تفاعلت الطبقة السياسية في الجزائر مع الرسالة الأخيرة للرئيس بوتفليقة، وراحت تحذر هي كذلك من المناورات السياسية على أعتاب الرئاسيات المقبلة، وبدا واضحا بأن رسالة الرئيس قد نبهت العديد من الأحزاب والشخصيات لوجود مغامرين يهدفون للزج بالبلاد نحو المجهول على مقربة من محطة سياسية حاسمة، من خلال زرع الإشاعات والمغالطات وإنكار الإنجازات التي حققتها الجزائر خلال العقدين الماضيين. وفي السياق، قال الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي، شهاب صديق، إن رسالة الرئيس بوتفليقة بمناسبة لقاء الحكومة مع الولاة، كانت واضحة المعالم حيث قصدت في بعض مقاطعها أولئك الأشخاص الذين يأكلون مع الذئب ويندبون مع الراعي ، لكنها كانت في معظمها موجهة إلى الشعب الجزائري، وفق قرائته. وأكد شهاب صديق شهاب، أن رسالة الرئيس بوتفليقة الأخيرة تشكل بالنسبة للأرندي خارطة طريق سنعتمدها في نشاطاتنا وتصوراتنا ومقارباتنا لأنها وضحت الكثير من الأشياء وأعطت توجها جديدا يجعل من العنصر البشري في قلب كل الاهتمامات كما أراد أن ينبه الجزائريين إلى المخاطر التي تهددهم . بعدما اعتبر أن بوتفليقة خاطب في رسالته كل الجزائريين دون استثناء ، بحكم أنه رئيس الجمهورية وحامي الدستور ومن واجبه تنبيهم إلى ضرورة اليقظة ورفع درجة الوعي . وعن العبارات الواردة في الخطاب قال الناطق باسم الأرندي: ليس بالضرورة أنه يقصد أطرافا بقدر ما يريد لفت إنتباه الجزائريين والجزائريات إلى التحديات المقبلين عليها ويحذر الذين إمتهنوا حرفة التشكيك في كل شيء للنيل من عزيمة الجزائريين فهؤلاء موجودين في كل المستويات ، وفق تعبيره. وفي تعليقه عن المقصود من عهد الإمساك بالعصا من الوسط قد ولى ، ردّ شهاب صديق قائلا: أعتقد أن بوتفليقة أراد التأكيد على أنه آن الآوان للجزائريين أن يختاروا بكل وضوح وديمقراطية وشفافية الطريق الذي يرونه مناسبا لاستقرارهم وتنميتهم وأمنهم ومستقبل أبنائهم. أما من يمسكون العصا من الوسط فهم الذين يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعي . خارطة طريق للمرحلة المقبلة وثمّن رئيس هيئة التسيير لحزب جبهة التحرير الوطني، معاذ بوشارب، مضمون رسالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة للولاة ، وقال إنها وضحت معالم سياسة البلاد للمرحلة الحالية والمقبلة، وأكد أن الأفلان سيمسك العصا من حيث يجب أن تمسك. وأعلن بوشارب دعمه لما جاء في رسالة رئيس الجمهورية الأخيرة التي قرئت بمناسبة اجتماع الحكومة بالولاة، معتبرا أنها كانت قوية و وضحت الكثير من معالم السياسة العامة للبلاد حاضرا ومستقبلا. كما جدد بوشارب بالمناسبة وقوف حزب جبهة التحرير الوطني إلى جانب رئيس الجمهورية وقال إنه سيمسك العصا من حيث يجب أن تمسك، في إشارة إلى وضوح موقف الحزب. بدوره، قال محجوب بدة، وزير العلاقات مع البرلمان، ورئيس جمعية قدماء منتخبي الأفلان، في تعليقه على الرسالة الاخيرة للرئيس بوتفليقة، إن الاخير يحق له الدفاع عن حصيلته، لأن بعض الناس لديهم ذاكرة قصيرة وينسون بسرعة كبيرة كل ما قدمه للبلاد، ويقول محجوب إن الذين عاشوا سنوات الإرهاب ورأوا كيف كافحت البلاد الصعوبات الاقتصادية الهائلة في ذلك الوقت يعرفون ما أتحدث عنه ، مضيفا الرئيس هو مهندس عودة السلم في الجزائر، إذا كانت البلاد اليوم واحدة من أكثر الدول استقرارا في المنطقة، فبفضل سياسة المصالحة التي قادها الرئيس ، ويضيف أنه من الناحية الاقتصادية، لا يمكن لأحد أن ينكر التقدم الهائل الذي تحقق خلال العشرين سنة الماضية في العديد من القطاعات. سواء كان الطريق السيار شرق-غرب، أو غاز المدينة الذي وصل الى جميع أنحاء الجزائر.. كما هاجم بدة محجوب في حديثه المعارضة التي تظهر على شاشة التلفزيون والتي تصور وكأن لا شيء تم القيام به منذ عام 1999 . كما أكد علي حداد، رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، دعم التنظيم وولاءه التام للرئيس بوتفليقة، وقال إن الرئيس بوتفليقة قال إن عهد إمساك العصا من الوسط قد ولى، ونحن في الافسيو لا نغير موقفنا ونجدد مساندتنا للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ، بخلاف أطراف أخرى قال إنها تتجنّب اتخاذ موقف صريح تجاه القضايا المصيرية للبلاد، بالأخص تلك التي تتعلق بتوطيد استقرارها واستمرارية مسار التنمية الوطنية، حيث المرحلة التاريخية المهمة التي تعيشها بلادنا لا تقبل التردد والغموض . تشخيص شامل لما يحدث في البلاد اما رئيس حركة الإصلاح الوطني، فيلالي غويني، فأكد أن رسالة الرئيس الأخيرة، تؤكد حرصه على تحصين مؤسسات الدولة والمجتمع من الأعداء. وخلال افتتاح أشغال الدورة العادية للمكتب الوطني، ثمن غويني مضمون رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة لقاء الحكومة والولاة. ورأى أنها وضعت تشخيصا شاملا لمختلف الاختلالات الحاصلة في التنمية المحلية، وأبرزت أهم الصعوبات التي تواجه تحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي، يخرج البلاد من دائرة الإرتهان لمداخيل النفط والغاز، مشيرا إلى أنها قدمت خارطة طريق لمرحلة جديدة، تؤمّن تنويع المداخيل وتطلق مشاريع تنموية مستدامة وطاقات متجددة لاستكمال تنمية عادلة ومتوازنة. وركّزت، يضيف، على تجنب البلاد مخاطر استشراء الممارسات غير القانونية، والآفات التي تنخر الأمة، من رشوة ومحسوبية وممارسات بيروقراطية معيبة. من جهته، دعا رئيس الحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، بمستغانم، إلى إجماع وطني لاستكمال الإصلاحات السياسية ووضع مشروع اقتصادي واضح للسنوات المقبلة. وأشار ذات المسؤول الحزبي الى أنه يجب على الفائز في الرئاسيات المقبلة تفعيل الإصلاحات الاقتصادية التي ستكون صعبة ومؤلمة من خلال إجماع وطني حولها وحول استكمال مسار الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة في 2011. وبخصوص المناشدين والمعارضين لعهدة رئاسية إضافية، أبرز أنه ليس باستطاعة أي كان أن يمنع أي مواطن من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة ما عدا المجلس الدستوري الذي له صلاحيات رفض أي ترشح ولا يمكن لأي كان أن يفرض على أي مواطن جزائري الترشح لهذا الموعد الرئاسي لأن الترشح خيار شخصي وهو قرار يعني المترشح فقط ، وأضاف بن يونس لا يوجد معارضة مهيكلة ولها مشروع واضح في الجزائر، هناك فقط معارضين لم يستطيعوا أن يقدموا مرشحا واحدا للرئاسيات وفشلوا في الوصول إلى اتفاق لتقديم مرشح ، مضيفا بأن الديمقراطية بحاجة إلى معارضة قوية من أجل التداول السلمي على السلطة. وكان عمار غول رئيس حزب تجمع أمل الجزائر تاج ، اول من تطرق للموضوع امس الاول، حينما كشف أن بعض المسؤولين السابقين يعملون على زرع الإشاعات والمغالطات للتأثير على سير الرئاسيات المقبلة، فيما أكد أن رسالة الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، الأخيرة أسقطت العديد من الأقنعة، اين حذر رئيس الجمهورية قبل ايام من المغامرين الذين يهدفون للزج بالبلاد نحو المجهول على مقربة من محطة سياسية حاسمة.