حي «سيلاست» القصديري الواقع على مستوى بلدية بني مسوس بالعاصمة، واحد من أقدم الأحياء القصديرية التي تنتشر على مستوى ذات المنطقة الذي تعيش فيه عشرات العائلات القاطنة على ضفاف الوادي المحاذي له، حياة لا يمكن وصفها إلا بالمزرية نتيجة المأساة التي يتجرعونها بإقامتهم في بيوت تفتقر لأدنى معايير ومقومات الحياة وسط غياب تام للمرافق الضرورية، في انتظار الفرج والترحيل الموعود. «السياسي» تنقلت إلى الحي القصديري المذكور آنفا، متحدثة إلى سكانه الذين تساءلوا عن سر عدم التفاتة السلطات المحلية لمعضلة السكن التي طال انتظار حلها، حيث أن بعضهم يقطن في الحي منذ ما يناهز الثلاثة عقود، ويقبعون منذ سنوات عديدة في سكنات تغيب فيها أدنى معايير العيش، التي تبقى بعيدة المنال عنهم - حسبما جاء في شهادات السكان- وقد أبدى محدثونا شديد تذمرهم جراء ما أسموه بتخلي المسؤولين المحليين عن وعودهم التي أغدقوا بها المواطنين خلال حملاتهم الانتخابية السابقة من دون أن تجد سبيلا للتجسيد على أرض، وبالتحديد فيما يتعلق بترحيلهم إلى سكنات لائقة في أقرب الآجال، حيث أكدت لنا إحدى السيدات أنها تقطن بالحي رفقة عائلتها منذ ما يقارب العشرين سنة وفي كل مرة يسمعون نفس الوعود تتردد على مسامعهم بشأن الترحيل المرتقب غير أن أحلامهم تنهار مع الإعلان عن قوائم المستفيدين. كسور وانزلاقات بأرضيات غير مزفتة وفيما يتعلق بجملة المشاكل التي يتخبط بها السكان بذات الحي فقد أكدوا على أن طرقات ومسالك حيهم، ترابية ومهترئة أكسبت الحي طابعا ريفيا بإمتياز، كونها لم تعرف أي عملية تزفيت مما جعلها تشكل خطرا على قاطني الحي، وباتت كابوسا عكر صفو حياتهم بالنظر لدرجة الاهتراء التي آلت إليها والتي أصبحت السبب المباشر في عرقلة حركة المرور من جهة، على الرغم من النداءات العديدة والشكاوي التي تقدم بها هؤلاء إلى السلطات المحلية قصد التعجيل في تعبيدها لكن دون جدوى، ليتواصل سيناريو معاناة سكان الحي مع تلك المسالك وعلى مدار السنة. وبهذا الشأن، أعرب سكان حي سيلاست عن عميق استيائهم وتخوفهم من استمرار الحالة الكارثية التي باتت تشهدها الطرقات، حيث تتحوّل خلال فصل الشتاء وبمجرد تساقط قطرات المطر الأولى إلى برك من الأوحال المتراكمة، وقد تسببت هذه الوضعية حسب تأكيد السكان في حدوث العديد من الإنزلاقات، فكثيرا ما سجلت إصابات متفاوتة كان ضحيتها الأطفال الذين يقصدون المدارس وسط تنقل محفوف بالمخاطر وحتى كبار السن لم يسلموا من الوضع القائم، حيث يصعب اجتياز تلك المسالك دون استخدام الأحذية البلاستيكية، فضلا عن غياب البالوعات الأمر الذي تسبب في تفاقم الأوضاع. زيادة على محاذاة الوادي لهم مما يثير لديهم الخوف والهلع من ارتفاع منسوبه مع تهاطل الأمطار الغزيرة خلال فصل الشتاء، في الوقت الذي تتحول فيه تلك الطرقات خلال فصل الصيف إلى مصدر للغبار المتطاير الذي يغزو المنطقة ويعكر جوّها، لتصبح هذه الوضعية مصدر قلق واستياء، كبير في أوساط سكان الحي الذين لم يخفوا تذمرهم من تجاهل السلطات المحلية لمعاناتهم. 10 عائلات تشترك بعداد كهربائي واحد استنكرت عائلات حي سيلاست سياسة اللامبالاة المنتهجة من طرف مسؤوليهم المحليين الذين لم يعيروا أي اهتمام لمعاناتها ونقل معضلتهم إلى السلطات الولائية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيال مشاكلهم التي لا تعد ولا تحصى، خاصة أنهم يعيشون في منازل لا يمكن وصفها إلا بالجحور بالنظر إلى حالة التصدع الكبير الذي تعرفه الأسقف واهتراء الجدران وأضحت معرضة إلى الانهيار في أية لحظة على رؤوسهم أشار السكان في هذا الخصوص أن حوالي عشرة عائلات تربط منازلها من عداد واحد الأمر الذي تسبب في كثير من الأحيان بشرارة كهربائية قد تؤدي بحياتهم. جرذان تقاسمهم العيش كما أكد السكان في حديثهم على أن سكناتهم أصبحت غير صالحة للإيواء، لأنها تحولت مع مرور الوقت إلى وكر للجرذان، سيما أمام تعفن الوضع البيئي الناجم عن قنوات الصرف العشوائية التي شكلت حالة من الإنسداد، حيث تصرف المياه بطريقة عشوائية وصلت حد المنازل التي وجدت صعوبة كبيرة في احتوائها، ما بات ينذر بكارثة صحية وإيكولوجية خطيرة، هذا دون الحديث عن الرطوبة العالية بالمكان الذي أضحى خطرا على صحة قاطنيه، خاصة مرضى الأمراض الصدرية والحساسية الذين تزداد حالتهم سوءا يوما بعد يوم في منازل هشة، وما زاد من ألم المعاناة عند أغلب العائلات وتحديدا أرباب الأسر هو أن جلهم يجدون أنفسهم مجبرين على دفع تكاليف العلاج الباهضة للأدوية التي أثقلت كاهلهم، خاصة في ظل عدم استفادتهم من الضمان الاجتماعي. في سياق آخر، تحدث ذات المواطنين عن النقص المسجل في تزويدهم بالمياه الصالحة للشرب، الأمر الذي يضطرهم إلى الاستعانة بالدلاء لجلب ما يمكن جلبه من هذه المادة التي تعد أكثر من ضرورية في موسم الصيف، ضف إلى ذلك مشكل الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي والذي حسبهم يرجع إلى التركيب العشوائي للكوابل الكهربائية التي أنجزوها بمفردهم بعد أن تجرعوا معاناة الظلام التي عاشوها طيلة سنوات. الحي قبلة للصوص والمنحرفين ومن بين الظواهر السلبية التي رصدتها «السياسي» خلال معاينتها للمكان، ظاهرة الإعتداءات والسرقات المتكررة من قبل المنحرفين واللصوص في الحي هذا الأخير الذي يضم كثافة سكانية معتبرة الأمر الذي بات يثير مخاوف السكان، حيث أشار لنا أحدهم أن المعتدين لا يتوانون في استعمال كافة التهديدات سواءا كانت لفظية أو جسدية أو حتى بإستعمال الأسلحة البيضاء بغية سلبهم أغراضهم التي يحوزون عليها، حيث يستهدفون الرجال والنساء، الكبار والصغار الذين لم يسلموا من اللصوص الذين يترصدونهم أحيانا بالقرب من المنازل، دون أي خوف أو تردد كما لا تقتصر على الليل الذي عادة ما يستغله المنحرفون لتنفيذ خططهم، بل أيضا في وضح النهار، حيث أصبح هؤلاء اللصوص يترصدون بقاطني الحي عند مغادرة منازلهم صباحا للاعتداء عليهم والاستيلاء على ما في حوزتهم. ..ووعود بالترحيل قبل نهاية السنة على الرغم من نبرة المعاناة والغبن التي تحدث إلينا بها جل القاطنين بالحي القصديري «سيلاست» إلاّ أنهم لم يخفوا آمالهم في أن يتم تطبيق ما وعدوا به سابقا على أرض الواقع وهو ترحيلهم إلى سكنات لائقة تعيد إليهم حلمهم بالعيش الكريم، بعد إنتظار دام لسنوات طويلة، وقد كشفت لنا «كريمة» أن اللجان المعنية قد قامت بزيارات ميدانية متعددة للحي القصديري واطلعت على الوضع المزري الذي يعيشون فيه، حيث وعدوا بالترحيل عدة مرات وحسب ما استقصته العائلات من بعض الجهات المحلية التي أكدت لها بأنه سيتم ترحيلهم قبل حلول العام القادم على أقل تقدير. وإلى حين أن يتم قطع الوعد ما زال سكان حي سيلاست يأملون في نسيان سنوات الحرمان التي عاشوها في تلك السكنات وتعويض أبنائهم بما هو أفضل لهم والعيش داخل منزل آمن يحفظ لهم حقهم الطبيعي.