تشهد ضواحي العاصمة الليبية اشتباكات عنيفة، لليوم الخامس على التوالي، بين القوات المسلحة الليبية (الشرق الليبي) وقوات مسلحة تابعة لحكومة الوفاق (الغرب الليبي)، ما ادى الى مقتل 21 شخصا واصابة 55 آخرين بجروح غالبيتهم عسكريين. وتأتي هذه التطورات وسط دعوات أممية ودولية للتهدئة وضبط النفس وتفادي التصعيد، الذي من شأنه أن يزيد في تعميق معاناة الشعب الليبي ويهدد انسجامه ووحدة أراضيه. ويأتي هذا التصعيد العسكري غير المسبوق في طرابلس وبعض ضواحيها، بالتزامن مع استعدادات عقد المؤتمر الجامع للحوار الشامل والمصالحة الوطنية المقرر من 14 الى 16 افريل الجاري في غدامس برعاية الأممية، وبمشاركة جميع أطياف وشرائح الليبيين لحسم موعد الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية في هذا البلد. وتتواصل، منذ الخميس، العمليات العسكرية التي أطلقها المشير خليفة حفتر تحت اسم الفتح المبين لبسط السيطرة على العاصمة وتقدم وحداتها صوب المنطقة الغربية، ووصلت بعض منها بالقرب من غريان (80 كلم) جنوبطرابلس التي يستعد الجيش للتحرك إليها، حيث دفع تحرك القوات التابعة لحفتر صوب طرابلس رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، إلى إعلان حالة النفير العام لقواتها للتصدي لهذه التحركات العسكرية. وأعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية، امام هذا التطور السريع، امس، اطلاقها عملية تحت اسم بركان الغضب لصد هجوم مجموعات المشير خليفة حفتر المسلحة على طرابلس. وقال المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق، العقيد محمد قنونو، في مؤتمر صحفي بطرابلس: تعلن قواتنا المسلحة انطلاق عملية بركان الغضب لتطهير العاصمة وكافة المدن الليبية من المعتدين والخارجين عن الشرعية ، وتابع: كلنا تصميم على حماية العاصمة.. كل الليبيين ، مضيفا أن طرابلس والمدن الغربية الأخرى تعرضت لهجوم من قبل قوات خليفة حفتر في محاولة فاشلة للانقلاب على الشرعية، بالتزامن مع استعدادات عقد المؤتمر الجامع، أمل كل الليبيين للوصول إلى بر الأمانوالحل السياسي. وحذر قنونو الجيش الذي يقوده حفتر باستخدام الإعلام الكاذب وبث الاشاعات في عملياته لتحقيق مكاسب، لافتا الى أن القائد الأعلى للجيش، فائز السراج، رفع درجة الاستعداد القصوى والنفير العام في جميع الوحدات العسكرية والأمنية والتحرك الفوري لرد الاعتداء واستخدام القوة للمحافظة على الليبيين والمرافق الحيوية. واتهم السراج المشير حفتر بالانقلاب على الاتفاقات الدولية، وتوعد بمواجهة قواته بقوة وحزم. وقال فايز السراج عن حفتر انه نقض العهد بعد أن عبر عن استعداده للمشاركة في العملية السياسية. وهناك مخاوف من احتدام الصراع في ليبيا، عقب إعلان سلاح الجو التابع لحفتر، بدء العمليات الجوية فوق سماء العاصمة الليبية طرابلس. وقال مصدر عسكري ليبي رفيع المستوى، وفقا لوكالة سبوتنيك الروسية ، إن الطيران الحربي التابع لقوات الجيش الوطني الليبي بدأ عملياته الجوية فوق العاصمة طرابلس، تحت قيادة خليفة حفتر. أما وزير الخارجية بحكومة الوفاق الوطني محمد سيالة، فقد كشف في وقت سابق ان الوزارة تبذل مساع دولية وإقليمية لوقف الاقتتال في ضواحي العاصمة طرابلس، والعودة إلى طاولة المفاوضات بعد اعلان المشير خليفة حفتر عن عملية عسكرية لبسط السيطرة على العاصمة. وأضاف سيالة، في تصريح نقلته تقارير إعلامية ليبية، إن الوزارة تقوم بجهود دبلوماسية واتصالات مكثفة مع المنظمات الدولية والإقليمية من أجل وقف الاقتتال ووضع حد للنزاع المسلح الذي تشهده ضواحي العاصمة طرابلس، وتجنيب المدنيين ويلات استمرار هذا الاقتتال. وأكد على أهمية وضرورة المضي في اتجاه الوصول إلى حل سياسي وفقا لخريطة الأممالمتحدة والقاضي، بعقد الملتقى الوطني الجامع بمدينة غدامس، الذي دعا إليه غسان سلامة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة منتصف الشهر الجاري، ليقرر الليبيون مستقبل بلدهم والإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية على قاعدة دستورية سليمة لإنهاء المراحل الانتقالية. من جهتها، أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوفاق الوطني الليبية، امس، عن ارتفاع حصيلة الاشتباكات التي تشهدها مناطق جنوب العاصمة طرابلس لليوم الرابع على التوالي الى 21 قتيلا. وكانت حصيلة سابقة لهذه الوزارة، أفادت بمقتل ستة عسكريين ومدني واحد وإصابة 55 غالبيتهم من العسكريين جراء الاشتباكات في ضواحي طرابلس. واندلعت اشتباكات في أكثر من جبهة على تخوم العاصمة الليبية طرابلس، بين الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني، الذي كان في مواجهة المجموعات المسلحة تحت قيادة خليفة حفتر. دعوات أممية ودولية لوقف التصعيد العسكري وأمام هذا التصعيد، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي، عن قلقه إزاء التوتر الحالي في ليبيا، داعيا جميع الاطراف لاستئناف الحوار السياسي الشامل دون تأخير، محذرا في تصريحات صحفية، نقلها موقع ليبيا اليوم ، من التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لليبيا مهما كانت طبيعته، مجددا التزام الاتحاد الإفريقي تجاه ليبيا ودعمه الكامل للشعب الليبي. كما أعربت الأممالمتحدة عن قلقها من تدهور الاوضاع الامنية في ليبيا، مشددة على أهمية الحل السياسي للأزمة الحالية، داعية لتجنب مواجهة دامية. ودعت بعثة الأممالمتحدة في ليبيا جميع الأطراف إلى احترام هدنة إنسانية لتأمين إجلاء القتلى والجرحى. ومن جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على أهمية الحل السياسي للأزمة الحالية التي تمر بها ليبيا. وقالت رئاسة الجمهورية الفرسية، في بيان لها، إن غوتيرش وماكرون ناقشا في مكالمة هاتفية الوضع في ليبيا بعد الزيارة التي قام بها الأمين العام للمنطقة، حيث شددا على أهمية الحل السياسي امتثالا للقانون الإنساني وقرارات مجلس الأمن. كما أكد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، أن بلاده تتابع الأوضاع في ليبيا عن كثب، قائلا في تصريح: نراقب الوضع في ليبيا عن كثب، تبعا لجلسة مجلس الأمن بقيادة بريطانيا وبيان مجموعة السبع . وأضاف: سوف نتخذ خطوات قادمة مع الاتحاد الأوروبي في بروكس، وسنسهم بكل السبل لتشجيع ضبط النفس . وعبرت العديد من الدول عن انشغالها البالغ من التطورات الخطيرة للأوضاع في ليبيا، على غرار تركيا، تونس، الاردن، المانيا وروسيا، وحثت جميع الأطراف إلى التحلي بأعلى درجات ضبط النفس وتفادي التصعيد الذي من شأنه أن يزيد في تعميق معاناة الشعب الليبي ويهدد انسجامه ووحدة أراضيه. مطار معيتيقة يتعرض للقصف تعرض مطار معيتيقة الدولي الليبي، اول امس، لقصف جوي من طائرة حربية، وذلك في اليوم الخامس للاشتباكات التي تشهدها العاصمة الليبية طرابلس. ونشرت إدارة مطار معيتيقة الدولي تدوينة عبر صفحتها الرسمية على (الفيسبوك)، بأن المطار تعرض لقصف جوي جراء غارة لطائرة حربية. وأكد خالد مسعود، أحد مسؤولي قسم الأمن والسلامة بمطار معيتيقة الدولي، في تصريحات صحفية، تعرض مدرج الطيران لضربة جوية لم تخلف أضرار بشرية. وقال: لقد تسببت الضربة بإصابة المدرج . وأكد المسؤول إيقاف حركة الملاحة الجوية مؤقتا، وتعليق الرحلات لجميع الشركات، مشيرا إلى إخلاء المطار من جميع المسافرين لأسباب أمنية. ولا يوجد أي منفذ جوي في غرب ليبيا والعاصمة طرابلس منذ سنوات، إلا مطار معيتيقة الدولي المقام داخل قاعدة طرابلس الجوية، ويتعرض لغارات جوية جراء اشتباكات مسلحة أو توترات أمنية تتسبب في تعطل الملاحة فيه مرارا. وتوقفت جميع رحلات شركات الطيران منذ 2014، عقب تدمير مطار طرابلس الدولي المنفذ الجوي الرئيسي في ليبيا، جراء القتال الذي انتهى بسيطرة قوات فجر ليبيا على العاصمة وبدأ الانقسام السياسي في ليبيا. وكانت قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، قد بدأت يوم الخميس الماضي، هجوما للسيطرة على العاصمة طرابلس التي تقودها حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا. وأعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية حالة النفير العام للقوات المسلحة الليبية والأجهزة الأمنية بالتعامل مع أي تهديد من شأنه السعي لزعزعة الاستقرار وترويع الآمنين. ودعت الولاياتالمتحدة ودول عدة ومجلس الأمن الدولي قوات خليفة حفتر إلى وقف عملياتها العسكرية ضد العاصمة الليبية فورا، والعودة إلى مواقعها السابقة.