تفاقمت مشكلة النفايات في الجزائر بتراكمها في كل مكان خاصة بالوسط الحضري، كما شهدت المدة الأخيرة ارتفاعا محسوسا، بحيث عرفت هذه الظاهرة توسعا رهيبا، إذ أصبحت القمامات والنفايات تعم شوارع وأحياء الجزائر عبر مختلف مناطقها. أين هي شوارع العاصمة التي لطالما اشتهرت بأزقتها النظيفة وجمالها ونقاوة محيطها البيئي، كما لقبت بالجزائر البيضاء؟ فأين بات البياض إذ السواد يغزو كل مناطقها بسبب القاذورات وأكوام الأوساخ؟ أينما وليت وجهك فثمة قمامة يعاني الجزائريون من ظاهرة انتشار القمامات، الأكياس البلاستيكية، فقد أصبحت النفايات والأوساخ تعم الأحياء والشوارع بشكل غير طبيعي، حيث يعد منظر القمامات ديكورا للشوارع الجزائرية فبمجرد رؤيتها، فإنها تبعث الاشمئزاز والتقزز في النفوس دون الحديث على الروائح الكريهة التي تبعثها هذه الأوساخ خاصة عند ارتفاع درجة الحرارة. فالعائلات الجزائرية لم تعد تجد أماكن تقضي فيها أيام الراحة دون رؤية مشهد أكوام القاذورات متناثرة في كل مكان، إذ أصبحت تغطي كل الأرصفة والمساحات فحتى الراجلين لا يجدون مكانا للسير في ممرات بعض الشوارع، كما جعلت الزائر لها يتحسر وهو يتجول في أحيائها وأزقتها، كما أنه يتأسف عن الحالة التي آل إليها هذا البلد الذي لطالما صنف من بين البلدان السياحية الراقية. كما أن هناك بعض المواطنين لا يبالون بهذا الوضع ولا يهمهم إن عاشوا وسط النفايات، بما أنهم اعتادوا رمي أوساخهم من نوافذ السيارات أو من شرفات المنازل. فقد صنعت هذه الأوساخ أحجام وألوان كل زاوية من زوايا الأحياء السكنية والأزقة، إلى جانب هذا أصبحت هذه الأماكن القذرة ملجأ للقطط والكلاب الضالة كما ساهمت في انتشار وتكاثر الحشرات والناموس وكذا الجرذان والفئران. الأطباء يكشفون بعض الأمراض التي تسبّبها الأوساخ أبدى العديد من السكان استياءهم على هذا الوضع الذي أصبح ظاهرة قائمة بذاتها، وتخوفهم الشديد من الأمراض التي قد تسببها هذه الأوساخ، حيث يقول أحد الأطباء في هذا الشأن: »العديد من الناس يجهلون الخطورة التي قد تسببها النفايات والأوساخ على حياتهم، فهي تعد مصدرا للميكروبات بمختلف أنواعها كالفيروسات التي تمثل سبب أغلب أنواع السرطانات كسرطان بوكرية واللوسيميا ...بالإضافة إلى الأمراض المعدية المميتة مثل السل، الكوليرا والتفويد...«. ويضيف طبيب آخر أن هذه الأوساخ تعد أيضا مصدرا للجراثيم التي تشكل خطرا كبيرا على حياة الإنسان فهي بمثابة عدو للإنسان، فهذه الجراثيم تأخذ أنواعا مختلفة كما أنها تسبب أمراضا خطيرة ولتفاديها يجب على كل واحد أن يحمي نفسه وذلك بنظافة الجسم المستمرة والقضاء على الأوساخ المنتشرة من حوله. عمال النظافة يعملون بشكل غير منتظم رغم المجهودات التي يقوم بها عمال النظافة على مستوى البلديات المتمثلة في كنس الطرقات والشوارع، بالإضافة إلى الشاحنات التي تمر لحمل النفايات، لكن يبقى هذا غير كافٍ كون الشوارع لازالت تعرف تدهورا كبيرا في مجال النظافة يظهر ذلك في صورة القمامات التي نراها مكدسة لأوقات طويلة على مستوى المفرغات، وهذا يرجع إلى التنظيف غير المنتظم والمداومة غير اليومية للأحياء والشوارع، فرغم قيام عمال النظافة بعملية جمع النفايات إلا أن ذلك لا يتم بشكل كلي، وفي بعض الأحيان يطول غياب أعوان النظافة لمدة أسبوع أو أكثر ولكم أن تتصوروا الشكل الذي تكون عليه الأحياء والشوارع دون أن ننسى الروائح الكريهة التي تبعثها، الأمر الذي بات يشكل خطرا على صحة وسلامة السكان. لهذا يلجأ المواطنون إلى حرق تلك النفايات والتخلص من الأوساخ التي تشوه منظر تلك المناطق وجمالها، لكن هذا لا يعتبر حلا دائما للمشكلة فقد تترتب عنه مشاكل أخرى فالدخان المتصاعد من مرمى النفايات يصل إلى المنازل ويسبّب أمراضا خاصة لشريحة الأطفال وكبار السن. حتى المواطن مسؤول عما يحدث يعد المواطن المسؤول الأول عما آلت إليه الأوضاع، فهو يخرج النفايات المنزلية في كل وقت متجاهلا الفترة التي حدّدتها البلدية وبما انه ليس هناك رقابة ولا قانون يعاقب على ذلك فمن يمنعه عن ذلك؟ لهذا السبب تبقى أكياس القمامات ملقاة على الأرصفة والطرقات لأوقات طويلة، إلى الجانب التصرفات غير اللبقة التي يقوم بها بعض المواطنين والتي تكمن في رمي القمامة من شرفات المنازل إلى الطريق العام دون خوف ولا خجل ولا يهمهم إن سقطت على رأس أحدهم أو تمزق الكيس وتبعثر ما بداخله.