تتفاقم مشاكل البيئة في الصيف وبالذات في الأحياء الشعبية وأسواقها الموازية التي تنقصها النظافة، وتتمرغ في الأوساخ والقاذورات التي تعتبر مجلبة للأمراض الجلدية، التنفسية أو حتى المستعصية. وأغلب المواطنين وللأسف يجهلون أو يتجاهلون مغبة العيش وسط النفايات والحشرات الضارة. المتجول في أغلبية شوارع العاصمة يلحظ الكم الهائل من النفايات والقاذورات المنتشرة والمتناثرة في الأحياء وعلى حواف الطرقات. أحياء شبه مفرغة تنبئ بكارثة لأن الأحياء القديمة التي يكثر فيها السكان هي الأكثر عرضة لهذ المظاهر، قصدنا بعض الأحياء الشعبية التي تكثر فيها التممعات السكنية، وأول ما جلب دهشتنا في حي ''ديار الشمس'' بالمدينة كثرة الأماكن التي تنتشر فيها المفرغات حيث أصبحت مصدرا للروائح الكريهة التي تنبعث على بعد عدة أمتار تشمئز منها النفوس، ناهيك عن الحشرات الضارة المتطايرة في كل الأرجاء وكذا الحيوانات المتشردة كالكلاب والقطط والفئران التي وجدت ضالتها بهذا الموقع السكني زد على ذلك تشويهها منظر حيهم، خاصة تلك الأكياس الكبيرة والصغيرة، منها الممزقة التي تخرج منها بعض القمامات والتي تعبر عن بقائها مرمية أسابيع طويلة. إضافة إلى ذلك فإن ما يشد انتباهنا فعلا هو تلك الأماكن التي خصصت للمساحات الخضراء التي جعلها سكان الحي بما يسمى شبه مفرغة. وبينما نحن نتجول في أزقة ذلك الحي، وفجأة، نرى من بعيد ومن أعلى العمارة شخصا يرمي كيسا من القمامة وإذا به ينفجر في الأرض فتتوزع الفضلات هنا وهناك. ولقد عبر أحد أفراد سكان الحي عن تذمرهم الشديد إزاء الحالة الكارثية التي آل إليها حيهم نظرا لعدم وجود ثقافة وتوعية بيئية تقوم بإرشاد السكان إلى ضرورة احترام البيئة والمحافظة على نظافة المحيط، ولقد أضاف السيد محمد وهو أحد الأفراد الذين يقطنون في ذلك الحي أن التوعية البيئية تبدأ من الأسرة (الأب والأم) مرورا بالمدرسة فالحي وتكبر إلى المدينة ككل، فنحن نرى أن بعض الآباء يأمرون أبناءهم بالذهاب إلى أسفل العمارة ورمي القمامة في أي مكان كان المهم بالنسبة له أن يبعد القاذورات عن بيته، فكيف يمكن لهذا الطفل أن يتربى على الخصال الحسنة وإذا بالقدوة التي من المفروض أن تعلمه المبادئ الأولية للنظافة غير موجودة. حماية المحيط من التلوث مسؤولية على عاتق الجميع يرى السيد مهدي القاطن في نفس الحي عندما سألناه عن المسؤول عن هذه الظاهرة، أن البلدية لا تضع تنظيما جيدا لرمي القمامة وبالتالي لا تسهم في حماية المحيط من التلوث، فعندما شعر أهل الحي أن الروائح بدأت تنتشر وتصل إلى قعر دارهم والحشرات الطائرة والزاحفة تنتقل من مكان إلى آخر كالصراصير والذباب والبعوض، وقد تعدى ذلك إلى انتشار أمراض الحساسية بين قاطني المجتمع السكني، هذا ما دفعنا إلى مطالبة السلطات المحلية بإيجاد الحلول في أسرع وقت. ''ولكن حدث ولاحرج فقد كنا ننتظر كل ليلة مجيء عمال النظافة لرفع القمامات إلا أنهم ينتقلون إلى الأحياء المجاورة ويمرون على حينا مرور الكرام، في حين يقوم عمال النظافة في بعض الأحياء برفع النفايات عن طريق الشاحنات المخصصة''. وفي تدخل لمواطن آخر يدعى السيد ''كمال''، حدثنا عن بعض المبادرات التي قام بها سكان حي ''ديار الشمس'' للتخفيف من حدة هذا المشكل البيئي، حيث قال ''نجتمع نحن شباب الحي ونخصص يوما للقيام بحملة تنظيف نعد بعض أدوات النظافة كأكياس بلاستيكية كبيرة وبعض مواد التنظيف كماء الجافيل وبعض المواد المطهرة فنجمع تلك النفايات لنضعها في أكياس كبيرة ونقوم بغلقها بإحكام حتى لا تشتم بعض الحيوانات الضالة الروائح الكريهة فتقوم بتمزيقها ثم نضعها في حاويات. كما وأشار لنا السيد ''جمال'' إلى حاويتين موضوعتين جانبا من الطراز القديم بباب الواد مدهونة باللون الأزرق والأخضر بغطاء منزوع. غير أن هذا العمل الجماعي والتحسيسي كان دون جدوى فبعد أيام قلائل عاد المكان إلى وضعه السابق. الأسواق الموازية تسا هم في تلويث المحيط إثر انتقالنا إلى حي آخر غير بعيد عن الحي السابق وهو حي ديار المحصول، اقتربنا إلى أحد أفراد الحي يدعى السعيد ليوضح أن المسؤولية الأولى تقع على المواطن لأن عمال النظافة عادة ينتقلون بشاحناتهم الخاصة بنقل القمامات والبقايا غير الصالحة للاستعمال في الليل. ومن المفروض على كل مواطن في حيه أن يخرج نفاياته ليلا ولكن بعضهم لا يحترمون أوقات رمي القمامة. إضافة إلى هذا انتشار الأسواق الموازية وأصحاب طاولات العرض الذين يتركون مخلفاتهم من خضر وفواكه فاسدة وأكياس وأوراق وجرائد وغيرها من المقتنيات التي يستعملونها ويعرضونها في مزاولة عملهم، مسببين بذلك فوضى ونفايات عارمة تهدد بانتشار مختلف الأمراض والأوبئة، إضافة إلى تشويه المنظر وانتشار الروائح الكريهة ومختلف أنواع الحشرات خاصة البعوض الذي يقلق راحتنا خاصة في الليل، بالرغم من أن، يضيف السيد سعيد، الاسلام دعانا إلى المحافظة على نظافة المحيط الذي نعيش فيه، فطلب من المسلمين تنظيف ساحاتهم من الأوساخ وجعل إماطة الأذى عن الطريق صدقة وحذر من تلويث أماكن الظل التي يستظل فيها الناس أو الطرق العمومية التي يمرون عليها برمي النجاسة أو القمامة فيها، لأن نظافة المحيط تسمح بالعيش في بيئة صحية وجميلة تمنع انتشار الأمراض وتدخل البهجة والسرور على النفوس. السلطات المحلية تتدخل للحد من تفاقم القمامة والقاذورات وأمام هذا الوضع وإثر استقصائنا لشهادات السكان، اقتربنا من مصالح البلدية المدنية حيث قابلنا السيد قادوري مسؤول البلدية الذي صرح لنا قائلا: ''.. إن مصالح هذه الأخيرة شرعت في إنشاء حاويات لجمع النفايات على مستوى عدة أحياء وبمحاذاة السوق البلدي وفي انتظار تعميم العملية على جميع الأحياء التي تفتقر لهذه الحاويات بعد تهديم القديمة لأسباب أمنية، وقصد تحسين صورة البلدية في مجال النظافة، يضيف السيد قادوري، قامت مصالحنا بتوظيف عدد من العمال تابعين لمؤسسة التنظيف ''نظيف وجميل'' الخاصة، حيث يقومون بصفة يومية برفع النفايات عن طريق الشاحنات المخصصة لذلك. كما سعت مصالح البلدية إلى الاستعانة بمثل هذه الشركات نظرا لعدم تمكن عمال مؤسسة ''نات كوم'' من تغطية جميع مناطق بلدية المدنية كونهم مكلفون بتنظيف أحياء كل البلديات التابعة للدائرة الإدارية لسيدي امحمد لأنه طالما اشتكى المواطنون من انعدام النظافة والحاويات بالمدنية، ما دفع بنا لتوظيف عمال نظافة جدد لتدارك هذا المشكل، كما يمكن الملاحظة أن الحاويات الجديدة تم بناؤها بطريقة عصرية ومختلفة عن تلك التي نشاهدها في بلديات أخرى، حيث يلاحظ المتنقل إلى عين المكان حاويتين كبيرتين مزدوجتين ببابين كما وتم تغطيتها بغطاء يشبه إلى حد كبير أسقف المنازل، لكن الدور والمهمة الكبيرة تبقى على عاتق المواطن الذي يجب عليه أن يحافظ على محيطه لسلامته الصحية وللمحافظة على جمال بيئته.