حذر الوزير الأول، أحمد أويحيى المواطنين من الانصياع للنداءات بالتظاهر التي تأتي من مصادر مجهولة رغم إقراره بحق التظاهر السلمي الذي يكفله الدستور الجزائري،فيما حرص على التأكيد أن الفصل سيكون للشعب عبر صناديق الاقتراع بطريقة سلمية وحضارية. وأوضح أويحيى لدى عرضه لبيان السياسة العامة للحكومة أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، أن الدستور يضمن للمواطنين حق التجمهر السلمي في اطار القانون ، مبرزا أن مسيرات يوم الجمعة كانت كلها سلمية . وناشد أويحيى بالمناسبة المواطنين من أجل التحلي بالحذر واليقظة ، تجنبا --مثلما قال-- لأي انزلاقات قد تحدث خلال هذه المسيرات . وأضاف بهذا الخصوص أن التحلي باليقظة مرده الى ان النداءات بالتظاهر تأتي من مصادر مجهولة ، مشيرا بالقول أن هذه المسيرات جاءت هذه المرة سلمية، غير أنها قد تكون غدا ذات طابع آخر ، محذرا من مغبة حدوث انزلاقات، على غرار محاولة بعض الأطراف إقحام تلاميذ المدارس بالدخول في مثل هذه المسيرات . وبعد أن حيا تجند واحترافية قوات الامن في تسيير النظام العام بالطرق السلمية، أكد الوزير الاول أن الانتخابات الرئاسية ستجري بعد أقل من شهرين وسيكون هذا الموعد مناسبة للشعب الجزائري للاختيار بكل حرية وسيادة . وأبرز انه من حق أي كان الدفاع عن مترشح أو الاعتراض على مترشح آخر، غير ان الفصل سيكون للشعب عبر صناديق الاقتراع بطريقة سلمية وحضارية ، لافتا الى أن الشعب الجزائري، وبعد كل ما عاشه من آلام، من حقه اليوم أن يختار رئيسه بكل حرية وفي كنف السلم والهدوء مثل باقي البلدان . من جهة اخرى أكد الوزير الأول، أن الندوة الوطنية للإجماع التي تعهد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بتنظيمها في حال فوزه بعهدة رئاسية جديدة، ستكون غير مسبوقة في تاريخ الجزائر. وأوضح أويحيىأن رئيس الجمهورية، في رسالة ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 18 أبريل المقبل، أعلن عزمه في حال تزكيته من طرف الشعب الجزائري لعهدة رئاسية جديدة على تنظيم ندوة وطنية للإجماع ستكون غير مسبوقة في تاريخ الجزائر ، مضيفا أن هذه الندوة مفتوحة للجميع لمناقشة كل ما يراد مناقشته باستثناء الثوابت الوطنية والنظام الجمهوري للدولة . وأشار أيضا إلى أن هذه الندوة ستكون فضاء للسياسيين والتنظيمات الاجتماعية والاقتصادية وكذا ممثلي الشباب لتقديم مقترحاتهم بغية صنع التغيير في البلاد حتى من خلال اقتراح تعديل دستوري قد يكون جذريا . و أردف قائلا: نحن كلنا أبناء شعب واحد قد نتفق وقد نختلف، لكن كلنا أبناء الجزائر التي عانت المأساة ، مشددا على أنه من حق الجزائر اليوم أن تعيش في كنف السلم والاستقرار وألا يفقد الشعب الجزائري ثمار هذا الاستقرار الذي جاء بفضل ارادته عندما أقر السلم والمصالحة الوطنية . هذا هو سر صمود الجزائر أمام الأزمة النفطية و في سياق مغاير أكد أحمد أويحيى أن الجزائر تمكنت من الصمود في وجه الأزمة النفطية التي تسببت في تقليص مداخيلها بحوالي 70 بالمائة, وذلك بفضل مواردها المالية الخاصة و إجراءات داخلية اتخذت بكل سيادة . ولفت الوزير الأول إلى أنه في الوقت الذي واجهت فيه الجزائر هذه المرحلة بصمود، أدى تدهور أسعار الخام في عدد من الدول المنتجة للنفط إلى ركود اقتصادي وإلى الاستدانة الخارجية وبرامج إعادة هيكلة. كما قارن أويحيى صمود الجزائر في الأزمة النفطية الأخيرة بتلك التي عاشتها البلاد سنة 1986، والتي تسببت -كما قال- في توقف التنمية في بلدنا تلته استدانة خارجية خانقة أدت إلى تعديل هيكلي أليم . ويأتي هذا الصمود في مواجهة أزمة أسعار النفط مند 2014 بفضل التدابير المتخذة في السنوات التي سبقتها و التي ترمي إلى استرجاع الاستقلال المالي للبلاد. وفي هذا الإطار، ذكر الوزير الأول بأبعاد القرارات المتخذة والمتعلقة بالتسديد المسبق للديون الخارجية ووضع حد للاستدانة وتوخي الحذر في تسيير احتياطي الصرف وكذا زيادة ادخار الخزينة العمومية. ولدى استعراضه للتطورات التي عرفها الاقتصاد الوطني خلال السنوات العشرين الأخيرة, ذكر أويحيى بحجم الانجازات المحققة والتي تعد بمثابة إعادة بناء وطني حقيقية والذي ينتظر أن تتواصل نتائجها في المستقبل القريب. ففي المجال الفلاحي, بدأ برنامج الدعم العمومي الهام للاستثمارات وللمنتجات الاستراتيجية وكذا الري, يعطي نتائج تبعث على الارتياح , يؤكد أويحيى, مشيرا إلى ان الجزائر بدأت تحد تدريجيا من تبعيتها في مجال انتاج اللحوم والحليب والحبوب وهو التحدي الذي سيرفع في السنوات المقبلة. أما فيما يخص باقي المنتجات الفلاحية, شرعت الجزائر في تحقيق الاكتفاء الذاتي في عدة شعب مع تسجيل طاقات إنتاج إضافية موجهة للتصدير. كما مكنت المزايا التحفيزية على المستويين الجبائي وشبه الجبائي في مجال الصناعة والخدمات من تحقيق عشرات الآلاف من المشاريع لاسيما منها ذات الوطنية, حسب قول الوزير الأول. وإلى جانب ذلك، اعتبر بأن ثقة الشركاء الأجانب في الاستقرار السياسي والقانوني ببلدنا تتزايد أيضا مما جعل المشاريع المشتركة الكبرى تتضاعف سنة بعد سنة . وكان عرض بيان السياسة العامة للحكومة فرصة لتسليط الضوء على التقدم الملحوظ الذي عرفه الاقتصاد الوطني حيث لفت اويحيى إلى ان معدل النمو خارج المحروقات بلغ 4 بالمائة في العام 2018. كما ينتظر قطاع المحروقات الذي يخضع حاليا للتقويم -حسب أويحيى- مستقبلا واعدا, بفضل مراجعة القانون المتعلق به وتصدير الغاز الصخري وتطوير المنتجات البتروكيماوية . واعتبر بأن السنوات الخمس الأخيرة كانت ثرية بالإصلاحات وغنية بالإنجازات حيث تميزت بحصيلة هائلة تم تحقيقها بالرغم من انهيار أسعار النفط منذ 2014. هذه هي أهم التحديات المستقبلية للجزائر وحول الآفاق المستقبلية للتنمية بالجزائر, اعتبر أويحيى أن رفع مستوى التنوع والتنافسية الاقتصاديين من أهم التحديات التي تواجه البلاد والتي تستدعي مضاعفة جهود الإصلاحات والتحولات . واوضح بهذا الخصوص بأن التحديات الداخلية للجزائر تتثمل أيضا في بلوغ مستوى حقيقي من التنوع والمنافسة في المجال الاقتصادي, مستوى يسمح لنا بخلق حجم كاف من مناصب الشغل لتغطية حاجيات شبابنا واقتصاد متنوع وقوي يمد الدولة أيضا بالموارد المالية الكافية لضمان ديمومة سياستنا في مجال العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني . وتأتي هذه التحديات إلى جانب تلك المتعلقة بتبعات التقدم المعتبر الذي عرفته البلاد وخاصة في مجال التنمية البشرية و بالطموحات المشروعة للأجيال الصاعدة , إضافة إلى التحديات الخارجية التي تتضمن التقلبات والمخاطر التي تحوم بالاقتصاد العالمي وخاصة تلك الرهانات التي تثقل آفاق السوق العالمية للطاقة , حسب الوزير الأول. وأمام هذه التحديات -يضيف أويحيى- يتأكد واجب مضاعفة الإصلاحات والتحولات وهو ما يتطلب أيضا العمل على تضافر مثمر لطاقاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل احترام تعدد المشارب والمناهل .