لم يتفاجئ الرأي العالم لتعيين رئيس الجمهورية عبد المالك سلال كوزير أول خلفا لأحمد أويحيى لعدة معطيات واعتبارات، منها معطيات فرضها الظرف الراهن الذي تعرفه الجزائر، ومنها ما أملتها السيرة الذاتية والمهنية لوزير الموارد المائية في الحكومة السابقة، ومن أبرزها ما يلي: أولا: يعتبر عبد المالك سلال شخصية تكنوقراطية "صافية"، وهو ما يؤهلها لقيادة الحكومة القادمة، التي ينصب مهامها في تنفيذ الإصلاحات التي باشرها رئيس الجمهورية بداية السنة الفارطة، حيث تعهد بإشراك كل الأطياف السياسية باختلاف توجهاتها الإيديولوجية، الأمر الذي يفرض منح قيادة الحكومة لشخصية تكنوقراطية غير متحزبة حتى تضمن أكثر شافية ومصداقية للإصلاحات، وهم مطلب الكثير من الفعاليات السياسية والشخصيات الوطنية عند بداية المشاورات بعد تعيين عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة، وهو الرجل الأرنداوي القوي كرأس حربة للخلية التي كلفها بقيادة المشاورات، بل قد اعتبر الفاعلون في الساحة الوطنية حيادة قيادتها شرطا أساسية لإنجاحها. ويحرص رئيس الجمهورية كل الحرص أن تكون المرحلة القادمة مرحلة الإصلاحات على جميع المستويات، سيما الجانب السياسي منها، فالمرحلة القادمة ستعرف الجزائر تعديلا جذريا للدستور، أو ميلاد دستور جديد لمرحلة جديدة، لهذا يسهر رئيس الجمهورية على مشاركة كل الاطياف السياسية باختلاف توجهاتها، وكل الفعاليات المدنية حتى يضمن توافقا في الأفكار، وتوازنا في الرؤى والتوجهات، ولا يعقل أن تتم هاته الخطوة برأس حكومة متحزب. ثانيا: لقد تمكن عبد المالك سلال في التحكم في قطاع الموارد المائية ونجح في تجاوز الكثير من العراقيل والمشاكل التي عرفها القطاع، حيث استطاع أن يتجاوز الإشكال المعقد الذي كانت تتخبط فيه الجزائر قبل سنة 1999، أين كان المواطن يعيش العطش في كل الولايات، وقد اكتسب سلال من خلال خبرته الرهان والتحدي، فحقق هدفه بإيصال الماء لحنفيات المواطن على مدار 24 ساعة على 24 ساعة، وهو ما تحقق في غالبته، إضافة إلى نجاحه في إنجاز مشروع القرن في قطاعه وهو تحويل المياه بالجنوب من عين صالح إلى تمنراست بالرغم من تعقيداته وصعوبته، الإنجازات الكثيرة التي حققها عبد المالك سلال في قطاع الموارد المائية جعلت المواطن يلمس تحسنا معتبرا في القطاع، وهو ما أكسبه شعبية في أوساط المجتمع. ثالثا: المسيرة المهنية لعبد المالك سلال، وتدرجه في مناصب المسؤولية تؤهله لأن يتحكم جيدا في تعقيدات وصعوبة المهمة الموكلة إليه، فقد تدرج عبد المالك سلال في مناصب مسؤولية متعددة وفي كثير من المستويات بداية من رئيس دائرة إلى وزير، فقد تقلد منصب رئيس دائرة تمنراست وأرزيو ثم ترقى إلى منصب والي في عدة ولايات، ثم مستشارا تقنيا بوزارة التربية، كما شغل منصب رئيس ديوان بوزارة الشؤون الخارجية.. كما اشتغل سلال أيضا في السلك الدبلوماسي كسفير للجزائر في المجر، كما تولى سلال قيادة عدة وزارات هامة على غرار الداخلية والأشغال العمومية والشباب والرياضة، وأخير الموارد المائية. كل هاته المناصب والمسؤوليات المتعددة التي تولها عبد المالك سلال، سمحت له بالاطلاع على الكثير من خفايا وخبايا العمل الإداري، كما اكسبته خبرة كبيرة في تسييره للأزمات والمشاكل التي تواجهه في عمله، هو ما يؤهل ليكون في مستوى التحديات التي تواجه في منصب الوزير الأول الذي يتطلب دراية بخفايا كل القطاعات، وكذا السرعة في اتخاذ القرار وإعطاء التوجيهات في حالة أي طارئ، وهذا ما يكون قد أهله ليكسب ثقة رئيس الجمهورية في قيادة الوزارة الأولى.