تسبب انتشار وباء الكوليرا، الذي مس عدة ولايات من شمال الوطن، في إقبال غير مسبوق على اقتناء قارورات المياه المعدنية خلال الفترة الأخيرة، حيث أصيب الكثيرون بحالات الهلع والذعر خوفا من تنقل العدوى عبر مياه الحنفيات وذلك رغم تطمينات الجهات المختصة وتأكيدها على سلامة مياه الحنفيات. تعرف المياه المعدنية انتعاشا واسعا في المبيعات خلال هذه الفترة، أين أنعش داء الكوليرا تجارة هذه الأخيرة بسبب تخوف المواطن من مياه الحنفيات بعد أن شاعت أنباء عن تسببها في نقل عدوى الكوليرا، ليجد التجار ضالتهم في التسويق لهذه المادة الحيوية مع زيادة في الأسعار والتي صدمت المواطنين وخاصة أنهم في أمس الحاجة لها. وعلى الرغم من طمأنة مصالح الجزائرية للمياه التي تزود معظم ولايات الوطن بصلاحية وسلامة مياه الشرب، على لسان مديرها العام إسماعيل عميروش، في تصريح له لوسائل الإعلام، بأن مياه الحنفيات التي تزود المواطنين بمياه الشرب سليمة وصالحة للشرب ولا غبار عليها، وقد دخلت فئة معتبرة من سكان المناطق التي أعلنت عن تسجيلها حالات للإصابة بوباء الكوليرا في حمى اقتناء المياه المعدنية التي تكاد تختفي في المحلات تجنبا لشرب مياه الحنفية المشكوك في صلاحيتها للاستهلاك خوفا من الوباء الذي انتشر بشكل سريع مع ارتفاع في عدد الإصابات، وقال صاحب أحد محلات المواد الغذائية في العاصمة إن إقبال المواطنين الغفير على شراء المياه المعدنية جعلها تنفذ بسرعة خلال ساعات، مؤكدا أن الأمر ينطبق على مخازن توزيع هذه المادة بالجملة، حيث أصبحت القارورات بمختلف العلامات شبه مفقودة في السوق. ولم تشمل هذه الحمى الجميع، حيث تمسك مواطنون بالاستمرار في شرب المياه من حنفيات منازلهم التي يعتبرونها أفضل من ناحية النوعية واحترام الشروط الصحية من المياه المعبأة بمختلف علاماتها التجارية، فيما لم يستبعد آخرون أن تكون أطراف ما وراء حالة الهلع والتوجس التي أصابت المواطنين تجاه المياه من أجل تحقيق أغراض غير بريئة. وكانت إدارة مستشفى بوفاريك بولاية البليدة قد أفادت خلال الساعات الأخيرة بارتفاع عدد الإصابات بوباء الكوليرا إلى أكثر من 126 حالة مؤكدة، مشيرة إلى أن الحالات المسجلة تخضع لرقابة طبية مشددة، مع عزلها بشكل تام عن العالم الخارجي حتى لا تنتقل العدوى، بعد أن أعلنت وزارة الصحة رسميا يوم الخميس الماضي عن ظهور وباء الكوليرا في كل من العاصمة، البليدة، تيبازة والبويرة بشكل مؤكد. تهافت كبير للعائلات البليدية على المياه المعدنية تهافتت العديد من العائلات بولاية البليدة، منذ الإعلان عن الإصابات المؤكدة بحالات داء الكوليرا، على اقتناء عبوات المياه المعدنية تجنبا منها للإصابة بهذا الداء الخطير وذلك بالرغم من تطمينات مسئولي الصحة التي أكدت أن الماء مستبعد تماما وليس مصدر المرض. وعرفت المساحات الكبرى والمحلات التجارية تهافتا كبيرا من طرف المواطنين لاقتناء هذه المادة الأساسية وذلك بالرغم من تطمينات الجهات الوصية بسلامة وصحة مياه الحنفيات. وفي المقابل، غابت وعلى غير العادة طوابير المواطنين الذين اعتادوا على اقتناء مادة اللبن المحضر لدى المحلات خوفا من الإصابة بهذا الداء، حيث بدت العديد من المحلات ببني مراد وزعبانة وباب الخويخة وغيرها التي كان يصطف أمامها مستهلكو هذه المادة المفضلة لدى البليديين كل يوم الجمعة، حيث لا تخلوا موائدهم من طبق الكسكسي المصحوب باللبن، وهي خالية على عروشها. كما تعالت الكثير من الأصوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي المهتمة بالشأن المحلي إلى مقاطعة شراء هذه المادة المحضرة لدى بائعي اللبن تفاديا لوقوع إصابات محتملة، فيما نادت أخرى القائمين على مصانع المياه المعدنية بتخفيض أسعار القارورة الواحدة بسعة لتر ونصف إلى عشرة دنانير حتى تكون في المتناول لاسيما المتضررين والقاطنين في البيوت القصديرية ومن فئة ذوي الدخل الضعيف. وأعاب العديد من المواطنين الحالة المزرية التي أضحت عليها شوارع وأسواق المدينة، حيث أكوام النفايات المترامية بالقرب من الأسواق وتناقل هؤلاء صور النفايات في كل من السويقة وباب الجزائر وحي عدل ببراكني ووادي بني عزة وغيرها، محملين المسئولين أسباب الوضع التي أضحت عليه مدينتهم التي كانت قد استعادت في وقت ليس ببعيد بريقها ولقبها المعهود، داعين إياهم إلى التحرك في أقرب وقت لتفادي ظهور حالات وأوبئة أخرى، كما تناقل العديد من متصفحي البحر الأزرق مختلف المعلومات خاصة بهذا الداء وكيفية انتقاله من شخص لأخر، لاسيما عن طريق المصافحة أو عن طريق الماء مثلا أو الخضر والفواكه الملوثة. وتتمثل أعراضه بدخول الجرثوم لجسم الإنسان في فترة تتراوح ما من أربع ساعات إلى أربعة أيام حتى تظهر الأعراض المتمثلة في آلام في البطن وتعب شديد ثم إسهال وغثيان مع غياب الحمى، كما أوصت مديرية الصحة بالولاية عبر صفحتها في الفايسبوك بضرورة غسل اليدين جيدا بالصابون، لاسيما السائل منه، وغسل الخضر والفواكه بطريقة جيدة باستعمال ماء جافيل وعدم استعمال مياه مجهولة المصدر والحذر من استعمال مياه الأودية وكذا الآبار غير المراقبة. حالة إستنفار واسعة بالمستشفيات وقد شهدت مستشفيات الولاية، منذ يوم الخميس المنصرم، حالة استنفار واسعة حيث تم تجنيد العديد من الأطباء لاستقبال المرضى المشتبه إصابتهم بداء الكوليرا. كما شهد مستشفى بوفاريك أين تقبع الحالات المؤكدة إصابتها وتلك المشتبه فيها حالة تطويق قصوى للوباء حيث تم منع زيارة الأهالي لأقاربهم المصابين، لاسيما بعد ارتفاع عدد الحالات التي استقبلها المستشفى والمشتبه فيها إلى أكثر من مئة حالة، حسب مصادر استشفائية. وأوضحت ذات المصالح، أن 18 حالة غادرت المستشفى بعد تلقيها العلاج وتحسن وضعيتها الصحية في الوقت التي أشارت فيه إلى أن الوضع متحكم فيه. وتنحدر الحالات المصابة بهذا الداء من ولايات تيبازة والبويرة والجزائر العاصمة وكذا البليدة، حيث تم التأكيد إلى غاية يوم الخميس إصابة بداء الكوليرا في انتظار ما تسفر عنه النتائج المخبرية لمعهد باستور بالنسبة لباقي المصابين.