يناشد سكان حي سيلاست القصديري المتواجد ببلدية بوزيعة المسؤولين المعنيين من أجل التدخل العاجل لانتشالهم من الوضعية الكارثية التي يعيشونها، ووضع حد للمعاناة التي دامت أكثر من 15 سنة. ما يزال حي سيلاست يشهد نموا متزايدا في الكثافة السكانية رغم الظروف القاسية التي طبعته، مع انعدام كلي لأدنى وأهم مقومات العيش الكريم، حيث تنعدم به جل مؤشرات التنمية، وذلك حسب قاطني الحي يرجع وبالدرجة الأولى إلى إهمال وتقاعس المسؤولين المعنيين الذين لا يكترثون للمعاناة التي زادت من تضييق الخناق على يوميات المواطنين. وضعية كارثية تستدعي تدخل وزير السكن أول ما تطرّق إليه السكان في حديثهم مع "الجزائرالجديدة" هو مشكل السكن الذي يعد من أكبر المشاكل التي يعاني منها هؤلاء لا سيما أمام الانتشار الفطري للبنايات الفوضوية، التي تسعى الدولة وبجميع هياكلها القضاء على هذه الظاهرة والتي حوّلت حياة السكان إلى جحيم ترجمته الصورة والشكل العام للحي، التي تتجسد في أزمة السكن في أبرز صورة، فمشكل السكن هو المشكل الأساسي الذي يعاني منه قاطني الحي الذين طالبوا وفي العديد من المرات من السلطات الوصية ضرورة انتشالهم من تلك البيوت التي أصبحت آيلة للسقوط في أية لحظة خاصة بعد الحالة الكارثية التي آلت إليها وذلك بالنظر للهشاشة التي أصبحت تميّزها، لكن ذلك دون جدوى. وقال أحمد أحد قاطني الحي أن معظم السكنات التي تم إنجازها في الحي كانت خلال العشرية السوداء التي عرفتها البلاد، أين قام الكثير من المواطنين والقادمين من مختلف الولايات المجاورة، وحتى بالعاصمة بإنجاز بنايات بعد أن استغلوا المساحات المتواجدة بالحي في بناء أكواخ بمقاييس لا تمت بصلة بالمقاييس المعمول بها، تحملوا من خلالها معاناة حقيقية ومعيشة الذل والمهانة على حد تعبيرهم. وما زاد في حدّتها، وحسب السيدة "ليلى،م" قاطنة بالحي الأمراض المزمنة التي انتشرت بالحي، كالربو والحساسية وخاصة الروماتيزم لدى كبار السن، وذلك بسبب الرطوبة العالية الموجودة داخل الأكواخ، وفي هذا السياق أشارت لنا محدثتنا عن المعاناة التي تجرعتها وولدتها المريضة والتي أصيبت بهذا المرض منذ 12 سنة، الأمر الذي جعلها طريحة الفراش طيلة تلك الفترة، وابنتها المصابة بالربو، والتي لم تساعدها الظروف لمعالجتها. هي مالعاناة نفسها تعيشها السيدة حياة التي أقامت بالحي بعد انهيار مسكنها خلال فيضان باب الوادي حيث قام المسؤولين آنذاك بإنجاز بعض المساكن، وحسب هؤلاء مؤقتا والتي كان من المفترض ترحيلها في مدة أقصاها سنة، ويتم ترحيلها مع أول مشروع تستفيد به البلدية، لكن المدة تجاوزت 09 سنوات ولا جديد يذكر، وفي هذا السياق تساءل السكان عن البرنامج الذي طرحه رئيس الجمهورية والذي من المفترض ترحيل جميع السكان القاطنين بالسكنات الفوضوية قبل نهاية 2011. مرافق غائبة ولا أثر للتهيئة من الانشغالات التي طرحها سكان حي سيلاست هو مشكل غياب المرافق الضرورية على غرار الغاز، الماء، الكهرباء، وغيرها هذا ما جعل حياة السكان تتفاقم وأصبح العيش بهذا الحي أشبه بالمستحيل. فحسب فريد أحد القاطنين وهو أب لطفلين أنه يلجأ والعديد من قاطني الحي إلى مسجد الحي لجلب المياه التي تنقطع بالحي لفترات طويلة وذلك نتيجة التركيب العشوائي للقنوات الخاصة بشبكة المياه حسب محدثينا، مما يجعلها عرضة من حين للآخر للأعطاب المتكررة و يلجأ هؤلاء بأنفسهم لإصلاحها دون مراعاة أي شروط ضرورية لذلك. ناهيك عن افتقار الحي للغاز والذي ولّد معاناة شديدة لهم جراء سعيهم اليومي وراء قارورات غاز البوتان التي يضطرون لاقتناءها بشكل يومي خاصة في فصل الشتاء أين يكثر الطلب عليها. كما أضاف محدثنا الأسعار المتضاربة التي يسعى إلى فرضها بعض الباعة مستغلين الظروف القاسية التي يعيشها، السكان ليطلبوا أسعارا باهظة لأنهم وبكل بساطة يستعملون شاحناتهم الخاصة لإيصال هذه القارورات إلى الموقع. أما فيما يتعلق بالكهرباء فقد أكد محدثونا أنهم يمدونها بأسلاك كهربائية من طرف بعض قاطني الأحياء المجاورة، بطريقة عشوائية وباستعمال أعمدة خشبية هشة، مقابل تقاسمهم في تسديد الفواتير الكهربائية، غير أن الوضع وحسبما لاحظناه أصبح ينبأ بحدوث كارثة إنسانية، خاصة وأن تلك الأعمدة في مجملها هشة قابلة للسقوط في أية لحظة، ناهيك عن الشرارات الكهربائية التي تحدث كل فينة وأخرى خاصة عند تهاطل الأمطار، أو عندما تشتد قوة الرياح، ما جعلهم يعيشون في خوف دائم. ضف إلى ذلك مشكل غياب الإنارة العمومية بالحي التي تسبب لها هو الأخر في العديد من المعاناة خاصة بعد الاعتداءات التي أضحت لا تفارق الحي والتي بذلك تزيد لسابقيها حجم المعاناة التي يتكبدها هؤلاء، كما أكد السكان أن الحي أصبح بمثابة وكر يلم المنحرفين الذين ينتظرون اللحظة الملائمة ليلتموا حول فريستهم والتي تكون دوما من قاطني الحي أو حتى الزائرين الذين لم يسلموا من هؤلاء المنحرفين الذين أصبحوا يتفننون في استعمال الأسلحة البيضاء. سنة 2010 وما يزال الحي يفتقد لقنوات الصرف الصحي معاناة السكان بالحي فاقت كل التوقعات وذلك بعد تفاقم الأوضاع إلى درجة لا يمكن لأي واحد منا تخيّلها، فبعد غياب الماء والغاز والكهرباء، يليها مشكل قنوات الصرف الصحي ليزيد بذلك في تعميق حجم المعاناة التي يتكبدها السكان، وقد أكد سكان الحي في هذا السياق أنهم لجأوا وبفعل اضطراري إلى إنجاز شبكات خاصة بصرف المياه القذرة بطرق عشوائية تفتقد لأدنى المعايير والمقاييس المعمول بها في هذا الإطار. الأمر الذي ساهم في تدفق المياه القذرة على السطح وتراكمها أمام أكواخهم بسبب الأعطاب التي تلتحق بهذه الأخيرة وبشكل مستمر، ناهيك عن الروائح الكريهة المنبعثة من المياه المتراكمة والتي أصبحت لا تطاق، بالإضافة إلى الحشرات والحيوانات الضالة التي أصبحت لا تفارق الحي. فضلا على الأمراض المنتشرة والمتنقلة عبر المياه وبذلك أصبح السكان يعيشون مأساة حقيقية. هذا إلى جانب المسالك الوعرة التي يسلكها القاطنون من أجل الالتحاق بمساكنهم، وذلك في ظل افتقار الحي إلى طريق واضح ومهيأ، والتي تصعب في الحركة والتنقلات اليومية للمواطنين الذين ذاقوا ذرعا من هذه الوضعية، ويزداد الوضع سوءا عند تساقط الأمطار أين تضاف إلى تلك الأخيرة أوحال وبرك مائية يصبح اجتيازها يشبه المستحيل. الفقر والعزلة يطبعان يوميات السكان هاهي معاناة السكان تتواصل رغم المناشدات والوعود التي يتلقونها في كل مرة من قبل مختلف المسؤولين الذين يقومون بزيارة المكان، فالفقر والعزلة التي يعيشها سكان الحي ساهم في تدني حالتهم الاجتماعية أمام انعدام فرص التشغيل ما أدى إلى استفحال مشكل البطالة خاصة لدى الشباب، الذين لم يجدوا أمام هذه الظروف سوى اللجوء إلى المخدرات وذلك من أجل نسيان واقعهم المرير. وفي هذا الصدد طالب السكان من المسؤوليين من أجل النظر وبشكل جدي في انشغالات المواطنين خاصة لفئة الشباب باعتبارهم الركيزة الأساسية في مجتمعنا. المواطنون يستغيثون وأمام الدوامة المغلقة التي يعيشها سكان حي سيلاست في ظل غياب أدنى ضروريات الحياة، جدد سكان الحي مطالبهم ومناشدتهم للمسؤولين من أجل انتشالهم من الأوضاع التي أصبحت لا تطاق، وذلك بترحيلهم إلى سكنات لائقة خاصة وأنهم تلقوا الكثير من الوعود بهذا الخصوص مؤكدين على ضرورة الالتزام بهذه الأخيرة قبل تأزم الوضع والخروج في احتجاجات يمكن أن يحدث من خلالها ما لا يحمد عقباه.