مع الزوج تظهر آثار السماحة في جميع مظاهر حياة صاحبها، فانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجه «عائشة» رضي الله عنها حين قصدت الحج والعمرة، فأصابها الحيض فحزنت لعدم تمكنها من أداء العمرة وبكت لذلك وقالت "يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة"، يقول «جابر بن عبد الله» "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً سهلا، حتى إذا هَوِيَتْ الشيء تابعها عليه، فأرسلها مع عبد الرحمن بن أبي بكر فأهلّت بعمرة من التنعيم"، قال «النووي» "سهلا؛ أي سهل الخلق، كريم الشمائل، لطيفًا ميسرًا في الخلق"، رواه «مسلم». مع المدعوين تأمل سماحة رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته، فحين وجد ريح ثوم في مسجده، نهى الصحابة عن أن يرد أحد مسجده قبل ذهاب ريح الثوم منه، وكان المقصود بالنهي «المغيرة بن شعبة»، يقول رضي الله عنه "أتيته فقلت؛ يا رسول الله إن لي عذرًا، ناولني يدك، قال فوجدته والله سهلا، فناولني يده فأدخلتها في كمي إلى صدري، فوجده معصوبًا، فقال؛ إن لك عذرًا"، فعذره حين وجد أنه أكل الثوم لمرض. العلاقة بين الصبر والسماحة إن مما عرّف به رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان قوله "الإيمان؛ الصبر والسماحة"، حيث عرّف الإيمان بحسن المعاملة مع الخالق والمعاملة مع المخلوق، وكأنما يريد بالصبر علاقة العبد مع ربه؛ بالصبر على طاعته والصبر عن معصيته والصبر على أقداره، وكأنما أراد بالسماحة علاقة العبد بأخيه، حيث تغلب عليها السهولة والمياسرة والسماحة وقابلية التوسيع والتناول لرضى الله وفيما يرضي الله، وربما كان من حكمة الربط بينما أن السماحة تقتضي قدرًا كبيرًا من الصبر والتحمل "وَلَمَن صَبَرَ وغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ".