السماحة السهولة، ورجل سمح أي جواد، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى السماحة في التعامل، ففي سنن النسائي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : »أدخل الله عز وجل رجلا كان سهلاً مشترياً وبائعاً وقاضياً ومقتضياً الجنة«، وفي صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى«، ومعنى اقتضى: طلب قضاء حقه بسهولة وعدم إلحاف، وإذا قضى أي أعطى الذي عليه بسهولة بغير مطل، والمطل هو التأخير. وفي هذه الأحاديث الشريفة الحض على السماحة في المعاملة واستعمال معالي الأخلاق وترك المشاحة، والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم. ومن الأخلاق الفاضلة في التعامل التي شرعها الإسلام التيسير على المدين إذا كان معسراً أي كان عاجزاً عن الوفاء بدينه لفقره وذلك بانتظاره إلى حين يجد وفاء دينه، وهذا واجب لقوله تعالى: »وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة«. كما استحب الشرع الحنيف التخفيف والتجاوز عن المعسر بالعفو عن الدين أو بعضه، وقد جاءت أحاديث نبوية كثيرة تدل على فضل هذا العمل، وتبين أنه سبب لتيسير الله عز وجل على فاعله في الدنيا والآخرة، ومن الأحاديث الدالة على التيسير والأجر العظيم في الآخرة: في صحيح البخاري عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: »مات رجل فقيل له: قال: كنت أبايع الناس فأتجوز عن الموسر وأخفف عن المعسر، فغفر له. قال أبو مسعود سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، وفي صحيح مسلم عن أبي اليسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أنظر معسرا، أو وضع عنه أظله الله في ظله، وأيضا عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: »من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر، أو يضع عنه«، وفي سنن النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس فيقول لرسوله خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله تعالى أن يتجاوز عنا، فلما هلك قال الله عز وجل له: هل عملت خيرا قط؟ قال: لا، إلا أنه كان لي غلام وكنت أداين الناس فإذا بعثته ليتقاضى قلت له: خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، قال الله تعالى: قد تجاوزت عنك«. إن التخفيف عن المعسر بالعفو عن الدين أو بعضه من باب إعانة المسلم أخاه، وقد وعد الله تعالى وهو لا يخلف الميعاد بأن يعين من أعان أخاه، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : »والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه«، والتنازل عن الدَين من باب الصدقة، ومن فوائد الصدقة في الدنيا أنها تمنع ميتة السوء، ففي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: »والصدقة تمنع ميتة السوء«، وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »صنائع المعروف تقي مصارع السوء وصدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر«. ومن هذه الفوائد: تحقيق البركة في الرزق، قال الله تبارك وتعالى: »يمحق الله الربا ويربي الصدقات« (البقرة: 276). هذا مع ما وعد الله به المتصدق من إخلاف ما أنفق، قال الله تعالى: »وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين« (سبأ: 39)، وفي صحيح مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : »ما نقصت صدقة من مال«.