون الأسباب الحقيقية للمسيرة. و قد ظلت المحلات مفتوحة في ضواحي مكان التظاهرة في حين أن العاصميين كانوا يتابعون نشاطاتهم بشكل عادي في الأحياء الأخرى حسب ما لوحظ. ولوحظت تعزيزات أمنية وترتيبات بساحة الشهداء نقطة وصول المسيرة التي دعت إليها التنسيقية الوطنية من اجل التغيير والديمقراطية. و على مستوى أهم المداخل المؤدية إلى الجزائر العاصمة تم تعزيز الحواجز الأمنية حيث لوحظ تفتيش صارم للسيارات.