يواصل أعضاء المجلس الوطني التأسيسي في تونس التصويت لاختيار أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي ستشرف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة مبدئيا نهاية العام الحالي وبداية العام القادم. وكان النواب قد توصلوا في ساعة متأخرة من الليلة الماضية إلى انتخاب ستة أعضاء فقط من بين التسعة الذين يشكلون الهيئة العليا، بعدما تعذر التوصل إلى توافقات بين الكتل النيابية الرئيسية لاختيار الأعضاء الباقين، وفقا لتصريحات العربي عبيد النائب الثاني لرئيس المجلس الوطني التأسيسي لوكالة الأنباء التونسية الرسمية. وقد جرت مفاوضات مكثفة بين مختلف الكتل وخاصة كتلة النهضة -الحاصلة على أغلبية المقاعد بالمجلس التأسيسي- للتوافق على الأعضاء الثلاثة الباقين، إلا أن هذه المفاوضات لم تشهد تقدما مما أدى إلى تأجيلها، وفقا للمصدر ذاته. من جهتها قالت وكالة الأنباء الألمانية إن النواب سينتخبون اليوم ممثلين عن التونسيين في الخارج والقضاء العدلي والمالية العمومية، بأغلبية الثلثين، ليكتمل نصاب الهيئة ويتم إثر ذلك انتخاب رئيسها بالأغلبية المطلقة. وتضم الهيئة الجديدة ممثلين عن الأساتذة الجامعيين والقضاة الإداريين والمحامين وعدول الإشهاد والاتصال والسلامة المعلوماتية (جامعيون)، بعدما وافقت لجنة فرز الترشحات على قبول ملفات 36 مترشحا. وتأتي هذه الخطوة بعد شهور من الانتظار وتعطل إجراءات فرز المترشحين بسبب الخلافات حول السلم التقييمي وشروط الترشح، إلا أنها قوبلت ببعض الانتقادات. وانتقدت جمعية "عتيد" لمراقبة الانتخابات أعمال اللجنة المكلفة بفرز ملفات الترشح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بسبب "انعدام الشفافية في أشغالها شكلا ومضمونا"، حسب تعبيرها. وصرح رئيس الجمعية معز بوراوي بأن إجراءات اختيار أعضاء الهيئة العليا كانت "خاطئة وغير نزيهة ومخالفة للقانون"، معتبرا أنها "خضعت لمحاصصة حزبية وتجاذبات سياسية ضيقة وغير أخلاقية". ويتوقف تحديد ملامح الخارطة السياسية التي ستنهي المرحلة الانتقالية بعد أكثر من عامين على ثورة 14 جانفي 2011، على انتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وإصدار قانون انتخابي وتحديد تواريخ محددة لموعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وهذه من أبرز المطالب التي تنادي بها الأحزاب المعارضة لتسريع المرحلة الانتقالية وتجنب هيمنة الائتلاف الحاكم الحالي، أو سيطرته على مفاصل الدولة. يشار إلى أن خبراء وبينهم كمال الجندوبي رئيس الهيئة السابقة للانتخابات التي أشرفت على أول انتخابات ديمقراطية ونزيهة في تاريخ البلاد أفرزت المجلس الوطني التأسيسي يوم 23 أكتوبر 2011، يؤكدون أن مدة الإعداد اللوجستي والفني للانتخابات لن تقل عن ثمانية إلى عشرة أشهر