في ظل عدم وضوح المشهد حول الانتخابات الرئاسية التي يعتبر الجميع بوصلتها إعلان رئيس الجمهورية نيته في التقدم لعهدة جديدة من عدمه، حاولت العديد من الأحزاب البقاء في الأضواء من خلال طرح مبادرات سياسية مرتبطة بالحدث الكبير، بينما التفتت تشكيلات أخرى إلى ترتيب بيتها في انتظار استدعاء الهيئة الناخبة خلال الأيام القليلة المقبلة واتضاح المشهد بشكل أدق. وقبل أيام عن استدعاء رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، للهيئة الناخبة، والذي قد يتزامن مع أيام 11 أو 18 أو 25 جانفي بموجب المادة 135 من قانون الانتخابات، تبدو العديد من الاحزاب السياسية غارقة وتائهة في دوامة المبادرات السياسية التي بدت متقاطعة ومتطابقة في العديد من النقاط، وخصوصا تلك المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي المقبل. وفي السياق، خطفت مبادرة التوافق الوطني، التي أطلقتها حركة مجتمع السلم، الأضواء، خصوصا بعدما امتدت إلى مفاجأة الجميع أسابيع قبل نهاية السنة الماضية، بالدعوة إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية، تحضيرا للإجماع وطني. وقبلها، أطلق الأفلان مبادرة الجبهة الشعبية الصلبة لتحصين الجزائر ودعم برنامج الرئيس بوتفليقة، وهي التي ضمت أحزاب التحالف الرئاسي الأربعة ومنظمات جماهرية وتوسعت فيما بعد لتشمل مجموعة (15+2)، التي اختارت من جهتها شعار الإصلاح والاستقرار . الأفلان وجه جهوده في الفترة الحالية إلى اعادة ترتيب البيت تحسبا للذهاب نحو مؤتمر استثنائي يفرز أمينا عاما جديدا، ومؤسسات حزبية تعوض المكتب السياسي واللجنة المركزية المجمدين منذ الاعلان عن تعيين معاذ بوشارب، منسقا للقيادة الجماعية للحزب العتيد. ولم يصدر إلى حد الآن أي موقف رسمي عن قيادة الافلان وايضا شريكه في التحالف الرئاسي الأرندي بخصوص الرئاسيات المقبلة، حيث اكتفى كل من معاذ بوشارب، وأحمد أويحيى، بإطلاق عبارات وصفها مراقبون بالفضفاضة في تصريحاتهما الأخيرة، الأمر الذي يبقي حالة الترقب قائمة إلى غاية انقضاء مهلة صدور مرسوم دعوة الهيئة الناخبة، خلال الأسبوعين القادمين. كما تشهد الساحة السياسية، في هذه المرحلة أيضا، إخراج بعض الأحزاب لمبادراتها القديمة، مثلما هو الحال بالنسبة لحزب العمال الذي جدد مطلبه الخاص بالذهاب إلى جمعية تأسيسية، فيما يذكر الأفافاس بمبادرة الإجماع الوطني التي أطلقها في 2014. ويستمر مسلسل المبادرات السياسية مع مختلف الأحزاب الأخرى، على غرار حركة البناء الوطني وتجمع أمل الجزائر تاج ، الذي يصر رئيسه عمار غول للذهاب إلى ندوة وطنية جامعة يترأسها رئيس الجمهورية من أجل تشكيل إجماع وطني. وفي نظرة على الشخصيات السياسية، يبدو جليا بأن عدم اتضاح رؤية المشهد السياسي المرتبط برئاسيات ربيع 2019، غيب طموح الأسماء الثقيلة للترشح لهذا المنصب الهام، في ظل استمرار حالة الترقب، في انتظار إعلان الرئيس بوتفليقة الترشح إلى عهدة جديدة من عدمه، خاصة وأن الدعوات والنداءات التي أطلقتها أحزاب التحالف ومنظمات المجتمع المدني والتنظيمات الثقيلة لتقدمه لعهدة جديدة لم تلق أي رد لحد الآن، ما يفسر، بحسب مراقبين، عزوف الشخصيات ذات الوزن الثقيل عن الموعد، وانحصار الراغبين في الدخول للسباق في أسماء ليست معروفة لدى الرأي العام الوطني ومنهم، فتحي غراس، ناصر بوضياف، بلعيد عبد العزيز، علي زغدود وعمار بوعشة.