أدرج قاطنوا حي الوادي، ببلدية خميستي الميناء بولاية تيبازة، جملة المشاكل المحيطة بهم في خانة التهميش والإخلاف بالوعود التي طال أمد تحقيقها، حيث صنّف الحي من أخطر الأحياء القصديرية بالمنطقة، سواء من حيث مدة الإقامة التي تتراوح من 8 إلى 30 سنة، أو من حيث اتّساع رقعته وحجم المخاطر التي تعرّض لها السكان في الحي وفي زيارة قادت السياسي إلى الحي الذي كان شبه خالٍ من أي حركة للسكان بما أن الهدوء التّام يخيّم على مختلف أزقته المتداخلة والمتشابكة مع بعضها البعض، التقينا بأحد السكان من بين خمسة أشخاص أتوا للسكن في الحي بقرار من رئيس البلدية في سنة 1980، ليحدّثنا هذا الأخير عن تاريخ الحي وسكّانه ومعاناتهم اليومية مصرّحا أن سكان الحي يعيشون بشكل عادي، فهناك من يعمل في مجال الصيد باعتباره النشاط السائد بالمنطقة، في حين هناك أشخاص آخرين يعملون في النشاط الفلاحي. ولدى تعمّقنا أكثر في الحديث، أكد محدثنا أن سكان الحي سئموا من الأوضاع المزرية التي تزيد حدّتها مع نهاية فصل الصيف، لتصل إلى ذروتها في فصل الشتاء، باعتباره الفصل الذي يجلب معه البرد والعواصف والأمراض خاصة على الأطفال الصغار، حيث قال عند دخول فصل الشتاء وبداية هبوب الرياح القوية لا يسعنى إلا الإنتظار والترقب، ففي أي وقت يمكن أن تسقط علينا واحدة من أكبر أشجار الحي أو أحد أعمدة الكهرباء في هذه اللحظات توقّف نفس المتحدث عن الكلام لتذرف عيناه دموعا هادئة، ليقول عند ذكري للكهرباء تذكّرت ولدي ذو ال26 سنة الذي فقدته منذ أربع سنوات بسبب صعقة كهرباء طرحته جثة هامدة معاناة متواصلة طوال أيام السنة ومن جهة أخرى، أكّد عمي محمد ف البالغ من العمر 79 سنة، أن الأوضاع لا تطاق في معظم أيام السنة خاصة في فصل الشتاء، فجلّ السكان لاينامون ليلهم جراء تسرب مياء الأمطار إلى منازلهم من كل جهة، فتجدهم على أهبة الإستعداد لأي طارئ بسسب مرور الوادي وسط حيّهم الذي يأتي على الأخضر واليابس عند تساقط الأمطار ولو خفيفة، فيحجب جميع السكان عن الخروج لتجنب أي كارثة، بالإضافة إلى ذلك تعقد الأمر أكثر جراء الأوحال التي تكسو الطرقات عند سقوط الأمطار وفيضان الوادي، فلا أحد يمكنه الخروج من الحي، كما أن الأطفال في هذه الفترات، يحبسون في البيوت فلا يمكنهم الذهاب إلى مدارسهم لمزاولة الدراسة حتى تتوقف الأمطار وينتهي الخطر نهائيا وهو مايؤثر على مردودهم الدراسي وفي نفس السياق، أكدت أم كمال أن الوضع لايطاق فالخطر لايبارح بيوتنا نتيجة الأعداد الهائلة من الثعابين والجرذان التي تشكّل خطرا كبيرا علينا وعلى صغارنا، ففي فصل الصيف وحده قتلنا العديد من الثعابين والجرذان التي تأتي من الوادي الذي يمر وسط حينا، فنحن نصارع الخطر وحدنا، رغم أننا قدّمنا عدة شكاوى لرئيس البلدية وحتى مسؤولي الولاية، لكن تبقى وعودهم بتهيئة الوادي مجرد حبر على ورق، وكشفت ذات المتحدثة، أن البلدية قامت بإرسال أعوان لتنظيف الوادي في العديد من المرات، لكن بمجرد تساقط الأمطار تصبح المنطقة كما كانت أو أكثر وعن موضوع الإستفادة من السكنات، قال أحد السكان قلوبنا بردت جراء الوعود الكاذبة التي نتلقاها، فمنذ حوالي سنة ونصف، وجدنا أسمائنا في قوائم المستفيدين، لكن لحد الآن لم نرحل وفي ذات السياق، قال أحد الشباب أنا ولدت في هذا الحي، وتزوجت هنا، ومازال مصيرنا مجهولا، في إشارة منه إلى أن الوضع طال، فالكل يحلم بتربية أبنائه في بيت يحميهم من حر الصيف وبرد الشتاء، التي يعاني منها سكان الحي اليوم منذ ولادتهم، فهناك من تربوا في هذا الحي المفتقر لأدنى شروط العيش الكريم، على حد قولهم شباب فقد الأمل في الحياة ولدى تجاذبنا أطراف الحديث مع العديد من شباب الحي، سجّلنا نوعا من التحسر وفقدان الأمل في السلطات المحلية جراء أوضاعهم، فمن خلال تعبير أحد السكان استطعنا أن نسجل لوما وعتابا واتهاما في نفس الوقت من طرف الشباب على أحوالهم، فمعظم الشباب ضاعت حياتهم هنا، فلا مستوى دراسي ولاعمل ثابت، زيادة على هذا لم يسلم معظمهم من آفة المخدرات التي أصبحت تروّج بشكل عادي، وأمام الملء ليفتح المجال لآفات أخرى كالسرقة وغيرها غياب المياه ومشكل قنوات الصرف زادت من معاناتنا وعن المشكل الأكبر، يواصل محدثونا سرد معاناتهم، حيث كشف أحد السكان أن الحي ولحد الآن لم يتم تزويده بشبكتي المياه والكهرباء، ما اضطرهم للتنقل إلى مناطق أخرى من أجل جلب المياه الصالحة للشرب والغسيل، وأما عن الكهرباء، فإن معظم السكان أوصلوها بطريقة غير شرعية، لعدم توفر مخطط واضح للحي، لكن لم ينف سكان الحي خطر ذلك على صحتهم وصحة أبنائهم، خاصة وأن لديهم تجارب تعيسة بسبب الكهرباء، التي تسببت في فقدان 3 أشخاص لحد الساعة من بينهم إمرأتين. وفي نفس الإطارو واصل محدثونا اطلاعنا عن معاناتهم مع قنوات صرف المياه بعدما عمل كل السكان على توجيهها إلى وادي الحي، لكن الكارثة الكبرى عند ادتفاع منسوبه وفيضانه الذي يتسبب في عملية رجوع المياه إلى البيوت، وهو ما يحدث كوارث على المستوى الداخلي لبيوتهم تحمّل.. تحدي وصبر كبير ولدى حديثنا مع كبار سكان الحي الذين لمسنا فيهم صبرا وقلبا واسعا مصدره الإيمان بقضاء الله وقدره، بعد معاناة طويلة ومريرة حيث وفي كل مرة كان الحمد والشكر لله يتردد على أفواههم خاصة بعد أن أوصلو أبناءهم إلى بر الأمان، فتقول أم صابر الآن لا أخاف على أحد لأنني استطعت تربيتهم كما أريد، وتمكنت حتى من تزويج أبنائي الستة، فالدور اليوم دورهم في تربية أبنائهم وتعويضهم ماحرموا منه هم، كما ناشد سكان حي الوادي، ببلدية خميستي الميناء بولاية تيبازة، كافة السلطات المعنية التعجيل في إيجاد حل لمشكلتهم وترحيلهم .. والبلدية لا ترد ولدى محاولتنا التقرّب من المصالح المعنية، لم يتسن لنا ذلك بسبب عدم رد رئيس المجلس الشعبي البلدي على مكالماتنا الهاتفية.